لماذا يشن أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، هجوما خبيثا على علماء المغرب؟ وهل أصبح النموذج المشرقي الوهابي هو المعيار لتحديد العلماء من أنصاف العلماء؟
لدى الريسوني عقدة خطيرة تدفعه لمهاجمة علماء المغرب ومنهم أساتذته ومعلموه. عقدة الريسوني حاول حلها منذ زمن بعيد. فمنذ أصبح رئيسا لرابطة المستقبل التي تأسست بداية التسعينات من القرن الماضي واندمجت مع الإصلاح والتجديد في حركة التوحيد والإصلاح، وهو يبحث عن الترميز من الخارج لمواجهة علماء المغرب، وهو الشيء الذي تحقق له بعد أن أصبح لاجئا اقتصاديا في جدة مكلفا بإنجاز موسوعة بئيسة حول المصطلحات الفقهية والأصولية يمكن أن ينجزها أي طالب مبتدئ في الدراسات الإسلامية.
وبعد أن نال الرمزية من خلال مجاورته لتيارات الوهابية، سواء تعلق الأمر بالمؤسسة الوهابية الرسمية أو الوهابية الأكاديمية ظن أنه بعودته للمغرب سيصبح عالم العلماء، لكن دخوله للمغرب مر باهتا يعني "ما حاشاها ليه حد" كما يقول المغاربة، لأن المغاربة لا يمكن أن يكونوا أتباعا لشخص يتقن جمع مقاصد الشريعة كما اشتغل عليها أبو إسحاق الشاطبي، وإلا فالتحدي مرفوع أمام الريسوني كي يقول للعالمين ما هو جديده في قضية المقاصد حتى أصبح بعض الصحفيين التافهين يسمونه فقيه المقاصد.
فلا يمكن لعلماء المغرب أن يتبعوا الريسوني ولهذا وصفهم بأنصاف العلماء، ونسي الريسوني أن علماء المغرب تاريخيا لهم تميزهم في إنتاج الفتوى وفي الاجتهاد في العلوم الإسلامية. فعلماء المغرب أسسوا اجتهادا يسمى عمل أهل فاس، نسبة إلى جامعة القرويين، مقابل اجتهاد أهل بغداد وإذا اختلف الطرفان رجح الفقهاء عمل أهل فاس.
أين الريسوني من اجتهادات علماء المغرب؟ ومن ضمن العلماء الذين سماهم بالأنصاف من له اجتهادات كبرى في العلوم الإسلامية، من فقه وأصول فقه وفلسفة إسلامية وغيرها، وهي علوم يتمسك بها الريسوني دون أن يدري كنهها.
متى كان الريسوني عالما حتى يقرن نفسه بعلماء المغرب؟ لكن صحافة "نص ريال" جعلت منه فقيها مقاصديا رغم أنه ليس حتى "نص فقيه".
ويصر الريسوني على أن علماء المغرب ليسوا سوى علماء سلطان، وواقع الحال أن الريسوني حاول أن يكون أقل من عالم سلطان واشتغل لدى مؤسسات رسمية وما زال حيث يوجد اليوم في قطر ضيفا على الوهابية الأكاديمية كي يلعق ثمن دعمها.
ويصر الريسوني على أن علماء المغرب ليست لهم الحرية، طبعا إذا كان يقصد "علماء" الحركات الإسلامية فهم أحرار في ممارسة السياسة لكن لا شأن لهم بالدين والفقه، إذ في المغرب هناك بناء ومعمار لا يفهمه الريسوني هو تشكيل الدولة على قاعدتين، الدولة الديمقراطية بالمؤسسات الدستورية والحركة العلمائية المنتسبة إلى إمارة المؤمنين، التي لا يفهم فيها الريسوني شيئا حتى استحق صفة "الغبي" من قبل الدكتور عبد الكريم الخطيب.