بانتخاب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة مصطفى الباكوري أمس الاثنين رئيسا لجهة الدارالبيضاء-سطات، يكون الحزب قد دخل مرحلة جديدة من مساره السياسي. ، وذلك عبر الانتقال إلى مرحلة تولي مسؤولية التدبير الجهوي في ظرفية تتميز بالصلاحيات الكبرى التي منحت للجهات لتحقيق تنمية ترابية ومجالية مندمجة ومتوازنة. فالباكوري، الذي حصل على أغلبية مطلقة من الأصوات (40 صوتا مقابل 34 لمنافسه من العدالة والتنمية السيد عبد الصمد الحيكر)، سيواجه عدة تحديات ترتبط بتفعيل ورش الجهوية الموسعة، وتنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بمهام الجهات، وإرساء قواعد جديدة في العلاقة بين مجلس الجهة، وباقي المؤسسات الترابية والمؤسسات العمومية من أجل حكامة جهوية جيدة تستجيب لتطلعات هذه الجهة التي تضم عمالات وأقاليم تزخر بمؤهلات اقتصادية وطبيعية وبشرية جد مهمة. منطق التحالفات جعل رئاسة الجهة من نصيب الأصالة والمعاصرة وإن كانت نتائج انتخابات الرابع من شتنبر قد منحت الصدارة لحزب العدالة والتنمية بحصوله على 30 مقعدا، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة الذي حاز 19 مقعدا، إلا أن منطق التحالفات جعل رئاسة الجهة من نصيب الأصالة والمعاصرة، الذي تمكن من تشكيل مكتب يضم خمسة أحزاب (الاتحاد الدستوري، الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار، الحركة الشعبية، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، مما سيضمن له أرضية مريحة للاشتغال. هي رهانات كبرى إذن تنتظر المكتب الجديد، لا سيما أن الجهة تتميز بامتداد مجالها الترابي (الدارالبيضاء، الجديدة، المحمدية، بنسليمان، برشيد، مديونة، النواصر، سطات، سيدي بنور)، وكثافتها السكانية، إذ أن معطيات الإحصاء الأخير تفيد بأن جهة الدارالبيضاء- سطات تحتل الصف الأول من حيث عدد السكان، بستة ملايين و832 ألف نسمة، علاوة على عدد من الملفات الكبرى المرتبطة باستكمال المشاريع التي جاء بها مخطط تنمية جهة الدارالبيضاء الكبرى سابقا، وتحسين شروط العيش، وتعزيز البنيات التحتية والنقل. وهو ما أكده الباكوري، في أول تصريح له لوسائل الإعلام الوطنية عقب انتخابه رئيسا للجهة، بقوله إن انتخابات مجلس الجهة تعتبر مدخلا رئيسيا لتفعيل الجهوية الموسعة، مبرزا أن المهمة الرئيسية للمجلس تتمثل في التفعيل الناجع لمشروع التنمية الشاملة للجهة، في إطار المهام الجديدة التي يخولها له الدستور، وذلك عبر استغلال جميع مؤهلاتها البشرية والطبيعية، واستثمار التكامل القائم بين أقاليم الجهة، للاستجابة الفعلية للانتظارات الكبرى للساكنة. العوامل التي جعلت حزب العدالة والتنمية يفشل في تشكيل تحالف ومن جهة ثانية، فقراءة نتائج عملية الانتخاب، تجعل المتتبعين يطرحون عدة تساؤلات حول طبيعة التحالفات التي قادت الحزب إلى الرئاسة، والعوامل التي جعلت حزب العدالة والتنمية يفشل في تشكيل تحالف يضمن له الحصول على هذا المنصب، خاصة وأن نتائج الأصالة والمعاصرة على مستوى الانتخابات الجماعية بوأته المرتبة الرابعة، مما دفع إلى الاعتقاد بأنه لن يكون منافسا قويا للحزب المتصدر للنتائج الجهوية والجماعية معا. وجوابا على هذه التساؤلات، أبرز السيد صلاح الدين أبو الغالي الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن نتيجة انتخاب أعضاء مكتب مجلس الجهة جاء ليكرس موقع الحزب ضمن الخريطة السياسية على مستوى الجهة، خاصة بعد النتائج الإيجابية التي استطاع أن يحققها على مستوى الانتخابات المهنية في غشت الماضي بحصوله على الرتبة الأولى ب 70 مقعدا، فضلا عن نتائجه المهمة على مستوى أقاليم الجهة في الوسطين الحضري والقروي. اعتبر أن فوز الحزب بهذا المنصب "ليس مفاجئا"، بل هو نتاج عمل متواصل انخرط فيه الحزب منذ سنتين، توج بإعادة هيكلة الحزب على مستوى الجهة، وتقوية قواعده، معتبرا أن ما يروج عن خسارة الحزب للانتخابات الجماعية بهذه الجهة، أمر بعيد عن الحقيقة، فالنتائج الضعيفة التي حققها الحزب على مستوى مدينة الدارالبيضاء فقط، تعود بالأساس إلى أنه اعتمد على طاقات شابة شكلت 70 في المائة من لوائحه الانتخابية،، ومشددا على أن نتائج الحزب الجهوية والمحلية تؤكد قوة المشروع المجتمعي الحداثي الذي جاء به الحزب، وتعكس مدى التفاف المواطنين وثقتهم في هذا المشروع. الحزب كان يتمنى أن يفوز بانتخابات رئاسة الجهة وبالمقابل، أبرز عبد الصمد حيكر الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة الدارالبيضاء- سطات، في تصريح مماثل، أن الحزب كان يتمنى أن يفوز بانتخابات رئاسة الجهة حتى يتمكن من الاستجابة لتطلعات المواطنين الذين منحوه ثقتهم من خلال التصويت عليه، مشيرا إلى أن الحزب لم يستطع أن يشكل أغلبية مطلقة تخول له الظفر بالرئاسة، وحتى بوجود أحزاب الأغلبية الحكومية وتحالفها معه فإن عدد المقاعد لن يتعدى 37 مقعدا، وبالتالي فهو لا يتوفر على الأغلبية المطلوبة. وحسب قانون الانتخابات، فإن نتائج انتخاب رئيس مجلس الجهة لا تعبر عن الرئيس القادم للمجلس إن لم يحصل على الأغلبية المطلقة من المقاعد كانت فردية أو عبر التحالف. وذكر حيكر أن مبادئ الديمقراطية، والاستجابة لصوت الناخبين، تفرض أن يكون الرئيس من الحزب المتصدر للنتائج، إلا أن قانون الانتخابات يقضي بأن المرشح للرئاسة يكون من بين الأحزاب الخمسة الأولى، مما يفسح المجال واسعا أمام لعبة التحالفات. يشار إلى أن نتائج الانتخابات الجهوية ليوم 4 شتنبر الجاري توزعت على حزب العدالة والتنمية ب 30، والأصالة والمعاصرة ب 19، والاستقلال ب12، والتجمع الوطني للأحرار ب 6 مقاعد، والاتحاد الدستوري ب 4 مقاعد، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب3 ، والحركة الشعبية بمقعد واحد.