أثار ظهور وتصريح رئيس المجلس البلدي لزاوية الشيخ للقناة التلفزية الوطنية الأولى حول موضوع ما بات يعرف بالتوأم المسن "امحند وعلي" الذي فجره الفايسبوكيون وسط سكوت مريب لجميع المسؤولين، أثار العديد من الانتقادات اللاذعة على صفحات الموقع الاجتماعي الفايسبوك معتبرين هذا الظهور أمام الكاميرا ركوب فعلي على مأساة العجوزين لتحقيق مآرب حزبية محضة على حد تعبيرهم، وضرب صريح لسكان وجمعية الحي وكذا بعض الجمعويين الذين يرجع لهم الفضل في إنقاذ حياة التوأم.. ويبقى التعقيب الذي كتبه أحد النشطاء الأمازيغيين باسم "Simo Chahin" حسب مجموعة من المتتبعين، ردا شاملا ومتميزا حيث جاء فيه بالحرف: "أين كنتم السيد الرئيس حين كان محماد احمو و اعلي او حمو يواجهان الموت في صمت غير بعيد عن مكتبكم الوثير؟ أين كنتم حينما تحركت الضمائر الحية لنجدتهما من الإهمال والنسيان؟ أين كنتم عندما تجند بعض المواطنين لجمع تبرعات بفضلها تم انتشالهما من القذارة؟ هل ساهم سيادتكم ولو بنصف فلس في تلك التبرعات؟ هل زكمت أنفكم رائحة النتانة التي خنقت من ذهب لنجدتهما؟ هل مددتم يدكم لتساعداهما على ترك الجحيم الذي عاشا فيه لأشهر؟ هل كنتم ممن أخذهما إلى الحمام ليغسل بعضا من ذنبنا الأثيم تجاههما؟ هل جلبتم حفاظة أو قطعة خبز أو قطرة ماء إلى غرفتهما البئيسة؟ هل علمتم أصلا بوجودهما على هذه الرقعة الكئيبة التي تسيرون أمورها منذ سنوات؟…هل تعلمون أن من غيَر حفاظاتهما و حلق لحياتهما و نظف جسديهما قد بلغ به الخجل و الشعور بالذنب حد عدم الرغبة في ذكر اسمه؟ هل تعلمون أن الشرفاء من أبناء زاوية الشيخ اعتبروا هذه القضية وصمة عار أبدية على جبينهم؟ ألم تنتبكم قشعريرة الخجل؟ أم أنكم غير شرفاء، و لستم من أبناء زاوية الشيخ؟ ألم تستشعروا العار، أم أنكم تغرقون فيه إلى أذانكم؟ إذا كان الشرفاء أيها الرئيس قد تنزهوا عن الحسابات الضيقة و قاموا بما أملته عليهم ضمائرهم و إنسانيتهم، فاٍني لا أظن أن الإنسانية هي التي جعلتكم تهرولون خلف الأخوين التوأم إلى ''مقبرة الأحياء'' ببني ملال، كما أنها ليست الرغبة في التخفيف من وطأة الحرج بعد أن عمت فضيحتنا جل المواقع والصفحات. لكنها مَلَكَة الخبث السياسي، والرغبة في ركوب الأحداث، هي التي دفعتكم إلى تحسس موطأ قدم في ''نشرة نادية المودن''، ليس حبا في محماد و اعلي، لأنهما كانا على مرمى حجر من مكتبكم المريح، و لو أصختم السمع قليلا لاستشعرتم أنينهما و سمعتم صرخاتهما الصامتة، بل لأنهما تحولا إلى طريق معبد لكم لتسجلوا بعض النقاط، ولتجملوا شيئا من محياكم الذي طفحت به البثور من فرط جلوسكم في ظلال الكرسي الوثير ..فسارعتم مهرولين حتى أطللتم علينا بطلعتكم غير البهية من تلفزة المخزن، لتقولوا لنا في كلمتكم البئيسة أن حالة المعنيين بالأمر اٍستثنائية..ولماذا لا تكون اٍستثنائية وقد جادت عليكم بفرصة دعائية لم تكونوا لتظفروا بها في عز حملاتكم الاٍنتخابية، و قدمتم أنفسكم ك''مسؤولين ديال الدولة'' في جانبهم الإنساني العطوف 'زعما'!! لتخدعوا المنخدعين الذين لم يَلِمُّوا بحيثيات القضية لأنهم لا يطلون على العالم إلا من نافذة التلفزيون.. لقد قلتم بالفم المليان، يضيف الناشط، أن هناك حالات أخرى بالكهوف و البيوت، و أنتم محقون تماما.. و ماذا لو أطلعناكم على حالة أخرى لشاب من عائلة معروفة في الثلاثينيات من عمره يعاني من اٍضطرابات نفسية ويقضي أكثر من سنة في أحد الكهوف قرب ''تيفاسورين العليا''. هل ستكونون ''رجلا'' و تتبنوا حالته، أم ستنتظرون كاميرات ''SNRT'' لتلقوا باللوم على الفراغ القانوني؟ و أي فراغ قانوني هذا الذي باسمه تسمحون للفقر و العجز والمرض بانتهاك كرامة رجلين عاجزين، ضحيا بكرامة الجسد من أجل صون كرامة النفس، و لم يستجديا أحدا بما في ذلك أنتم سيد الرئيس، ولَكَم تمنيت لو اقتبستم منهما ولو القليل من تلك الأنفة وعزة النفس التي تمتعا بها قبل أن تذهبوا لاستجداء بضع ثوان من''النشرة العتيقة''، فجعلتمونا نشفق على منظركم التعيس أمام الكاميرا أكثر مما أشفقنا على المعنيين..لماذا لم يمنعكم الفراغ القانوني من صب عشرين مليون في ميزانية مهرجان ''يا ليلي يا عين''؟ وهل كان محماد و علي في حاجة لعشرين مليون؟ أم أن ثقافة ''النشاط'' أسبق و أولى من كرامة العاجزين؟ أليس الفراغ القانوني فرصة لابتكار أساليب تيسيرية متضامنة و حقيقية؟ أليس السياسي المبدع هو من يخرج عن النص القانوني ليحقق مصالح الناس التي قد لا يحققها ذلك النص؟ إن الأمر في الحقيقة لا يتعلق بفراغ قانوني بقدر ما يتعلق بفراغ أخلاقي مزمن صار من ثوابت السياسة و السياسيين..و تواريكم خلف ذلك المصطلح السحري هو تبرير مسبق و تبرئة للذمة و تنصل صريح من مسؤولية المصير الذي قد يواجهه محماد و علي بعد أن تنطفئ الكاميرا، و يعودا لقدر الله إلى نقطة الصفر. أخيرا نهنئكم على قطف ثمار هذه القضية، مع أنها ثمار مرة مرارة العلقم، غير أن لسانكم لن يتحسس مرارتها لأنكم اعتدتم تمرينه على مضغ حقوق و كرامة و أعراض الناس بضمير شبه ميت، فإدمان حليب الدولة التي أنتم أحد مسؤوليها حسب تعبيركم، يقتل الضمير و يمحو الذاكرة، كيف لا وقد " تقلزتم " أمام الكاميرا تتحدثون عن مأساة حقيقية بابتسامة عريضة كشفت تمثيلكم السخيف و إنسانيتكم المصطنعة و فضحت شعوركم البارد و ضميركم الغائب المستتر؟" وفي الختام حي الأشخاص/ جنود الخفاء واعتذر لهم على نشر صورتهم دون استئذانهم، ووضح أن ما يشفع له في الحقيقة هي رغبته الملحة في تعريف الناس بالفاعلين الحقيقيين في هذه القضية رغم أن الصورة لا تظهرهم جميعا، ووجه تحية خاصة لمن التقطها لكونه يخلد لحظة الحقيقة و كأنه علم أن هناك من سيأتي للتنطع على مأساة إنسانية كهذه حسب تعبيره دائما.