تدفع الصحافة الإسبانية. التي تواجه صعوبات مالية بسبب تدني عائدات الإعلانات. الثمن باهظا بسبب الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تمر به إسبانيا منذ عام 2008 والذي تبقى عواقبه مقلقة على أكثر من مستوى.
فقد اختفت العديد من العناوين في ما تجد أخرى نفسها مضطرة إلى التقليص أكثر فأكثر من عدد العاملين بها. وتبني خطط إدارية تقوم على الإحالة على التقاعد المبكر أو خفض الأجور من أجل البقاء والصمود في وجه تداعيات الأزمة التي ضربت قطاع الإعلام بقوة.
وحتى الصحف الكبرى لم تستطع تحمل هذا الوضع المتأزم الذي هوى بعائدات الإعلانات وقلص المبيعات. إذ فقدت صحيفة (إلباييس) التي تعتبر الأولى بالبلاد. 200 مليون أورو من إيرادات الإعلانات مقارنة مع سنة 200.، مما اضطر إدارتها إلى تقليص عدد العاملين بها بنسبة 30 في المائة.
ويندرج هذا القرار في إطار خطة تتضمن الإحالة على التقاعد المبك. وتقليص عدد العاملين في المكاتب الجهوية وخفض الأجور. بحسب مجموعة (بريسا) المالكة لهذا الجريدة.
وكانت مجموعة (بريسا). التي سبق لها أن فرضت تدابير اقتصادية على وسائل إعلام أخرى تملكها. قد أعلنت في يوليوز الماضي عن تراجع رقم معاملاتها خلال النصف الأول من السنة الجارية بنسبة 5 في المائة. وذلك بسبب انخفاض مداخيلها من الإشهار.
من جهتها. أعلنت اليومية الثانية في إسبانيا (إلموندو). التي هوت مبيعاتها منذ بدء الأزمة. في الصيف الماضي عن خطة اجتماعية تشمل 130 من العاملين بها بغية تقليص نفقاتها وتثمين موقعها على الأنترنت. الذي أضحى المورد الرئيسي لهذه اليومية.
وبدورها قررت صحيفة (بوبليكو) التابعة لمجموعة (ميديابرو) في فبراير الماضي التخلي عن طبعتها الورقية والاستثمار كلية في شبكة الأنترنت.
و ليست الصحف المجانية أفضل حالا هي الأخرى في هذه الأوقات العصيبة. إذ اختفت ثلاث منها من الأكشاك الإسبانية بسبب انهيار عائدات الإشهار والإعلانات. ويتعلق الأمر بكل من (كي) و(إدي إن) و(مترو). التي انضافت إلى يومية أخرى (20 منوتوس) التي. وإن حافظت على نشاطها في الوقت الحالي. إلا إنها أعلنت في المقابل عن خطة اجتماعية تشمل 31 مأجورا.
وأوضحت إلسا كونثاليث. رئيسة فدرالية جمعيات الصحافيين في إسبانيا. في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء. أن هذا "الوضع هو الأسوأ بحيث لم تشهد مثله الصحافة الإسبانية طوال تاريخها". مشيرة إلى أنه منذ 2008 فقد أزيد من 8 آلاف صحفي وظائفهم. وأغلقت 60 مؤسسة إعلامية أبوابها. وتم إطلاق نحو ثلاثين خطة اجتماعية.
وأضافت أنه فضلا عن تسريح العاملين في القطاع وعمليات الإحالة على التقاعد المبكر. فإن العرض يفوق الطلب في قطاع الصحف. مبرزة أن عدد الطلبة الحاصلين على شهادات في الصحافة ما فتئ يرتفع متجاوزا 3 آلاف خريج في سنة 2011 في وقت لا يتعدى فيه العرض 600 منصب.
وتأسفت رئيسة فدرالية جمعيات الصحافيين في إسبانيا. وهي منظمة تضم أزيد من 21 ألف مهني. لكون الصحافة الإسبانية. فضلا عن الجانب الاقتصادي. "تخسر أكثر على مستوى الجودة والأخلاقيات والانضباط". مبرزة أن وسائل الإعلام الإيبيرية فشلت حتى الآن في التكيف مع التكنولوجيات الجديدة للمعلومات لغزو أسواق جديدة.
وخلصت كونثاليث إلى أن "الصعوبات المالية أعاقت عملية تحول وسائل الإعلام الإسبانية إلى النموذج الالكتروني الأقل تكلفة والأكثر تحقيقا للربح". مشيرة إلى أن "الصحافة الإسبانية تعاني. إضافة إلى أزمة الإيرادات. من أزمة هيكلية".