تجري مباريات كرة القدم للفئات الصغرى من شبان وفتيان وصغار في صمت، والمتتبع لها يلاحظ أنها تفتقد الى الطعم والذوق والإحساس بروح التنافس، فهذه الفئات الممثلة في فرق ليست كلها بالضرورة، فرق يصح أن يطلق عليها فرق منظمة ومؤطرة تقنيا وإداريا، ولربما تسامحنا في هذا الجانب، والحقيقة أن توفر أنديتنا عى فرق قوية ومؤطرة بفئاتها الصغرى يعد مكسبا مهما يقوي استمراريتها، ولكن الجانب الذي يدعو الى الحيرة حقا هو انشغال مكاتب ومسؤولي الأندية بفريق الكبار وإهمال الفئات الأخرى علما أنها النواة وأنها الخلف. إن الاهتمام بالفئات الصغرى وإعطاء العناية لها بترتبيها العام بمكافأة من يفوز، فالحماس وراءه سبب، وإذا لم يوجد هناك سبب كيف ننتظر من الجمهور أن يعيش بأعصابه واهتمامه بالمقابلة الرياضية ويحلو للبعض أن يقول بأن بطولات الفئات الصغرى تشكل نشاطا موازيا وفرصة للتعرف على وجوه الغد، وتدريبها على اللعب أمام الجمهور وفي ملاعب كبرى قبل أن يتاح لها الظهور مع كبار الفريق. يبدو أن هذا كله عبث في عبث، اللاعب الذي يتعود على اللعب بدون حوافز ولا لقب ولا كأس في المستوى تموت فيه الحيوية والطفرة، ولا يمكن أن يتحرك بحماس، وإذا تعود على مثل هذا اللعب فلن يكون عنصرا مجديا وفعالا بعد يفعانه ووصوله الى فئة الكبار، عندما كنا صغار تعودنا على مشاهدة مباريات كبيرة للفئات الصغرى وكانت تستقطب جماهير غفيرة بحماس كبير، كما كان اللاعب يلعب لأجل هدف معين، إبراز مؤهلاته وبالتالي البروز والتألق لمعانقة الأضواء. الكل يتذكر الموسوعة والذاكرة الكروية الأب الروحي للطاس، والذي أنشأ أول مدرسة لكرة القدم لقبت آنذاك بالمزرعة، الزاولي كان يولي اهتماما بالغا للفئات الصغرى الى درجة أنه كان يستقطبهم ليوفر لهم المأوى والمأكل، وقد لعب موسما بأربعة فرق للشبان ببطولة العصبة، واحتل المراتب الأولى، تصوروا أربعة فرق بالشبان من ناد واحد، أكثر من ذلك اللاعبين آنذاك لعبوا بالدرجة الأولى، وبمختلف الأندية الوطنية، ومنهم من عانق الإحتراف، ومنهم من حمل القميص الوطني، أين لنا اليوم من رجالات أمثال الزاولي، الأب جيكو وغيرهم، رجال كان همهم الوحيد هو ازدهار الكرة، وأدركوا أن خدمتها تبتدئ من الفئات الصغرى. إذن، لابد من الرجوع الى الفئات الصغرى، من براعمها الى شبانها، وإعطائها الاهتمام والعناية الكبيرة لأجل بلوغ الأهداف التي نتوخاها، وإلا فستستمر بطولة هذه الفئات لغزا محيرا لأنها بطولات بدون طعم ولا حماس. خلاصة القول، هو أن أغلب بطولات هذه الفئات الصغرى لا تنطلق في موعدها الرسمي، مما يخلق بعض المشاكل المتعلقة بهذه الفئات التي تعاني التهميش والحيف من طرف المسؤولين عن الفرق، حيث نادرا ما يتم إيلاء العناية بهؤلاء الصغار الذين هم في حقيقة الأمر الخلف الذي ينتظرهم أنصار ومحبي الأندية والذين بمقدوره حمل مشعل التألق داخل الفرق التي يلعبون لها. فالمسؤولون يولون أهمية كبرى لفريق الكبار، في حين لا تحظى الفئات العمرية بنفس العناية، وهذا ما يثير غضب أولياء وآباء هؤلاء الصغار، وكذا المؤطرين الذين يعيشون أوضاعا صعبة لا من حيث الامكانيات المادية أو التجهيزات، وهذه إحدى المشاكل الكبرى التي تعيشها هذه الفئات الصغرى في ظل الانتقال الى العصبة الاحتراف.