الاستقلال ينوه والتجمع الدستوري متفائل وفريق القوى التقدمية الديمقراطية يدعم والأصالة تصف الحكومة بالأضعف في تاريخ المغرب حظي التصريح الحكومي الذي تقدم به الوزير الأول مطلع الأسبوع الجاري بتقييم متفاوت، مع بداية مناقشته أمام الغرفة الأولى صباح أمس الخميس، بين تنويه على المجهودات التي قامت بها الحكومة، وتأييد لمختلف المبادرات التي أطلقتها، وتفاؤل بإحراز تقدم أكثر في ماتبقى من ولايتها، وانتقاد المعارضة لما جاء به التصريح. ويرى الفريق الاستقلالي لوحدة والتعادلية، أن حصيلة العمل الحكومي خلال السنتين ونصف الماضية كانت إيجابية جدا في استجابتها لتطلعات الشعب والبلاد ورهانات التنمية الشاملة، بينما ثمن فريق التجمع الدستوري الموحد إنجازات الفريق الحكومي، معبرا عن تفاؤله بأن ما تبقى من الولاية كفيل بتمكينه من تحقيق إنجازات أكبر، واعتبر فريق تحالف القوى التقدمية الديمقراطية حصيلة الحكومة إيجابية ومساندته لتأطير عملها. في الوقت الذي انتقد فريق الأصالة والمعاصرة ما أسماه "غياب المنظور الاستراتيجي والتضامني لعمل الحكومة. وقالت لطيفة بناني سميرس، رئيسة فريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب في مداخلتها إن الحكومة حققت "إنجازات غير مسبوقة في الملفات المتعلقة بالمجال الاقتصادي والمالي والاجتماعي والقانوني، موضحة أن تصريح الوزير الأول لنصف الفترة الولائية كان متكاملا من كل جوانبه، وأحاط بكل موضوعات العمل الحكومي، إلى درجة يبدو معها أنه محاسبة ذاتية موضوعية عبر إظهار ما تم إنجازه وما لايزال طور الإنجاز. وأكدت بناني سميرس أن الوقوف عند بعض الإصلاحات المتعلقة بتدبير الشأن العام التي باشرتها الحكومة لا يستقيم دون إظهار الإكراهات والتحديات العامة التي كان يجب رفعها، سواء تلك المرتبطة بالمالية العمومية والإطار الماكرو اقتصادي، باعتبارها إكراهات هيكلية موضوعية، أو تلك المرتبطة باضطراب السوق العالمية وما تبعها من أزمة اقتصادية، التي أدت إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية الموجهة إلى المغرب بنحو 7 ملايير درهم السنة الماضية، وتراجع وتيرة مداخيل المغاربة المقيمين بالخارج وعائدات الأسفار على التوالي 10.3 و9.2 بالمائة. وأكدت بناني سميرس على أن الحكومة استطاعت الوفاء بالتزاماتها فيما يخص بتنفيذ الإصلاحات السياسية والإدارية من خلال تحيين الميثاق الجماعي ومراجعة المنظومة المتعلقة بالمالية المحلية ومراجعة التقسيم الجماعي، رغم أن الأخير لم يعرف بعد طريقه إلى التنفيذ. وأعلن رئيس فريق القوى التقدمية الديمقراطية، الحسين بلكطو، مساندة الفريق لتأطير العمل الحكومي، اعتبارا لأن أي عمل لا يمكن له النجاح في بلوغ مراميه إلا بنهج أسلوب حكامة سياسية جيدة. واعتبر بلطكو أن مبادرة الوزير الأول بتقديم تصريح أمام البرلمان، بالرغم من أنها غير متبوعة بأثر سياسي وفق الآليات الدستورية، تأصيل للتقاليد الديمقراطية في الحياة السياسية. ودعا رئيس فريق القوى التقدمية الديمقراطية، الذي يضم نواب حزب التقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية والحزب العمالي، الحكومة إلى الحرص على أجرأة التوجيهات الملكية في مجال الإصلاحات الكبرى، وتنفيذ التصريح الحكومي، وتقوية التضامن الحكومي والابتعاد عن أي تنازع في الاختصاصات بين أعضاء الحكومة، واعتماد أسلوب الديمقراطية التشاركية اتجاه كل قوى المجتمع. وعبر بلكطو عن أمله أن يكون أسلوب الحكامة السياسية الجيدة بمثابة الخيط الناظم للحياة السياسية الوطنية وتدبير المؤسسات السياسية والدستورية، وان يكون المسار الديمقراطي الذي مكن من مراكمة إصلاحات ومكاسب هامة، غير معرض لمخاطر حقيقية بفعل ما أسماه "ممارسات منحرفة تؤثر سلبا على بروز حركة مجتمعية قوية قادرة على مواكبة هذا المسار". وشدد الحسين بلكطو على أن مفهوم البرنامج الحكومي لا يعني إثارة المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع، بل هو بلورة سياسية تحدد فيها الأهداف والغايات، مسجلا إيجابية الأهداف التي تم تحقيقها في مجال الاهتمام بالتنمية الجهوية وتعزيز القدرات الاستقطابية للاستثمارات الخاصة، وإعطاء دينامية لمكونات الطلب الداخلي من خلال الرفع من القدرة الشرائية وتكثيف الاستثمار العمومي لمواصلة الأشغال الكبرى المهيكلة، والمجهودات المبذولة في مجال تحسين الدخل، والرفع من ميزانية الاستثمارات بالعالم القروي، واعتماد الاستهداف الاجتماعي والمجالي في السياسات العمومية لفائدة الفئات الأكثر فقرا وهشاشة. ودعا بلكطو إلى تعزيز وترسيخ المكاسب المحققة، معربا أنه، رغم جوانب التقصير المسجلة بفعل الإكراهات، فإن المغرب يظل قادرا على رفع التحديات المطروحة أمامه. وثمن رئيس فريق التجمع الدستوري الموحد، رشيد الطالبي العلمي، التصريح الحكومي ومختلف الإنجازات التي تحققت، معربا عن تفاؤله بخصوص ما تبقى من الولاية الحالية لتحقيق منجزات أكثر، مؤكدا دعم الفريق للحكومة، في إطار الأغلبية الحكومية. وقال الطالبي العلمي إن الحكومة واصلت تنفيذ التزاماتها سواء المتعلقة بالجانب السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، واعتمدت سياسة اقتصادية تقوم على تكثيف الشروط الملائمة لإنتاج الثروة كشرط أساسي للتوزيع وإعادة التوزيع، لمواجهة الخصاص الاجتماعي أو من أجل ضمان شروط التحديث الشامل للبنيات التحتية، وتوفير مناخ مناسب للأعمال والمبادرة الحرة والاستثمار الأجنبي والوطني. وشدد الطالبي العلمي على أن الإنجازات لم تحققها الحكومة في ظروف عادية بل انتزعتها انتزاعا في ظل الأزمة وتداعياتها، الشيء الذي يفرض تقديم تحية إكبار لمجهوداتها. واعتبر رئيس التجمع الدستوري الموحد أن الانجازات المحققة هي "ثمرة مجهود لوحدة مندمجة تجسدها الحكومة. وخلص إلى أن حصيلة الحكومة في نصف الولاية تبقى إيجابية بكل المقاييس، بالمقابل لاحظ ما أسماه ب "المفارقة الأساسية" المتمثلة في التباعد بين ما يتم إنجازه وتفاعل المواطنين والرأي العام معه. وانتقد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أحمد التهامي، ما أسماه " غياب المنظور الاستراتيجي والتضامني الذي يجب أن يحكم عمل الحكومة، معتبرا التصريح بأنه "مفكك ومغرق في الإنشائية"، فضلا عن تأطيره بخطاب الأزمة الاقتصادية. وانتقد كذلك ما وصفه بضعف التفاعل بين الحكومة والبرلمان والغياب الممنهج للوزير الأول عن أشغالها. وبعدما استعرض الظروف التي دفعت بالأصالة والمعاصرة للخروج إلى المعارضة " الذي لم نختره، بل فرضتموه علينا" نتيجة ما اعتبره"سوء الجزاء" من الوزير الأول، أشار أن أداء الحكومة خلال النصف الأول من ولايتها يتسم بضعف أداء مؤسسة الوزير الأول، في مستويات الإشراف والتنسيق بين المكونات الحكومية. وأيضا غياب الخيط الناظم لمختلف مكونات الحكومة، وغياب الانسجام والتضامن الحكوميين، و هيمنة منطق التدبير القطاعي في منهج اشتغال المكونات الحكومية، مما يؤدي إلى تبذير الموارد العمومية ومحدودية النتائج المحصلة، فضلا عن عدم الاستقرار الحكومي، حيث عرفت الحكومة تعديلين جزئيين، وتحالف حزبين بموقعين برلمانيين مختلفين، وكلها رتوشات زادت في تعميق هشاشة بنية الحكومة. وزاد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة من حدة انتقاداته للتصريح الحكومي بالقول إن الحكومة الحالية هي الأضعف في تاريخ المغرب المستقل، ولم يسبق أن عرف المغرب مثلها واصفا إياها بأنها "حكومة عبث فاقدة لأية هوية سياسية أو مذهبية، ولا تتوفر على خارطة طريق معروفة" تعطي الأولوية لليومي في غياب منظور استراتيجي للعمل. وتساءل التهامي عن أسباب ما أسماه "تخلف الحكومة أوتلكئها في ترجمة إرادة إصلاحية معبر عنها من لدن أعلى سلطة في البلاد، وعما إذا كان ذلك يحمل دلالات مقاومة الإصلاح والتغيير، بل وخروجا عن مشروع يحظى بإجماع كل القوى الديمقراطية والحداثية لبلادنا". وخلص إلى أن مرور سنتين ونصف على عمر هذه الحكومة يؤكد عدم صحة المعدلات الحسابية التي بني عليها تصريح الوزير الأول، مشيرا في ذات الوقت أن الأرقام التي تضمنها التصريح الحكومي إنما للمزايدة والاستهلاك. وشكك التهامي في قدرة تحقيق نسبة نمو الاقتصاد الوطني في 6 في المائة أو إحداث أكثر من 250.000 فرصة شغل إضافية سنويا، بتخفيض نسبة البطالة على المستوى الوطني إلى 7% في أفق سنة 2012، والرفع من وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي لبلوغ 150.000 وحدة سنويا، وتكوين 3.300 طبيب سنويا في أفق سنة 2020 وهي أرقام تضمنها تصريح الوزير الأول.