قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمراكش، خلال الأسبوع الماضي، إخراج ملف "كازينو السعدي" من المداولة، وحددت يوم 27 يوليوز المقبل، من أجل الاستماع إلى شاهدين. وكانت هيئة المحكمة، قد استمعت قبل ذلك، للمتهمين ال 11، ضمنهم المستشار البرلماني، ع. أ، الذي تغيب عن الجلستين السابقتين بسبب المرض، والذي أكد أثناء الاستماع إليه، بصفته رئيسا لبلدية المنارة جليز، ما بين 1997 و2003، أنه لم يكن ينفذ سوى مقررات المجلس، التي قال بأنها كانت تخضع لسلطة الوصاية. تجدر الإشارة، أن الشاهد الأول، الذي تقرّر الاستماع إليه، في الجلسة المقبلة، هو ل. أ، المستشار السابق بالبلدية نفسها، ما بين 1992 و2003، وهو المشتكي الأصلي في الملف، الذي شابت مواقفه عدة تناقضات، منذ أن صرح في لقاء بمراكش يوم السبت 31 ماي من سنة 2008، أنه يحمل معه حقيبة، قال بأنها مليئة بوثائق تكشف عن خروقات تدبير الشأن المحلي بالمدينة، قبل أن يتقدم بعد شهور قليلة، بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمراكش، يتهم فيها المستشار البرلماني المذكور، بأنه استصدر مقررات بتفويت عقارات جماعية لفائدة مؤسسات فندقية بأثمنة بخسة، وفي أجواء غابت فيها الشفافية، وبالتلاعب في الرخص، والاستيلاء على العديد من البقع التي كانت مخصصة للمنفعة العامة، مدليا بتسجيل صوتي منسوب إلى المستشار البرلماني وأغلبيته، وهم يتداولون في شأن اقتسام رشوة يُشتبه في أنه تسلمها من الشركة التي كانت تستغل الكازينو مقابل تصويتهم على مقرّر تفويته إليها بثمن لم يتجاوز 697 مليون سنتيم، فيما أكد تقرير للمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، بأن التفويت كبّد البلدية خسارة وصلت إلى أكثر من 19 مليارا و300 مليون سنتيم. وبعد إحالة الشكاية على قاضي التحقيق، رفع السقف عاليا، صرح المشتكي / الشاهد، بأن مسؤولين كبار كانوا على علم بالخروقات التي شابت التفويت، بل إنه قال بأنهم كانوا على علم حتى بمفاوضات المستشار البرلماني وأغلبيته قبل التصويت على مقرر تفويت الكازينو، محملا المسؤولية للوالي السابق لمراكش، محمد حصاد، والرئيس السابق لقسم الجماعات المحلية بالولاية، مصطفى ملغاغ، فضلا عما اعتبره "مسؤولية ثابتة" لمحمد الإبراهيمي، المدير السابق لمديرية الجماعات المحلية بوزارة الداخلية. أما خلال المرحلة الابتدائية من المحاكمة، فقد عاد وأكد، خلال الجلسة الملتئمة بتاريخ 27 مارس من سنة 2014، بأن مالكة الشركة المستغلة للكازينو، هي التي دفعت للمستشارين الجماعيين مبالغ مالية مقابل التصويت على التفويت. وعندما واجهه محامو المتهمين، بأنه كان هو نفسه من بين المصوتين على مقرر التفويت، من بين 27 مستشارا جماعيا، مدلين للمحكمة بنسخة من محضر دورة أكتوبر من سنة 2001، كما أنه كان من المصوتين، خلال دورة غشت من 2002، على تحويل مبلغ التفويت لفائدة القرض العقاري والسياحي من أجل سداد دين مترتب على البلدية، ردّ بأنه انسحب عند شروع المجلس في التصويت، ملمحا إلى إمكانية تزوير محضر الدورتين. ولم تكن شهادته خلال التحقيق التكميلي الذي أجرته غرفة الجنايات الابتدائية، أقل إثارة للجدل، فقد تراجع عن اتهاماته السابقة زاعما بأنه يعاني من "اضطرابات عقلية"، قبل أن يتوجه إلى شاهد ثان بعبارة "عذبتينا الله يعذبك"، محملا إيّاه المسؤولية الأصلية في إخراج الملف إلى حيز الوجود. أما خلال المرحلة الاستئنافية، فقد خلق الإثارة مجددا حتى وإن لم تستمع إليه المحكمة هذه المرة، بعد أن تنازل كتابيا لأحد المتهمين عن متابعته، كما لو أن الأموال المبددة تعود لملكيته، وهو التنازل الذي أدلى به دفاع المتهم المذكور للغرفة. أما الشاهد الثاني، فهو م .ب، الكاتب السابق لمجلس المنارة جليز، والذي ظلت تصريحاته ثابتة سواء خلال البحث التمهيدي أو التحقيق أو المحاكمة الابتدائية، مؤكدا بأنه قام بتسجيل الحوار الذي دار بين المستشار البرلماني ومجموعة من الأعضاء حول طريقة توزيع رشوة يشتبه في أنه تلقاها من الشركة المستغلة للكازينو، وهو ما زكاه المتهمان لحسن أمردو وعبدالرحيم الهواري، حين عرض عليهما قاضي التحقيق مضمون الشريط، فاعترفا بأنهما كانا يتحدثان حول مبالغ مالية، وكان كل واحد منهما يحاول استدراج الآخر لمعرفة الحقيقة، كما زكاه تدخل لمستشار بالمجلس نفسه، ب. ف، المدوّن بمحضر دورة فبراير من سنة 2002، والذي أكد فيه بأنه صوّت على التفويت لاعتقاده بأن العملية ستشجع على الاستثمار، قبل أن يكتشف بأن أمورا مريبة وقعت تحت الطاولة، ملمحا إلى حصول بعض أعضاء المجلس على رشاوى مقابل التصويت. وأقرّ في "التنازل" بتراجعه عن جميع الاتهامات السابقة التي وجهها للمتهم، الذي أوضح بأنه كان يكن عداوة كبيرة للمستشار البرلماني، مضيفا أنه كان من الموقعين على عريضة تطالب بإقالته من رئاسة المجلس.