استنكر بيت الحكمة التصريحات الاعلامية لحسن الكتاني، احد شيوخ السلفية الجهادية بالمغرب، الذي اعتبر أن الديمقراطية نظام علماني لا يصلح للمسلمين وأن الدول تقوم بالهيبة وذهاب الهيبة هو ذهاب للدولة في إشارة إلى إباحة التقتيل والعنف والاستبداد. وجاء في بلاغ لبيت الحكمة، توصلت شعب بريس بنسخة منه، ان حسن الكتاني بخرجته الاعلامية هذه، لا يعادي القيم الكونية للإنسانية فقط، بل وضع نفسه ضد حركية التاريخ مع ما راكمته البشرية من تطورات وتقدم مذهل في شتى المجالات على مر العصور.
وأكد بلاغ جمعية بيت الحكمة، التي تترأسها خديجة الرويسي، أن تصريح الكتاني يترجم في العمق العداء الدفين لقيم التعددية والاختلاف، ولمقومات التمثيلية السياسية المبنية على قواعد وأعراف الديمقراطية الكونية ضدا على أنماط الحكم الديكتاتوري والشمولي أيا كانت مرجعياته.
كما أن تصريحات الكتاني، يضيف ذات البلاغ، تبرز الطابع الحربائي للفكر السلفي الذي يعلن القيام ب"مراجعات" فكرية دون تحقيق ذلك عمليا، حيث اعتبر الشيخ، يقول البلاغ، في معرض دفاعه عن حكم "الإخوان المسلمين"، واستخلاصا منه لدروس مصر بأن "الذي يحكم يجب أن يكون حازما قويا " و"أن الحدود الشديدة شرعت لردع الجناة وترهيب غيرهم " و"أن الناس تهاب القوي ولو كان ظالما"..
واعتبر بيت الحكمة أن هذه التصريحات بقدر ما تترجم تصورات الفكر السلفي لدى بعض رموز هذا التيار، بقدر ما تعكس الإيديولوجية التحكمية التي ينبني عليها هذا الفكر الذي يشرعن الاستبداد والترهيب والطغيان باسم الدين، إلى درجة إباحة التقتيل والعنف وتبرير هيمنة الحاكم المستبد باسم ما يسميه الكتاني "هيبة الدولة".
أن تصريح الكتاني وبدون تردد، يقول البلاغ، بأن "الدول تقوم بالهيبة ، وذهاب الهيبة هو ذهاب للدولة"، هي دعوة صريحة للاستبداد، حيث يدرك الجميع اليوم بأن "هيبة الدولة" لا تقوم على الغلبة والعنف، وإنما مصدرها احترام القانون والحريات وحقوق المواطنة.
وأضاف بيت الحكمة في بلاغه ان المرجعية التي تستند عليها هذه التصريحات، بقدر ما تعادي أسس الدولة المدنية القائمة على التداول الديمقراطي والسلمي على السلطة، بقدر ما تختبئ وراء الدين لتبرير الهيمنة السياسية والحكم الشمولي، ناهيك عن كونها تريد إيقاف عجلة التاريخ، وإرجاع البشرية قرونا إلى الوراء.
ونبه بيت الحكمة إلى خطورة هذا النوع من التفكير الذي يتنكر للتاريخ، ويعادي مكتسبات المجتمع العصري، ويذكي فتيل الفتنة والتطرف ضدا على القيم الإنسانية النبيلة القائمة على الحوار والانفتاح ونبذ العنف والاستبداد أيا كان نوعه ومنطلقاته.