فعلا مشينا فيها.. فالقوات العمومية أصبحت عرضة لضربات الانفصاليين المنفصمين، الذين يترددون بين البقاء بالمغرب السخي الذي يوفر لهم أكثر مما توفره أعتى الاقتصاديات لمواطنيها، والتبعية للجمهورية الرملية التي يقتات رؤساؤها من ريع جنيرالات الدجاج والشعرية (لمن يعلم هذه الحقائق).. القوات الشعبية انتفت شعبيتها وأضحت لوحة عبثية للفنانة الشعيبية، لا يفهم خطاباتها إلا فنانوا السياسة "المحنكين" بفضل المال العام.. القوات المفسدة عبارة عن عفاريت وتماسيح وباطمانات لا يسعنا مع قوتها إلا أن نقول "عفا الله عما سلف وما خلف". القوات المثلية تهدد بالخروج للتظاهر يوم 17 ماي.. أما قوات بيت الحكمة، فلا ترى معنى للمواطنة إلا في التبعية اللا مشروطة للسيد "مول العصيدة" الذي يقول لسان حاله: "هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية التي سرقنا فيها الأضواء من عتاة رسامي الكاريكاتور الدانماركيين والهولنديين".. النشطاء يؤمنون بأن منابر المساجد لا يجب أن تبقى حكرا على "فئة معينة" دون أخرى.. نعم، فبعد أن جربنا التناوب التوافقي في السياسة، وما جنينا منه من نتائج على المستوى الاقتصادي والسياسي والتعليمي والصحي وغيرها، فلا بأس، بل من الواجب العمل بمبدإ التوافق هذا في الدين.. فيخطب الفقيه المسلم في الناس هذه الجمعة، ويدعو لشهداء سوريا وفلسطين؛ وفي الجمعة المقبلة يأتي دور القاعدي فيقول: "اللهم ارحم قاعديينا وباعد بينهم وبين قاعديي طالبان"؛ بعده يأتي دور الاشتراكي الذي لا يرى في الشهيد إلا مجرد "فوسفاط" فيدعو: "اللهم ارحم الفوسفاط المهدي، والفوسفاط لينين جدي، ولا ترحم كل من هو ضدي.. وفي الجمعة الأخيرة من كل شهر يأتي دور خطيب "ليس كسابقيه" فيدعو لشهداء النضال في سبيل التحاق المغرب بنادي "الزواج للجميع".. وهكذا تتحقق المناصفة، ويتم تنزيل الدستور إلى حضيض الفهم، "ويبقى كل واحد على خاطرو".. وفي نفس السياق، وحتى تتحقق المناصفة بحذافيرها، ويتم تنزيل الدستور إلى أسفل سافلين، يمكن أيضا لأي كان أن ينوب عن أي كان في أي تخصص كان، فينجز أي عمل كان، وتصبح الكفاءة في خبر كان، ونشدو جميعا "كان يا ماكان".. يمكن مثلا لرجل قانون أن يلج عيادة الطبيب، فيستقبل مريضا، ويسأله عن علته، فيرد المريض: "أعضائي كلها تؤلمني، ولا أدري ماذا ألم بي بالضبط"، فيجيبه الطبيب الجديد أنه لا يعذر مواطن بجهله قانون المرض. ومن ثم يأخذ ورقة ويصف له الدواء: بناء على الوصفة الطبية السابقة، كما تم تتميمها وتغييرها، خصوصا الدواء رقم 3 منها بناء على حالة المريض غير المستقرة بناء على نتائج التحاليل، يقرر ما يلي: - المادة الأولى: ترقية المريض من حالة عادية إلى مزمنة - المادة الثانية: إبلاغ أهله أن لا أمل له في الشفاء - المادة الثالثة: يلتزم أهل المريض بدفع الفاتورة مهما كانت نتائج الفحص - المادة الرابعة: تنفذ مقررات هذه الوصفة حالما يتم نشرها بالجريدة الرسمية وقعتها بالعطف الممرضة الرئيسة بعيادة طب القانون. ألا توافقوني الرأي أننا فعلا "مشينا فيها..."؟ محمد ﯖيالي