من كوارث عبث الفساد،صناعة تجمع تجاري عشوائي ضخم طوق المشفى والسجن، واجبر ادراة السجون على شراء عقار خارج المدينة لاستضافة الاعداد المتزايدة للمحكومين بعقوبات سالبة للحرية،بعدما كانت المؤسسة السجنية بحساسية مهامها ونوعية ضيوفها محاصرة بجيش من الباعة الجائلين والمستقرين،والزبناء المشترين، والمتنزهين والمتحرشين، فقد كان يتم ايداع النزلاء السجن وسط "سوق مليلية" على نغمات صياح صاحب " الخوردة" والريكلام" وصخب موسيقى الراي العروبي المنتشرة آن ذاك في كل مكان.. تغول احتلال الملك العام كما يحلو لهم القول، حتى عانق بعنف المستشفى سابقا،ومقر المندوبية الاقليمية للصحة حاليا،أما المستوصفان فيستعملان كواجهة لعرض الالبسة والمنتوجات المعروضة للبيع،فقد كان ولازال المرضى والموظفين والمرتفقين من المواطنين ومعهم مؤسسات الدولة يدفعون ضريبة فساد بعض رجالات السلطة والاعوان، سوق شعبي وسط المدينة اكتظ بالباعة وازدحم بالسلع وشيدت فيه البنايات،توسع فطوق مؤسستين حساستين واحدة تهتم بصحة المواطن والاخرى بأمان الوطن، فيا ترى من المسؤول عن كل هذا العفن..؟؟ كانت ولازالت المقاهي والمحلات التجارية تستحوذ على الرصيف بالسلع وعلى الطريق بالمنقولات، فلا يجد المواطن المغلوب على أمره بدا من النزول ليزاحم ماشيا العربات،او يشق طريقه فوق الرصيف ليراوغ الكراسي والعقبات،فما هو باحتلال ولا باستغلال انما هو شراء او كراء في السوق السوداء حسب قيمة المال وقوة نفوذ مستغل العقار العام. تكاد تكون متاهة وليس سوقا، بين ممرات ضيقة ومحلات متشابكة يتساءل الفكر،من يكون هذا المرعب الذي هندس تلك اللوحة العشوائية البشعة وسط ارض الوطن ومنازل أسر المخزن (دوار المخازنية)،لوحة تنامت وتوسعت واغتنى بها الفساد، واقتات منها العباد،لوحة أخفت النادي النسوي وسجنت السجن واستعمرت مستوصفان،ورحلت مؤسستان وأجبرت السلطة والمنتخبين على تشييد شبه مركب تجاري في عين المكان. لن يكن بمحض الصدفة ايجاد قبائل تنتمي الى مدن أخرى،منها البعيدة والمجاورة على رأسها تازة وتاوريرت ووجدة تزحف صوب مدينة جرسيف "السايبة" لشراء او كراء ملكها العمومي، سواء كان سكنا في تجمع عشوائي او لهدف ممارسة التجارة في سوق فوضوي او هما معا، او طمعا في الحصول على بقع ارضية في تجزئة سكنية او بمركب نمودجي،قبائل تركت حدودها الاقليمية نظيفة وهاجرت لتلويث مدن اخرى بتواطؤ من السلطات،سلطات حسمت في الامر وأعلنت عن مدنها بدون صفيح، وأخرى استغلت صرامة زميلتها فتم الاعلان عن تشييد أكبر تجمع صفيحي،فمصائب قوم عند السلطة فوائد،وصرامة سلطة عند سلطة اغتناء. ولم يكن ايضا بمحض الصدفة ان تسمع عن بعض رجال سلطة الاغتناء،وأن تشاهد اعوانهم يقطنون بمنازل تساوي ملايين الدراهم ويسوقون سيارات بملايين السنتيمات،فقد شرعنت السلطة وأعوانها البيع والشراء والكراء في الملك العام منذ أعوام بين المواطنين الجاهلين باشراف الاعوان الفاسدين دون ان تأتي ساعة الحسم والحساب والعقاب. فلا يكون تحرير الملك العمومي بمطارد الفقراء من أصحاب العربات،ومصادرة سلع الشيوخ والارامل على قارعة الطرقات، فهنالك من اسثمر الملايين في سبيل لستغلال الملك العمومي، وهناك من ربحها وهناك من شارك في ذلك،فلم يكن هناك احتلال اصلا كي نسمي خرجات السلطة بالتحرير،كان هناك كراء و شراء وتفويت بتعاقدات شفهية مقابل الاموال،وفي اجمل الاحوال كان هناك تعمد مبالغ فيه بسوء نية في الامبالاة واهمال.