الجزء الاول : إن حق الصحة يكفله الدستور طبقا لمقتضيات المادة 46 من دستور 2011 وطبقا كذلك لمقتضيات قانون 08-39 . هذا الحق له علاقة جدلية مع الحقوق الاجتماعية الأخرى الواردة في الدستور ووعيا من المغرب بسمو هذه الحقوق و تثمينها قام المغرب بتنزيل وأجرأة الشق الثاني م مدونة التغطية الصحية 65.00 المتعلق بتعميم نظام المساعدة الطبية اعتبارا من مارس 2012 لتمكين المعوزين من الولوج إلى الخدمات الطبية الواردة في المادة 121 من المدونة ، وهكذا يكون هذا النظام قد أطفا شمعته الثانية في متم فبراير 2014 وأشعل شمعته الثالثة على إيقاع جدل بين الفاعلين الرسميين والفاعلين غير الرسميين ، فإذا كان الخطاب الرسمي بثمن هذه التجربة ويعتبرها مكسبا إضافيا في سيرورة التنمية البشرية بالمغرب.رغم الاكراهات الموضوعية، فان الخطاب غير الرسمي يعتبر الحصيلة المسجلة في هذا المجال بعيدة عن انتظارات الساكنة من منطلق هشاشة المنظومة الصحية. وبين هذا القول وذاك سند لو بدولنا في الموضوع انطلاقا من ثلاثة محاور : المحور الأول يهم الإطار التشريعي للولوج إلى الخدمات الطبية العمومية بينما المحور الثاني يعالج الخدمات الطبية المنجزة لفائدة نظام "RAMED" برسم سنة واحدة ( مارس 2012 إلى متم فبراير 2013) باعتبار دقة أرقامها في حين سينصب المحور الثالث على الجوانب الخفية في التقرير. i. المحور الأول: الإطار التشريعي المؤطر لولوج المستفيدين المعوزين للخدمات الطبية . إن المادة 121 من مدونة التغطية الصحية 65.00 تنص على ما يلي : - العلاجات الوقائية - أعمال الطب العام والتخصصات الطبية و الجراحية - العلاجات المتعلقة بتتبع الحمل والولادة وتوابعها. - العلاجات المتعلقة بالاستشفاء والعمليات الجراحية بما في ذلك أعمال الجراحة التعويضية. - التحاليل البيولوجية الطبية. - الطب الإشعاعي والفحوص الطبية المصورة. - الفحوص الوظيفية. - الأدوية والمواد الصيدلية المقدمة في العلاج. - أكياس الدم البشري ومشتقاته، الآلات الطبية و أدوات الانغراس الطبي الضرورية لمختلف الأعمال الطبية و الجراحية. - الأجهزة التعويضية والبدائل الطبية، النظارات الطبية، علاجات الفم والأسنان. - تقوية الأسنان بالنسبة للأطفال. - أعمال التقويم الوظيفي والترويض الطبي. - الأعمال شبه الطبية. - التنقلات الصحية بين المستشفيات. وإذا انتقلنا إلى المادة 122 نجد تستثني من الخدمات الطبية،عمليات الجراحة التقويمية والتجميلية إلا فيما يتعلق بجراحة وتقويم وتعويض الفك والوجه . أين يكمن نطاق الاستفادة من الخدمات الواردة في المادة 121 تجيب المادة 123 بان نطاق الاستفادة يكون فقط في المستشفيات العمومية والمؤسسات العمومية للصحة والمصالح الصحية التابعة للدولة. والمستفيد من هذا النظام ، هل يتكفل به خارج التراب الوطني إذا استدعت الضرورة لذلك ؟ المادة 124 من المدونة تنص على أن النفقات المتعلقة بالخدمات الواردة في المادة 121 لن تكون إلا إذا كانت داخل التراب الوطني. و بعد سردنا لهذه المواد من المدونة 65.00 ننتقل إلى المواد 21 و 22 و 23 من المرسوم رقم 2-08-177 المؤطرة لشروط الولوج إلى الخدمات الطبية سواء كانت استكشافية أو استشفائية أو استعجالية . إذن ماهي شروط القبول لولوج الخدمات الطبية ؟ تجيب المادة 22 من المرسوم على أن قبول الأشخاص المؤهلين للاستفادة من نظام المساعدة الطبية في المؤسسات يكون بناء على بطاقة المساعدة الطبية ودفتر الصحة ووثيقة التوجيه حسب ما تستوجبه حالته الصحية، من المؤسسة الصحية الوقائية التابعة لمحل سكناه إلى المؤسسة الاستشفائية القريبة. المادة 21 من المرسوم تنص على أن المستفيد ملتزم بمسلك العلاجات الوارد في المادة السابقة ،أي التسلسل من المركز الصحي إلى المركز ألاستشفائي الموجود بعمالة إقليم أو مركز جهة المستفيد .والعمل بهذا المسلك هو التحكم في الولوج إلى العلاجات وضبط استعمالها والتحكم في كلفتها، وهكذا فولوج المركز الصحي من طرف المستفيدين من النظام يعتبر إجباريا لمسلك العلاج. ويتبادر سؤال إلى الذهن إذا حل بالمستفيد مرض استعجالي وكان له فقط توصيل الإيداع مسلم من السلطة المحلية، هل بإمكانه أن يلج المستعجلات ؟ تجيب المادة 23 من المرسوم عن هذه النازلة ما يلي : - وفي الحالات الاستعجالية تتم العناية بالمريض على الفور في المستشفى ويتعين عليه الإدلاء خلال إقامته بالمستشفى أو في نهايتها، ببطاقة المساعدة الطبية أو عند عدم وجودها أداء ما يترتب عليه من مصاريف الاستشفاء. ونفس السؤال يتكرر إذا كان المستفيد يريد الولوج للخدمات الخارجية ذات طبيعة ورمية، فكيف يدبر القانون هذا الأمر ؟ الجواب هو أن هناك فراغ قانوني في هذه النازلة، ولسد ذلك لجأت الإدارة إلى آلية لطي هذا الإشكال ، ذلك انه تطلب من المستفيد إضافة إلى توصيل الإيداع أن يوقع التزاما يتعهد فيه بأن يؤدي مصروف الخدمة إذا تم رفض ملف ترشيحه. ونشير إلى أن كل الخدمات العلاجية تخضع للمادة 21 من المرسوم المذكور أعلاه ، وإذا تعذر انجاز هده الخدمات إقليميا او جهويا، فان المستفيد يحال مباشرة على المستشفى الجامعي CHU)) . وهذه الإحالة الأخيرة خاضعة لمنشور وزارة الصحة رقم 140/DHSA/2011 تظهر مناطق التغطية الصحية التابعة لكل مركز استشفائي ، في إطار نظام المساعدة الطبية. لكن هل بإمكان أن تتم الإحالة من مستشفى جامعي إلى آخر ؟ المنشور لا يعالج ذلك، كل ما في الأمر أن هناك اجتهاد من المسؤولين مفاده أن الإحالة ممكنة إذا كان هناك عطل أصاب الخدمة المطلوبة في المستشفى المحيل. 2) الخدمات الطبية المنجزة لفائدة نظام RAMED برسم السنة الأولى مارس 2012 إلى متم فبراير 2013. نستشف مما سبق بأن نظام المساعدة الطبية منتوج خالص للمنظومة الصحية العمومية، وبالتالي فهو نسخة طبق الأصل لمستوى وفعالية هذه المنظومة التي هي للأسف تعاني من أعطاب كبرى ولعل أبرزها ما يلي : - قلة الموارد البشرية: فمجموع أطباء القطاع العام لا يتجاوز 11.812 ومجموع عدد الممرضين هو 29.025 إلى حدود 2011. - المؤسسات الصحية بعيدة عن الساكنة ذلك أن 20% منها يبعد عنها المركز الصحي ب 10 كيلومترات. - الفوارق في التغطية بين الوسط الحضري والوسط القروي. - التغطية الصحية الاجتماعية مازالت دون المطلوب بالرغم من تعميم AMO و RAMED مما يجعل الأسر المغربية تتحمل اكثر من 50% في تمويل الصحة. - سوء الحكامة في القطاع الصحي على اعتبار ان الوزارة الوصية على القطاع تنتج الخدمات وتمول العلاج وتهمش في سياستها الصحية دور مؤسساتها الجهوية والإقليمية والمجتمع المدني وبقية الفاعلين. - أزمة المستشفى العمومي لعوامل حددها تقرير الخمسينية للتنمية البشرية في الإهمال الذي رهنه لمدة سنوات، مما يجعل الأسرة الميسورة تتجه نحو القطاع الخاص مما افرز فقدان المصداقية لدى الساكنة. - هذه المنظومة مرتبطة بمحددات أخرى مؤثرة على المستوى الصحي لهذه الساكنة يحددها تقريرالتنمية البشرية : ''ضعف مستوى التعليم والحالة المزرية للسكن ومحدودية ولوج التجهيزات الأساسية و عدم القدرة على الاستفادة من فرص الشغل والدخل، تنضاف إلى ذلك عوامل أخرى تتعلق بالتمايزات على المستوى الجغرافي والمالي، في الاستفادة من فرص الخدمات.'' والآن نسائل هذه المنظومة ،ما هي انجازاتها لمستفيدي نظام RAMED برسم مارس 2012 إلى متم فبراير 2013؟ يجب الإقرار بأنه كانت خدمات بذلتها الصحة العمومية لفائدة هؤلاء، وهي موزعة كما يلي: - تم التكفل على مستوى المراكز الصحية بأمراض مزمنة مكلفة، تم التكفل بحوالي 485000 مصابا بداء السكري وبحوالي 320.000 مصابا بارتفاع الضغط الدموي. - التكفل ب 4285 من مرضى القصور الكلوي واستفادوا من 145044 حصة لتصفية الدم، ورصدت الوزارة 200 مليون درهم لاقتناء معدات القطاع الخاص لمواجهة لائحة المنتظرين الذين أصابهم هذا الداء. ويعدد التقرير الرسمي عدد الخدمات الطبية المنجزة على مستوى المستشفيات العمومية برسم نظام RAMED .وهي على الشكل التالي: - الأمراض المزمنة والمكلفة جاءت في الرتبة الأولى ب 145550 خدمة متبوعة بالاستشفاء بحصيلة 139.744 ،أما الكشوفات الخارجية فحلت ثالثة ب 134723 خدمة ،وفي المرتبة الرابعة جاءت الاستشارات الطبية ب 71.827 خدمة ، وتقلص هذا الرقم إلى 62.662 خدمة على المستوى المستعجلات .حيث بلغت الكلفة المالية لكل هذه الخدمات حسب التقرير 215.717.830 درهما . أما الخدمات الطبية المنجزة علة مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية لفائدة نظام "RAMED "برسم نفس السنة المذكورة آنفا ،فبلغت 203.000 خدمة وهي موزعة بنسب مئوية كالتالي : - الأمراض المزمنة والمكلفة نالت الرتبة الأولى من مجموع العلاجات بنسبة 18 %،فيما حصلت خدمات الاستشفاء الرتبة الثانية بنسبة 14 %، أما الكشوفات الخارجية فاستقرت في حدود 13.05% محتلة بذلك الرتبة الثالثة ، أما الاستشارات الطبية فكان نصيبها هو 11%،وبالتالي جاءت في الرتبة الرابعة .وأخيرا الرتبة الخامسة نالتها خدمات المستعجلات بنسبة 7% حيث بلغت الكلفة المالية لمجموع الخدمات المختلفة المقدمة 260 مليونا درهما. عبد السلام الشقيرني '' باحث'' 0622063814