تعتبر سلا مدينة الأولياء والصالحين بامتياز,فأينما وليت وجهك تجد قبة كتب على مدخلها'ضريح سيدي فلان'إلى درجة أن قدماء السلاويين كان يرددون قولة'سلا كل خطوة بصالح'غير أن هؤلاء الأولياء الذين كرسوا حياتهم للعبادة والتقرب من الخالق الأحد'ما لبثت أن نسجت حولهم خرافات عندما لبوا نداء ربهم,فصارت قبورهم قبلة لكل من يطمع في مال أو زواج أو شفاء,بل وحتى إلحاق الأذى بالغير,وضريح 'سيدي بنعاشر'ليس بمنأى عن ذلك. أمتار عن الضريح طريق معبدة تلك هي التي تؤدي للضريح'إصطفت على جنباتها مجموعة من النقاشات 'قارئي الفنجان'بل وحتى باعة الحلويات و'الشمع وماء الزهر'والذين يعتبران قربانا لا محيد عنه من أجل إسترضاء الولي الراقد تحت الأرض,الساعة هنا تشير إلى الرابعة عصرا,يوم جمعة غائم ينذر بأمطار غزيرة,وصوت تلاطم الأمواج على الصخور,يحمل ذرات من الماء تستقر على العشب الندي بالمقابر التي تصطف على جنبات الطريق,وبمدخل الضريح إستقر عدد من المتسولين في إنتظار محسن سخي يستجدي بركة 'سيدي بنعاشر'. من الراقد تحت القبة؟ هو أحمد بن عاشر الأندلسي,ولد بلوشة ببلاد الأندلس وتوفي سنة 1364 بمدينة سلا التي احتضنته حيا وميتا,كان كثير الورع من الزاهدين في الدنيا'منع عن نفسه التكسب وكان يعلم الأولاد الصغار لكسب خبزه اليومي,قصده السلطان أبو عنان المريني فلم يأذن له بالدخول وبقي ينتظر طويلا,فكرر المحاولة مرارا فلم يفلح في ذلك,فقد كان سيدي بنعاشر كثير النفور من السلاطين والأعيان,ودفن عند مماته بالضريح الذي يحمل اسمه. الصحافة ضيف ثقيل على الضريح.. استقبلنا 'المقدم'عند المدخل ,وهو رجل أكرش في عقده السادس,علم من هيئتنا أننا صحافيون,فنظراتنا لم تترك أي شبر من المكان دون أن تتفحصه,علمنا بحدسنا وعدم الإرتياح الذي قابلنا به المقدم أن التصوير ممنوع فاضطررنا إلى فعل ذلك خلسة,تجاذبنا أطراف الحديث مع المقدم,وتفاجئنا أنه على علم بالمعدلات المرتفعة والإمتحان الصعب الضروريين لولوج معهد الإعلام بالرباط,كما حكى لنا تجربته مع أحد الجرائد اليومية المشهورة بالمغرب,والتي ''لم تكن سارة البتة'',يضيف المقدم. ما هي بركات الولي الصالح سيدي بنعاشر؟ 'سيدي بنعاشر معروف بعلاج الأمراض النفسية والعقلية,وتوجد بقرب الولي غرف كانت مخصصة لإستضافة الزوار الراغبين في الإستشفاء,سواء من داخل الوطن أو خارجه,لكن مع الظروف والفساد المستشري فقد تم إغلاق هذه الغرف,التي لم يكن يغادرها الزوار إلا وهم أصحاء ببركة الله وسيدي بنعاشر الله ينفعنا بيه',يضيف المقدم. الضريح-الزنزانة المقدم تحاشى الحديث عن ما صرحت لنا به سيدة تتردد حسب قولها على الضريح منذ أزيد من أربعين سنة,فقد أخبرتنا أن أهل المريض المصاب بالهياج أو 'الصعرة',يؤتى به إلى الضريح ويربط في إحدى الغرف الإنفرادية حتى يتعب من الصراخ واللطم,فيفتح المسؤولون الباب ويتلون عليه آيات من القرآن حتى يعود لحالته الطبيعية,وإذا ما اشتد به الحال مرة أخرى يعاد معه نفس السيناريو. حول القبر وخارج الأسوار يصطف على جنبات المكان أشخاص عدة منهم من أثرت فيه سكينة المكان فأخدته سنة من النوم..سكينة يعكر صفوها في بعض الأحيان صراخ سيدة تشق ملابسها أو تلطم رأسها مع الحائط,الذي توجد به شواهد قبور,قال لنا المقدم بخصوصها أن رفات أهلها قد تم نقله من هناك.وحول قبر الولي المغطى بثوب أخضر نقشت عليه آيات التوحيد,يتمسح البعض به ويضعون الشموع وقنينات ماء الزهر,ومباشرة وراء الحائط جلس'حميد',رجل أربعيني ينحدر من سلا,رفقة نديم له,يعاقران قنينة نبيذ'حميد' من فرط إحترامه لمبدأ التوقير اللازم للولي,قال لنا أنه'جاب المرا تزور وتفوج شويا حيت هاذا هو المتنفس الوحيد لساكنة حي سيدي موسى,وانا مانقدرش ندخل للسيد وانا شارب,الله يبعد علينا البلية.كما لاحظت بوزيبريس عددا من الذبائح المسلوخة المرمية بجانب الضريح خصوصا الديكةو التي لا تستبعد أن تكون مسخرة لأعمال السحر,يضيف 'حميد'. جدلية الهبات.. ''كل جمعة تايجيبو لينا الناس ديال الفوق القصاعي ديال الكسكسو وجوج سلات كبار ديال الخبز,أنا لي تنهز داك الخير وتنعطيهم للمقدم,وكل سيمانة تاتجي الهبة ديال 20مليون كايغبروها هوما ولادهم وكايكذبو علينا بسبعة فرنك,ومانقدروش نهضرو'',يقول بلال,شاب عشريني يتيم الأب,يعمل في الضريح منذ14سنة,أي منذ كان طفلا. أسوار سيدي بنعاشر..المدينة المحرمة تحيط بالضريح عدد من الأبراج و الخنادق 'سوران بينهما ممر',وأرض منبسطة ينام على أديمها العشاق,وفي تلك الخنادق تكمن 'مدينة محرمة'تطل نوافذها على البحر,لحظات ساخنة وقبل وعناق,جل أبطال هذا الفلم من تلاميذ أحد الثانويات القريبة من عين المكان, محرمة'تطل نوافذها على البحر,لحظات ساخنة وقبل وعناق,جل أبطال هذا الفلم من تلاميذ أحد الثانويات القريبة من عين المكان,إضافة إلى البالغين المختبئين داخل سياراتهم,ناهيك عن كل أشكال التسكع الأخرى,في الوقت الذي يقتصر فيه رجال الأمن على القيام بجولة حول الضريح والعودة إلى حال سبيلهم كما عاينت ذلك'بوزي بريس'.