لا يختلف اثنان في كون التغطية الصحية في إطار المساعدة الطبية تشكل قيمة مضافة حققتها التنمية الاجتماعية في المغرب مهما كانت الإكراهات المتنوعة في إطار مدونة التغطية الصحية 65-00 الخاصة بنظام المساعدة الطبية لتمكين المعوز من الولوج إلى الخدمات الطبية بسلاسة. وفي هذا المضمار سنسلط الضوء على حصيلة نظام المساعدة الطبية بعد مرور سنتين على انطلاقته على مستوى الاستهداف: حصيلة السنة الأولى من التعميم تبتدئ من مارس 2012 إلى متم فبراير 2013 من خلال ما كشفه التقرير السنوي نظام المساعدة الطبية 2013. أما حصيلة السنة الثانية من التعميم تبتدئ من متم فبراير 2013 وتنتهي إلى متم فبراير 2014 من خلال ما أعلنه وزير الصحة خلال ترأسه بالرباط لقاء تواصليا « RAMED »بمناسبة الذكرى الثانية لتعميم نظام . فخلال السنة الأولى يقول التقرير المشار إليه أعلاه بأن عدد الطلبات المحالة إلى السلطات المحلية بلغ 1.833.807 طلبا وبعد المعالجة المعلوماتية تقلص عدد الطلبات ليستقر في حدود 1.757.745 طلبا، وبعد مداولات اللجان المحلية الدائمة في عدد الطلبات البالغة 1.359.733 طلبا تأهل منها 1.285.273 مستفيدا، وعقدت اللجان الدائمة 30.992 اجتماعا، وبناء على هذه النتيجة ارتفع عدد المستفيدين إلى 3.554.251 في متم شهر فبراير سنة 2013 وبذلك وصل نظام التغطية الصحية برسم نظام المساعدة الطبية إلى %44 من الفئة المستهدفة ،وهم موزعون على الشكل التالي : - المستفيدون في خانة الفقر بلغ عددهم 2.805.781 مستفيدا. - المستفيدون في خانة "الهشاشة" بلغ عددهم 748.470 مستفيدا. ووصل عدد البطائق المنجزة 213.968 بطاقة أما حصيلة السنة الثانية من خلال المصدر الذي أوردناه سلفا بان طلبات الترشيح المحالة على السلطات المحلية بلغت 2 مليون و679 ألف طلبا وتم قبول 2 مليون و 390 ألف طلبا بعد مداولات اللجان، وهم موزعون كالآتي : - المستفيدون في خانة " الفقر" %- 83 - المستفيدون في خانة "الهشاشة".% - 17 أما عدد البطائق المنجزة فبلغ عددها 2 مليون .355 ألف طلبا، وهكذا بلغ عدد المستفيدين بعد الحصيلة الأولى والثانية من تعميم المساعدة الطبية أكثر من 6 مليون مستفيد و بالتالي بلغت نسبة الاستهداف 77 %من المعوزين. وبعد جرد هذه الأرقام ، هناك استفهامات لابد للباحث أن يطرحها لماذا غاب عن المسؤولين ذكر المعدل الزمني ما بين توصيل الإيداع الذي تسلمه السلطة المحلية للمرشح بعد تسلمها ملفه إلى حين حصوله على بطاقة المساعدة الطبية المنجزة من طرف الوكالة الوطنية للتأمين الصحي وكذلك ماهي المعدلات الزمنية ما بين توصيل الإيداع والحصول على صفة مؤهل بعد مداولات اللجنة المحلية الدائمة أو الحصول على صفة مؤهل بعد مداولات اللجنة الإقليمية الدائمة بعد البث في الطلبات المرفوضة من طرف اللجنة المحلية الدائمة. والتساؤل يثار كذلك بشأن الهامش الزمني بين صفة المؤهل في هذه المرحلة والحصول على البطاقة لان الحصول على هذه الصفة الأخيرة تتطلب إيداع الطعن داخل أجل لا يتعدى شهرين بعد نشر اللوائح من طرف السلطة المحلية التي تحيله بدورها داخل اجل لا يتعدى ثمانية أيام إلى اللجنة الإقليمية، وفضول الأسئلة تزداد أيضا على هامش الحصيلتين من تعميم النظام المساعدة الطبية . فكيف دبر المستفيدون ،غير المبطقون برسم السنة الأولى من التعميم الذي بلغ عددهم 71.287 مستفيدا، أمورهم إذا ولجوا إلى الخدمات الطبية. فبالنسبة للمستعجلات دبر المرسوم رقم2 -8-177 في المادة الثالثة والعشرين هذه الإشكالية بالقول.وفي الحالات الاستعجالية، تتم العناية بالمريض على الفور في المستشفى، ويتعين عليه الإدلاء، خلال إقامته بالمستشفى أو في نهايتها ببطاقة المساعدة الطبية أو عند عدم وجودها أداء ما يترتب عليه من مصاريف الاستشفاء.وإذا نظرنا بنظرة واقعية فان النص القانوني المذكور لا ينبني على أساس صلب، بحكم أن النزيل في المستعجلات لا يمكنه قطعا أن يمد إدارة المستشفى خلال إقامته ببطاقة المساعدة اذن تبقى الإشكالية قائمة، ولهذا كان حري بمديرية التشريع والنزاعات القانونية بوزارة الصحة بتنسيق مع الأمانة العامة للحكومة أن تضع آلية تشريعية تنص على أن الحامل لشهادة إدارية مسلمة من طرف السلطة المحلية تثبث من خلالها على ان المرشح لنظام المساعدة الطبية الحاصل على صفة تاهيل ،وبالتالي تؤهل صاحبها للولوج الى الخدمات الطبية في انتظار الحصول على بطاقة المساعدة الطبية بدلا من الاعتماد على توصيل الإيداع الذي يفتقد إلى الأثر القانوني وبالتالي لا يخول لصاحبه أي اثر. على طرفي نقيض فالسنة الثانية من التعميم تقلص عدد المستفيدين المقبولين غير المبطقين لنظام المساعدة الطبية في حدود 35 ألف مستفيدا. والسؤال المطروح آنفا يتكرر حول كيفية تدبير هؤلاء المستفيدين قضايا الولوج إلى الخدمات الطبية ؟ لم نجد كلاما في هذا الموضوع. فما وجدناه هو أن الوزارة تحدثت في هذا التقرير على أن حاملي وصولات الإيداع لنظام المساعدة الطبية تمكنوا من الولوج إلى الخدمات الطبية المذكورة علما أن القانون كما ذكرناه يمنع ذلك إلا فيما يتعلق بالمستعجلات . والواقع أن مسلسل الأسئلة في سياق الاستهداف لم ينضب ذلك أن صلاحية بطاقة المساعدة الطبية للفقراء تمتد إلى ثلاثة سنوات، لكن صلاحية هذه البطاقة عمرها لا يتجاوز سنة ميلادية بالنسبة لأصحاب الهشاشة، في هذا الإطار ما نود أن نطرحه هو كيف يمكن لمؤهل هذه الفئة أن يتجاوز المراحل في زمن قياسي للحصول على البطاقة المنجزة من طرف الوكالة الوطنية لتأمين الصحيANAM في ظل الإكراهات التي تعيق عمل اللجان المحلية الدائمة في سحب وتجديد البطائق، ذلك أن الإمكانيات التقنية والبشرية الموضوعة تحت تصرفها قليلة وبالتالي ينعكس هذا على فئة " الهشاشة"، أكثر من فئة "الفقر" معنى هذه الفكرة أنه،وإذا كانت خدمة طبية غالية التكلفة معطلة أومتمركزة فقط في المراكز الاستشفائية الجامعية مثل IRM فهو مضطر إلى حجز موعد قد يطول ،ونظرا لكثرة طالبي هذه الخدمة وقلتها مما يجعله ينظر إلى انتهاء تاريخ الصلاحية زمنا مرفوضا وصعبا تقبله ذلك فيما بين الازمنة زمن الحصول على البطاقة وزمن انتهائها وزمن المعاناة اليومية يعيش المعوز وضعا نفسيا مرتبكا له مضاعفات سلبية عليه. تلك هي التكلفة الأولى. أما التكلفة الثانية فتطال عمل اللجان الدائمة، فبمجرد ما تنتهي صلاحية البطاقة فالمستفيد يسارع إلى سحب بطاقته بعد تجديدها، وبالرغم من هذا العمل الذي يكون أيسر وأسهل مقارنة مع الأعباء المناطة بهم في الاستحقاق الأول وتفحص ملفات الترشيح، وفرز المؤهلين وغير المؤهلين عبر المعالجة المعلوماتية ، فانه مع ذلك يزيد من الأعباء على عاتق اللجان بحكم الكتلة الكبيرة من مستفيدي الهشاشة ، فهم وصلوا إلى 748.470 ألف مستفيد برسم السنة الثانية من التعميم وعلى هذا الأساس فعلى المسؤولين أن يبادروا بعمل تشريعي يقضي بتعديل البند الخاص بمدة بطاقة المساعدة الطبية من المرسوم رقم 2-08-177 إسوة بمدة صلاحية البطاقة لفئة الفقراء المحددة في ثلاثة سنوات ، لندفع بهذا المشروع الاجتماعي الطموح إلى الأمام. ولماذا لا ؟ذلك ان بطاقة المساعدة الطبية لفئة الفقراء كانت مدة صلاحياتها سابقا لا تتجاوز سنتين وقد مددت في ثلاث سنوات. فلماذا لا يسري هذا التمديد على فئة الهشاشة من سنة الى ثلاث سنوات. وقد يتحجج المسئولون بفرضية تملص مستفيدي الهشاشة من أداء مساهماتهم المالية لفائدة نظام المساعدة الطبية على خلاف ان فئة الفقر تكون معفية من تلك الواجبات اعتبارا لدخلهم. وفي الحقيقة ان هذه الحجة مردودة على أصحابها بحكم إن المنظومة المعلوماتية غدت هي لغة الإدارة ،وبالتالي نكون قادرين على طي هذا الإشكال، ولنا في نموذج التامين الإجباري عن المرض سداد ما نقول. وهناك طرح ثاني يتعلق بتسديد فئة الهشاشة لمساهماتهم دفعة واحدة تغطي واجبات ثلاثة سنوات لأننا إذا كنا موضوعيين فالمساهمات رمزية ليس إلا. ومن بين الثغرات التي رصدها تقرير وزارة الصحة بعد مرور السنة الثانية لتعميم نظام المساعدة الطبية وجود اكثر من 200 ألف مستفيدا يجمعون بين نظام المساعدة الطبية ونظام التغطية الصحية الإجبارية، معطى صادم يمكن أن نستسيغه على مستوى اللجان الدائمة التي تعاني من قلة الإمكانيات التقنية والبشرية الموضوعة تحت تصرفها . لكن لا نستسيغه على مستوى الوكالة الوطنية للتأمين الصحي التي تتوفر على موارد بشرية لهم كفاءة في المعالجة المعلوماتية وتسجيل المستفيدين وتتبع عملية طبع وتوزيع البطائق على المستفيدين بالعمالات والأقاليم . ‘'النظام المعلوماتي يمكن الوكالة من إصدار تقارير وجداول ومؤشرات جديدة بمتابعة معالجة المعلومات المتعلقة بالمستفيدين ‘'. بتعبير تقرير المساعدة الطبية 2013 . وبناء على هذا العدد الهائل المشار إليه في قائمة المستفيدين لنظام المساعدة الطبية ، عدد يشكل حوالي ثلث مستفيدي النظام المذكور برسم الحصيلة الأولى من التعميم من فئة الهشاشة ،ويفوق نصف مستفيدي الهشاشة في السنة الثانية من التعميم لنظام « RAMED ». والإشكالان المطروحان اللذان لم ينالا حظهما من الجواب في التقرير الأخير لوزارة الصحة هما أولا: الكلفة المالية لهؤلاء من منطلق ، أنه بالتأكيد أن العديد منهم ولجوا الخدمات الطبية بالمجان بدون موجب حق وبالتالي سببوا هدرا للاعتمادات المالية المرصودة لنظام المساعدة الطبية،والإشكال الثاني يتعلق بهوية هؤلاء المستفيدين على المستوى الاجتماعي والاقتصادي هل هم في خانة " الهشاشة "أم في خانة " الفقراء " وكذلك في نفس السياق، فان هذا الرقم سيشوش على عدد المستفيدين من نظام المساعدة الطبية الذي حسب المسؤولين بلغ اكثر من 6 مليون مستفيد لكن مع هذا الرقم سينخفض ذلك العدد اقل من العدد المصرح به رسميا. * اطار باحث