في المغرب وحده ، ودونا عن كل بلاد الله الواسعة يمكن للمرء أن يجد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر بقلب بشر، ويمكن للمرء أن أن يقرأ ما تخر لهوله الجبال وتحيض من ثقله الرجال ، ومن ذلك مثلا أن يقرأ المرء عن توقيع فتيحة بنيس، المديرة العامة لهيأة الإيداع المركزي للأوراق المالية بالمغرب، على فواتير شراء ما قيمته 38 مليون سنتيم من الشوكولاطة، خلال شهر واحد من عام 2012 ، وأن يسمع نفس من يقرأ هذا الخبر بأن حكومة القضاء على التماسيح والعفاريت وقفت مكتوفة الأيدي أمام سيدة الشوكولاطة ، ... ومن يدري فربما تكون فتيحة بنيس قد ذوّقت باقي المسؤولين من شكلاطها فخافوا أن يقف لهم في الركابي فاستحوا من زجرها عن التشكلط بالملايين . شخصيا حين قرأت هذا الخبر تذكرت بسرعة شكلاطة جدريال اللي مصور فيها الحوت والهلال، وشكلاط ربعة دريال ، وماروخا ديال عشرة دريال، وحمدت الله وشكرته لأنني لن أتعرض لدعوة مظلوم من شوكولاطة الملايين أو نظرة حاقد حاسد قد تحول الشكلاط في أمعائي إلى ماء قاطع ، ومع تذكر شكلاط ولاد الشعب ، وسوست لي نفسي الأمارة بالسوء بوضع مقارنة بين فضائح الشكلاط عند حكومة عباس الفاسي وفرطة الشكلاط عند حكومة بنكيران ، وهكذا ألفيت بعدما استعذت بالله من شر كل وسواس خناس بأنه لا فرق بين الفرطتين إلا في الإفراط في الاستهلاك والثمن ، فعبد اللطيف لوديي، الوزير المكلف بالدفاع الوطني في الحكومة الفاسية الماضية ،كان يستهلك فقط 5000 درهم شهريا ديال الشوكلاط يؤديها من ميزانية الوزارة التي كان يترأسها ولحقته الفرطة والشوهة بسبب ذلك، أما فتيحة بنيس فلا تستهلك إلا حوالي 40 مليون في الشهر ... وآآآشمن قيمة عند 40 مليون ؟؟؟ ... لا تساوي شيئا ، بالكاد تفتح مشروعا لمعطل واحد أو اثنين على أبعد تقدير ... لقد كتبت ذات مرة بأن حكومة عباس الفاسي تبحث عن شعب يتسامح مع الظالمين والفاسدين والمفسدين ، ويتعايش مع الناهبين والسارقين والريعيين ، ويؤمن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وبأن ما سرق منه لم يكتب له التصرف فيه والتنعم به ، وبأن من هم في كراسي المسؤولية صغرت الكراسي أو كبرت هم الأحق والأولى بالتصرف فيما ذكر و هم الأجدر بالتحكم والسيطرة على ما لم يذكر ، واليوم وحتى لا أتهم بأنني حاقد على تجربة العدالة والتنمية ، أو ناقم على صمتهم أمام التماسيح والتمساحات ، فإنني سأكتفي بالأدعية التي رددها عادل إمام في مسرحية الزعيم حين قال : ( اللهم خذ مننا و يدّيهم ... اللهم أفقرنا و أغنيهم ... اللهم عرنا واكسيهم ) ، وأضيف لها فقط : اللهم شكلطهم وبيض قلوبنا يارب .