قررت حركة «التوحيد والجهاد» المسلحة بشكل مفاجئ سحب مقاتليها من مدينة «جاو» شمال مالي بعد أن أحكمت القوات الفرنسية سيطرتها الكاملة على المدينة التي أعتبرت طيلة الأشهر الثلاث الماضية أحد ابرز معاقل الاسلاميين المتشددين في البلد.
وأكد القيادي بالحركة المعروف باسم «أبو الدرداء الموريتاني»، قرار الانسحاب، و قال أن مجلس شورى المجاهدين (في الجماعة) بقيادة أبو الوليد الصحراوي المحسوب على جبهة الانفصاليين بارابوني قد قرر الانسحاب التكتيكي من المدينة.
على صعيد آخر علم أن قيادة جبهة الانفصاليين بتندوف أقدمت منذ أيام على إخلاء،مخيمات تندوف«جنوب غرب الجزائر» من الرعايا الأجانب المقيمين في ذات المخيمات تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الصحراويين.
وتأكد أن قيادة الرابوني اتخذت قرار الترحيل الاجباري والفوري لجميع الرعايا الأجانب بعد توصلها بأوامر صارمة من ضبط بالاستخبارات العسكرية الجزائرية مباشرة عقب حادث احتجاز رهائن بموقع إن إمناس الغازي بالصحراء الجزائرية في السادس عشر من الشهر الجاري و الذي أتبثت تقارير استخباراتية أن ما لا يقل عن إثنان من العناصر المسلحة التي حضرت له ونفذته على صلة بمخيمات تندوف .
ويبدو أن حكام الجزائر رضخوا أخيرا للتحذيرات الفرنسية و الاسبانية التي أكدت تسلل العديد من قادة الجماعات المسلحة بشمال مالي الى مخيمات تندوف هربا من العمليات العسكرية الفرنسية ، و قدروا العواقب المقلقة للوضع الأمني بمخيمات تندوف فسارعوا الى طلب إخلائها من كل الرعايا الأجانب تحسبا لوقوعهم مجددا رهائن لكمين تنصبه الخلايا الارهابية النشيطة في محيط المخيمات خارج أي مراقبة أو ملاحقة أمنية خاصة بعد أن توجهت معظم تعزيزات الجيش الجزائري الى الجنوب لتأمين الشريط الحدودي مع مالي ،في حين لا يمكن الاعتماد على ولاء مرتزقة البوليساريو المتورطين في قضايا فساد ورشوة و علاقات مشبوهة مع الخلايا المسلحة المنتشرة بمنطقة الساحل .
وفي تطور غريب للأحداث المتسارعة بمالي علم أن الزعيم التقليدي لجماعة أنصار الدين إياد آغ غالي المقرب من السلطات الجزائرية قد أوفد منذ أيام مجموعة من أعيان قبيلة الايفوغاس التي ينتمي إليها، إلى موريتانيا للتوسط له لدى السلطات الموريتانية وبحث إمكانية لجوئه السياسي الى هذا البلد .
و يصف المتتبعون هذه الخطوة بمثابة إعلان رسمي من طرف قيادة أنصار الدين عن قطع صلتها مع النظام الجزائري الذي بذل كل جهوده في وقت سابق لتقديمها كمجموعة تنبذ العنف و تدعو الى السلم ،إلا أن عملية إن إمناس قلبت الموازين و دفعت المخابرات العسكرية الجزائرية الى إحداث انقسام في صفوف الجماعة و تشتيت قوتها في الساحل في محاولة يائسة لإعادة رسم الأدوار السياسية في شمال مالي بعد نهاية التدخل العسكري الأجنبي .