مرة أخرى يأبى المطر إلا أن يكون المعارض الأول والأخير في بلد يفتقر إلى معارضة حقيقية تتبنى مطالب الشعب وتدافع عن حقوقه وتهتم لمصالحه ، ومرة أخرى يعيد المطر كرته ليثبت أنه معارض لا يخاف لومة لائم ، ولا يهمّه سوط ظالم ، وأننا لا نستفيد من الأخطاء ، وأنه كلما زارنا إلا ووجد عدم الاستعداد له سيد الموقف ،وألفى السوء يدبر مرافق الحياة العامة ، والخلل يعتري جل المشاريع الخدماتية ، والغش يطغى على البنية التحتية ، فإن تعجب فاعجب ممن يستمر في منصبه دون استحياء أو خجل من إخفاقه في مسؤوليته ، وإن تسأل فاسأل عن مصير الملايير التي أنفقت على مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول ، وإن تبحث فابحث عن أسباب غياب شركات التطهير الأجنبية والتي فوضنا لها أمورنا رغما عن أنوفنا وعمن يتحمل المسؤولية الكاملة فيما يرى ويسمع مع بداية كل زخات مطرية . ما رأيناه اليوم في طنجة وفي غيرها من فيضانات أغرقت المواطن في هموم جديدة قديمة ، بين لنا أن الكارثة الحقيقية التي تتهددنا جميعا لا تتمثل إلا في وجود مسؤولين لا يقدرون معنى المسؤولية ولا يكلفون أنفسهم عناء الاهتمام بمصلحة الوطن والمواطن ولا ينظرون لهذا الأخير إلا نظرة دونية ترى فيه مجرد ورقة تستدعى ليلعب بها أيام الحملات الانتخابية ولترمى بعدها في سلة المهملات بعد أن تحَمَّل مسؤولية فشل كل مشروع وخيبة كل أمل ونتائج كل المصائب والنكبات .