منعت قناة تلفزيونية مغربية أمس الأول الثلاثاء حلقة من برنامج تحقيقات كانت مبرمجة سلفا ساعات قليلة قبل موعد البث، ولم تقدم القناة إلى الآن أي توضيح عن سبب تراجعها عن بث الحلقة، فيما اعتذر معد البرنامج عن عدم بث الحلقة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». وتراجعت قناة «مدي1 تيفي» عن بث حلقة من برنامج «المحققون»، والتي تمحور موضوعها حول مسار الحركات الإسلامية بالمغرب، بعد أن التزمت القناة في وقت سابق ببث الحلقة يوم الثلاثاء الماضي. واعتذر عزيز فتحي، معد البرنامج، على صفحته بتدوينة قال فيها: «أقدم اعتذاري لكل من جلس قبالة جهاز التلفزيون مترقبا متابعة الحلقة الخاصة بتاريخ الحركات الإسلامية، ضمن برنامج المحققون على قناة مدي 1 تيفي، أعتذر لكل الأساتذة الأجلاء الذين ساهموا بتدخلاتهم في إنجاح الحلقة. المعذرة للمشاهدين». وكان من المرتقب أن يتدخل في هذه الحلقة كل من: أحمد الريسوني، رئيس سابق لحركة التوحيد والإصلاح (الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم). محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، نائب الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة. محمد الفيزازي، داعية إسلامي وخطيب جمعة. محمد يتيم، نائب رئيس مجلس النواب (عن العدالة والتنمية). محمد الحمداوي، رئيس سابق لحركة التوحيد والإصلاح. محمد ضريف، باحث متخصص في الحركات الإسلامية. نور الدين بلحداد، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس. محسن الأحمدي، أستاذ باحث في علم الاجتماع السياسي. مصطفى الرزرازي، دكتور في علم النفس الإكلينيكي. صلاح الوديع، المنسق الوطني لحركة ضمير (حداثية). عبد الحميد لجماهري، قيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (معارض). أحمد بنجلون، الأمين العام السابق لحزب الطليعة (يساري) وأخ عمر بنجلون الذي اغتيل سنة 1975 (تتهم السلطات حركة «الشبيبة الإسلامية» باغتياله). بلال التليدي، باحث في الحركات الإسلامية. المصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري (حزب إسلامي رخص له عام 2005 وشارك في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، وحلته السلطات سنة بعد ذلك بسبب علاقته بشبكة وصفت ب»الإرهابية الخطيرة «). وتلقى عدد من المشاركين في حلقة «الإسلاميون من السرية إلى السلطة» من برنامج «المحققون» منعها من البث باستغراب كبير، ليتم تعويضها بحلقة أخرى عن التجارة الإلكترونية. وأكد عدد من ضيوف البرنامج أنهم لم يتلقوا أي توضيح من القناة بهذا الشأن، بل كان فريق إعداد البرنامج قد اتصل بهم قبل أيام مؤكدا برمجته للحلقة هذا الأسبوع. كما أن القناة واصلت بث إعلانها عن الحلقة طيلة الأيام السابقة وإلى غاية مساء الثلاثاء. وعلق، صلاح الوديع، المنسق الوطني لحركة ضمير، على قرار القناة متسائلا «كيف لقناة عمومية أن تتعامل بهذا الاستخفاف مع المواطنين وتغير برمجتها في آخر لحظة دون توضيح ودون ولو كلمة اعتذار وأسف، هذا مع العلم أن القانون يلزمها بذلك وأن شريط الإعلان عن البرنامج ظل يذاع خلال عدة أيام وإلى حدود مساء هذا اليوم». مضيفا، «أسأل إدارة القناة عن سبب إلغاء البرنامج وأطلب منها توضيحا رسميا كمشارك في البرنامج وكذا لجميع المشاركين فيه، علما بأن مشاركتي جاءت بناء على طلب طاقم البرنامج. أسائل حكماء الهاكا (الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري) عن المعمول في هذه النازلة وقد سبق مثلها منذ سنوات تلقت القناة المعنية على إثرها استفسارا وتنبيها في الموضوع. وأخيرا هذه مناسبة أخرى نتأكد فيها أن إعلامنا العمومي في حاجة إلى مراجعة جذرية لا تبقي ولا تذر، أما وضع كهذا فهو سبة في وجه الجميع». وقال المصطفى المعتصم، الأمين العام لحزب البديل الحضاري «هناك من يحاول بالحصار والتضييق دفعنا لنفاذ الصبر والخطأ «. وأضاف في تدوينة على صفحته: «أقول لهم عبثا تحاولون نحن اخترنا طريقنا، الخيار الديمقراطي، الذي كنا نعلم أنه الخيار الصعب لأن الكثيرين من أصحاب القرار ببلادنا يخشون الديمقراطية أو يريدونها على مقاسهم، أي ديمقراطية الرأي الوحيد والخيار الوحيد. اخترنا الخيار الحضاري السلمي، لم نكن يوما مع العنف لكن أصحاب القرار عنفونا ونكلوا بنا. رفضنا التطرف لكن أصحاب القرار مارسوا علينا التطرف». مضيفا «سنقاوم الحصار والتضييق وسنتشبث بخيارنا الديمقراطي ونرفض العنف، والتطرف والإقصاء الديني واللاديني والسلطوي». ورجح مراقبون هذا التراجع المفاجئ إلى مرور تصريحات لكل من الراحل عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان شبه المحظورة. ومحمد المرواني، أمين عام حزب الأمة الذي لا يزال تحت التأسيس. وهي تصريحات من الأرشيف كانت سببا في عدم بث الحلقة المشار إليها، على اعتبار أنهما من الشخصيات التي ما زالت ممنوعة من الظهور في الإعلام الرسمي المغربي. بينما تسربت أنباء عن أنه ليست وزارة الداخلية ولا وزارة الاتصال هما السبب في منع بث الحلقة، وإنما اتخذ عباس العزوزي، المدير العام لقناة ميدي 1 تيفي، بشكل مباشر القرار وفي آخر لحظة، بعد أن ظلت القناة تعرض إعلان الحلقة طيلة الأسبوع الماضي بسبب «المستثمرين الإماراتيين، الذين يتحكمون في 53 في المائة من أسهم ميدي1 تيفي» وفق ما ذكر موقع «طنجة أنتر». حيث علق الموقع أنه «ليس خافيا العداء الذي يكنه النظام الحاكم في الإمارات تجاه التيارات الإسلامية». يذكر أن «المحققون» برنامج استطلاعات منجزة على شكل تحقيقات معمقة، كما يتضمن تحقيقات في وقائع وحوادث وظواهر مجتمعية. ويبث أول ثلاثاء من كل شهر على الساعة 21:35 بالتوقيت المحلي، ولا تزال الوصلة الإعلانية الخاصة بالحلقة الممنوعة على الموقع الرسمي للقناة.