استند بيان المجلس الوطني لحزب الاستقلال في قرار انسحاب الحزب من حكومة عبد الاله بنكيران إلى الفصل 42 من دستور 2011، إيمانا منه بالاحتكام لهذه الوثيقة الدستورية التعاقدية، ومناسبة لتفعيل بنودها، طبقا لروح وفلسفة المشرع الدستوري في ظل استمرار حجب الأشغال التحضيرية لحدود تاريخ يومه، علما أنها مِلْك مُشاع بين عموم المغاربة، وحق يلزمه الدستور نفسه من خلال التنصيص على الحق في المعلومة، فضلا عما تفرضه ضرورة إشاعة الثقافة الحقوقية والقانونية في إطار توعية وتحسيس المواطنين أيضا. وعِوَض أن نواكب قراءة متأنية لمقتضى الفصل 42 تابعنا، عبر عدد من وسائل الإعلام، "شروحات" لمقتضيات لا علاقة لها مرحليا بنازلة الحال، كشأن الفصل 47، الذي يتحدث عن تعيين رئيس الحكومة وأعضائها وإعفائهم واسقالتهم...ومواصلة الحكومة المنتهية مهامها تصريف الأمور الجارية إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
إن لجوء حزب الاستقلال في قرار انسحابه من الحكومة إلى الفصل 42 يستدعي منا الوقوف عند دقائق وجزئيات هذا الفصل، خصوصا في فقرته الأولى، التي بدأت الحديث أولا عن "الملك كرئيس للدولة"، وحدَّدت له 10 وظائف، فُصل بين جُمَلِهَا بِفَوَاصِلَ، طبقا لما ورد في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.
ومن بين هذه الوظائف/ المهام "السهر على احترام الدستور"، "وحسن سير المؤسسات الدستورية"، ولا شك أن الحكومة "مؤسسة دستورية" يسهر الملك على حسن سيرها.
إن المطلوب من ذوي الاختصاص المؤهلين للشروحات الدستورية تقديم قراءة متأنية للفصل 42 أولا، ومنسجمة مع منطوقه وفلسفته، وليس تهريب النقاش إلى فصول لا تنطبق أصلا على واقعة الانسحاب من الحكومة في ظل تأكيد البيان الختامي للمجلس الوطني لحزب الاستقلال المنعقد يوم 11 ماي 2013 على الفصل الأخير، وذلك أيضا تفعيلا لتنزيل مقتضيات الدستور بمناسبة هذا الحدث، الذي خلخل المشهد السياسي الراكد.
ونورد فيما يلي نص مقتضى الفقرة الأولى من الفصل 42 بِفوَاصِلهَا التسعة، تعميما للفائدة، علما أن هذا المقتضى يتضمن ثلاث فقرات.
"الملك رئيس ا لدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة".
ولا شك أن موقف حزب الاستقلال الداعي للانسحاب من الحكومة يعتبر في حد ذاته محطة لتأسيس قواعد وشروح لتفعيل مقتضيات الدستور وخلخلتها، وفق ما تبتغيه إرادة المشرع الدستوري نفسه، وبعيدا عن تأويلات الدساتير السابقة.