الإخفا ق الأولمبي المغربي وهكذا ينضاف الإخفاق الأولمبي إلى لائحة كبيرة من الإخفاقات في المحافل الدولية الرياضية، رغم توفر مواهب كبيرة ، لكنها تبقى مفتقدة لذلك الحس الإحترافي الذي يخول لها مجابهة الكبار في المضمار الرياضي. أما قصة المنشطات فهي فضيحة المغاربة في الألعاب الأولمبية هذه السنة، أزيد من حالتين منهما أبرز العدائين المغاربة. فالمفترض هو أن اللجنة الأولمبية المغربية تُفقِّه الأبطال المغاربة بخصوص خطورة تعاطي المنشطات، التي قد تبعد الرياضي عن الميادين -كما حدث لإبراهيم بولامي؛ بل ويجب على اللجنة أن تقوم بفحوصات إستباقية على الأقل لتجنب ما يمكن تجنبه. في الحقيقة أنا لا أود مناقشة هذا الإخفاق بحد ذاته، لكن ما وراءه، وهي المنظومة الساهرة على إكتشاف وتدريب المواهب المغربية. السؤال هو، من يكتشف المواهب؟ أم أن المواهب تكتشف نفسها ثم تُكتشف. الساري في عدة بلدان أجنبية، هي وجود نوادي رياضية على مستوى كل مدينة التي عن طريقها يتم إكتشاف المواهب الرياضية ودعمها للمشاركة في الإستحقاقات الوطنية، ومن ثم الظهور والنجاح. وفي بلدان أخرى، مثل أمريكا مثلا، أقوى منافس على دورة لندن، يتم إكتشاف المواهب على مستوى المؤسسات التعليمية والتي تنظم دورات رياضية لأختيار أفضل الرياضيين لتمثيلها في المساباقات الرياضية المدرسية المحلية. أكثرمن ذلك، لقد اصبحت المدراس الأمريكية أكثر إحترافية من ذي قبل، حيث تسهر على إستقطاب أحسن الطلاب الرياضيين، للدراسة فيها وتمثيلها رياضيا، وذلك بمبالغ مالية ضخمة. هذا نوعا ما النموذج الغربي، فما هي طريقة العمل في المغرب ياترى؟ الجواب هو الله أعلم. هناك دور الشباب أو " الشبيبة" التابعة لوزارة الشباب والرياضة، ودُور الشباب هاته، لم يعد لها أي دَور في العديد من المدن، ماعدا رفع الشعارات الطنانة،"العطلة للجميع"، والغناء، وتقديم مسرحيات بين الفينة والأخرى، والحركات البهلوانية. في الوقت الذي يجب أن تكون فيه أكثر نضجا، سارت مكان للقاء الأحبة والدردشة الحية والدروشة. المطلوب هو تقديم كافة الإمكانيات المادية والمعنوية -توفير البنيات التحتية والمعدات، إلى جانب التوجيه المستمر- لأجل إكتشاف المواهب الرياضية في كل التخصصات، ولن يأتي هذا على مستوى دور الشباب بحد ذاتها، لكن بقرارات صارمة من طرف وزارة الشباب، التي يجب أن تحدد المواعيد الرياضية وتسهر على تحقيقها في المغرب كله ويتم معاقبة الدور المتقاعسة، ويمكن كذلك فتح ملفات للرياضيين المتميزيين قصد المتابعة والتوجيه. هذا بالنسبة لدُور الشباب، أما الدّور الأكبر والمسؤولية الكبرى فهي ملقاة على عاتق المدراس وباقي المؤسسات التعليمية. المعروف هو أن كل الإعداديات والثانويات تمتلك إلى حد ما البنية التحتية والأطر الرياضية، ولكنها تفتقد إلى أهداف رياضية واضحة، بل وغياب أي طموح لإكتشاف المواهب الرياضية، والسبب ببساطة هو عدم وجود أي قرارات وزارية بينة بخصوص إكتشاف المواهب الرياضية- وبهذا نضيع فرص إكتشاف أبطال الغد. أتذكر أنه كان لدي في السنة السابعة إعدادي، زميل ذو سرعة نهاية وقدرة على القفز الطولي كبيرة، حيث كان يتجاوز كل باقي الزملاء ويصل في قفزه إلى 6 أمتار. أين هو هذا البطل؟ للأسف أنتهى به المسار مثل كل الأبطال الذين لم يكتشفوا، والسبب غياب التوجيه المدرسي البعيد النظر. ومن أخطاء التربية البدنية بالمدارس أيضا أنها لاتنوع الحصص في كل التخصصات الرياضية، بل تقتصر على كرة القدم، السلة والعدو الريفي، ولهذا يلاحظ الغياب المغربي في المنافسات الأخرى مثل رمية الجلة، الكرة الحديدية والوثب وغيرها. وفي الأخير، لكي تكون هناك إنطلاقة رياضية جيدة، فيجب البدء من المدارس بمواعيد رياضية مضبوطة، كضبط الإمتحانات الوطنية، والغاية منها إكتشاف المواهب وكذا التربية على الرياضة وفكرة، " العقل السليم في الجسم السليم". ويمكن مثلا تنظيم الألعاب الأولمبية المدرسية في العطل الربيعية، على غرار بعض الدول، لمدة أسبوع كي تشمل كل التخصصات الرياضية الممكنة وبحضور كل التلاميذ لتحبيب الرياضة وتشجعيهم على إقتحام عالم الرياضة في إطار تنافسي مع الزملاء، وبذلك يستريح التلاميذ من الحصص الدراسية ويكتشفوا مواهبهم الرياضية، في إنتظار دخول النوادي الرياضية عالم التنقيب وتكوين الأبطال.