جاءت زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر، والاستقبال الحار للرئيس الإخواني محمد مرسي به، لتشكل فزعا حقيقيا لدى الكثير من المصريين. وبعيدا عن الموقف الديني والسياسي للأحزاب السلفية والجهادية الرافض للتقارب المصري الإيراني، يرى المصريون أن هذا التقارب قد يضمر تحويل مصر إلى إيران أخرى، ليس في المذهب الديني ولكن في القمع والاستبداد باسم الدين، وأن يصبحوا ذات يوم ليجدوا أن بلادهم قد تحولت من جمهورية مصر العربية، إلى الجمهورية المصرية الإسلامية، وأن رئيسهم أصبح "أمير المؤمنين" أو "الخليفة الأول"، وأن المرشد العام للإخوان أصبح المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية المصرية، وأن يتحقق ما نادى به الإخوان المسلمين ودعاتهم وأنصارهم من خلافة إسلامية أو إمارة.
وبناء على ذلك يحل دم المعارضين والمخالفين الخارجين على الأمير أو المرشد باعتبارهم كفرة أو زنادقة، وتعلق المشانق في الشوارع لكل من تسول له نفسه المطالبة بحقه في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، حيث أن صورة الحكم الإيراني وما ارتكبته من جرائم وممارسات بطشية عالقة بأذهان العامة والخاصة في مصر.
أيضا يخشى المصريون أن تدخل مصر في ظل التقارب الإخواني الإيراني في تحالفات لا تهددها وحدها ولكن أيضا تهدد شقيقاتها في بلاد الشام والعراق والخليج العربي بشكل خاص، الذي تسعى إيران لقلقلة الأوضاع الداخلية فيه ومن ثم فرض هيمنتها علي مقدراته.
ومن مظاهر هذا الرفض الشعبي المصري للتقارب الإخواني الإيراني، رفض شباب الثورة المصرية القاطع أن يزور الرئيس الإيراني ميدان التحرير، حيث أعلنوا أن يديه ملوثتان بالتحالف مع إرهابيي وقتلة الرئيس المصري أنور السادات، ودماء الإصلاحيين من شباب ورجال ونساء الثورة في إيران ضد حكم ولاية الفقيه واحمدي نجاد.
لكن القضية الأبرز التي تهم الشعب المصري، هو خوفه من أن يشكل التقارب الإخواني الإيراني تهديدا لعلاقاته مع الدول الخليجية الشقيقة، أو يؤدي إلى تدخل مصر في شؤونها، باعتبار هذه الدول الباب الوحيد المفتوح دائما لمساندة مصر في مختلف أزماتها الاقتصادية، كما أنه الباب الوحيد المفتوح أمامه للعمل وتحسين أوضاعه الاقتصادية، فالعمالة المصرية تمثل النسبة الأكبر عربيا في الدول الخليجية، والدخول في عداء معها أو تهديدها يعني إغلاق الباب في وجه تحسين أوضاعه الشباب المصري.
ردود فعل الشعب المصري على زيارة الرئيس الإيراني لم تقتصر على المظاهرات التي حملت لافتات "لا مرحبا بك في مصر" بل امتدت إلى الأحاديث العادية في أماكن العمل، حيث أعربوا عن رفضهم للطريقة التي استقبل بها الرئيس الإيراني من جانب الرئيس المصري، مؤكدين أن ذلك نذير شؤم، وقال أحدهم "إيران في عزلة دولية، ونحن في الطريق إلى هذه العزلة بفضل التصرفات الحمقاء لنظامي الحكم، وإصرارهما على التدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول، وسلوكهما الديكتاتوري في حكم بلديهما".
وقال آخر "إن الرئيس الإخواني بتقاربه مع النظام الشيعي يهدد علاقات مصر الخارجية سواء مع الدول العربية أو الغربية، وإذا استمر في ذلك فمستقبل مصر سينتقل من سيئ الى أسوأ. إيران تهدد أمن الخليج وتتدخل في البحرين، وتحتل جزرا للإمارات وحاولت العبث في سلطنة عمان، هل يورطنا الإخوان قضايا لا ناقة لنا فيها ولا جمل، بدلا من أن يرسخ العلاقات الأصيلة التي رسخها قبله كل الرؤساء المصريين".
وقد عبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب بصراحة ووضوح عما يجيش في صدور المصريين بالنسبة لدول الخليج حين حث الرئيس الإيراني على عدم التدخل في شؤون دول الخليج، وهي رسالة مزدوجة من وجهة نظر مراقبين للنظامين الشيعي الإيراني والإخواني المصري.
وهو الأمر الذي أكده السياسيون حيث أعلن محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية عن خشيته من استغلال إيران للتقارب في توسيع مطامعها بدول الخليج، مما قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع هذه الدول التي لا ترحب بوجود علاقات مصرية إيرانية.
وقال تعليقا على علامة النصر التي رفعها الرئيس الإيراني "شو إعلامي".
وقال الناشط السياسي رضوان محمود أن العلاقات المصرية الخليجية أهم كثيرا من العلاقة الإيرانية "لن نجني من وراء التقارب مع إيران شيئا، حيث ستجرنا إلى التورط في قضايا تسيء إلى علاقاتنا الخارجية سواء على المستوى العربي أو الغربي، ونحن في وقت أحوج ما نكون إلى الاستثمارات الخليجية والغربية".
ولفت علاء أبو النصر الأمين العام لحزب البناء والتنمية إلى أهمية أن تؤكد مصر للنظام الإيراني على أهمية استقرار دول الخليج وعدم إحداث توتر أو قلاقل من جانب الشيعة المتواجدين فيها ورد الحقوق المغتصبة لتلك البلدان.