أرجأت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف مكناس النظر في ملف البلجيكي مغتصب أطفال طليقته البلجيكية من أصول مغربية إلى اليوم الثامن من شهر شتنبر الجاري، بعد استجابتها لملتمس دفاع المتهم الأستاذة سميحة المريني، التي طالبت بإعادة الاستماع للتسجيلات أمام الضحيتين الذين تكبدا عناء السفر والتنقل من فرنسا وإسبانيا إلى المغرب رغم ظروفهما الصحية والدراسية تنفيذا لقرار غرفة الجنايات الاستئنافية. وكان دفاع الضحايا الأستاذة حنان تجعونت قد عارضت الملتمس، لكون الدفع يثار لأول مرة أمام غرفة الجنايات الاستئنافية، خصوصا وأن المتهم سبق وأن اعترف أمام الضابطة القضائية والنيابة العامة وقاضي التحقيق والغرفة الجنائية الابتدائية بكون التسجيلات صادرة عنه، ولم يطعن في الترجمة ولا أي شيء من هذا القبيل. ونظرا للظروف الصحية والدراسية للضحايا، فقد استجابت الهيئة لأحد ملتمسات الأستاذة حنان تجعونت في تقريب الجلسة وتحديد الجلسة المقبلة والحاسمة في أجل لا يتعدى أسبوعا. هذا، وتعود تفاصيل النازلة إلى بداية الأسبوع الأول من شهر دجنبر 2021، حين اتصلت والدة القاصرين المقيمة بالديار البلجيكية بدفاعها الأستاذة حنان تجعونت المحامية بهيئة مكناس، تشكي لها تعرض ابنيها من زوج آخر للاغتصاب وهتك عرضهما بالقوة من طرف طليقها البلجيكي، قبل أن تشور عليها الأستاذة تجعونت بضرورة العودة لأرض الوطن، وتسجيل شكايتها لدى القضاء المغربي، طبقا للمادة 12 من قانون العقوبات، التي تنص على تطبيق التشريع الجنائي على الجرائم المرتكبة خارج المملكة المغربية إذا كانت من اختصاص المحاكم الزجرية المغربية حسب المواد الجنائية من 751 إلى 756 من المسطرة الجنائية. وكان المتهم المذكور والبالغ من العمر 58 سنة قد أدين من طرف غرفة الجنايات الابتدائية بثلاث سنوات سجنا نافذا، وأداء تعويض مدني قيمته 120.000,00 درهم موزعة على ضحيتين، مع تحميله الصائر والإجبار في الأدنى، من أجل ارتكابه لجرائم التغرير بقاصرين يقل عمرهما عن 12 سنة باستعمال التدليس وهتك عرض قاصرة يقل عمرها عن 18 سنة باستعمال العنف، فيما استبعدت اتهامه في الطفل الثالث "من صلبه"، والبالغ من العمر أربع سنوات، لانعدام الإثباتات والأدلة الكافية. وحسب منطوق الحكم والتعليل الذي أدلت به الهيئة المذكورة، فقد أسست حكمها على اعترافات المتهم التلقائية والمتواصلة طيلة أشواط المحاكمة من خلال شريطين صوتيين، يقر فيهما أنه مارس عدة أفعال اعتداء جنسي على القاصرين المذكورين، وأنه شخص غير سوي. هذا، وتتوفر "كاب 24 تيفي" على شريط فيديو للبروفيسور المبرز بالجامعة الكاثوليكية بلوفان، والمحلف لدى المحاكم البلجيكية والفرنسية "جون إيف آييز" المتخصص في الطب النفسي للأطفال والشباب وتحليل الاعتداءات الجنسية على القاصرين، يقول فيه أن اعترافات المتهم السالف الذكر، تؤكد الأفعال الشنيعة التي قام بها، وأنها صادرة عن شخص غير سوي، وأن مثل هذه الاعترافات لا يمكن أن تصدر عن أي شخص مهما كان وتحت أي ظرف أو تأثير، ما لم تكن الأفعال الإجرامية المذكورة قائمة. وقد سلم البروفيسور المذكور تقريره هذا لوالدة الضحايا، للإدلاء به لدى الجهة القضائية المختصة، من أجل تحقيق العدالة، وعدم الإفلات من العقاب. وقد أشاد العديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن القضائي بالمغرب في هذا الملف بجرأة قضاة محكمة الاستئناف مكناس رئاسة ونيابة عامة، وإنصافهم لسيدة وطفليها رغم الضغط الكبير الذي تمارسه بعض الجهات، والحضور الدائم والمستمر للقنصل البلجيكي ومساعدته لدى السفارة البلجيكية بالرباط طيلة أطوار المحاكمة، والاهتمام والتتبع المبالغ فيه للمتهم المذكور، دون الأخذ بعين الاعتبار أن الضحايا هم أيضا حاصلين على الجنسية البلجيكية.