في أفق انعقاد المؤتمر الوطني التاسع عشر لاتحاد كتاب المغرب، كان لبيان اليوم اتصال بنخبة من الكتاب المغاربة، منهم من ينتسب لهذه المنظمة العتيدة، ومنهم من يعتبر نفسه خارجها بعدما كان فاعلا فيها، من أجل الحديث عن وضعها الراهن، والمكتسبات التي من المفترض أن يكون المكتب التنفيذي الحالي للاتحاد قد حققها أو تراجع عنها، وحول الأسباب التي تحدو بفروع الاتحاد إلى تجميد أنشطتها، وما هي الأولويات التي يرونها جديرة بالمناقشة، والتدابير الناجعة التي يقترحونها لتقوية الاتحاد، وكذا الشروط التي يرون أنها من الضروري أن تتوفر في المرشح القادم للرئاسة. الشاعر إدريس علوش: وضع اتحاد كتاب المغرب في الوقت الراهن مربك ومرتبك وغير شفاف أتصور وضع اتحاد كتاب المغرب في الوقت الراهن، مربكا ومرتبكا وغير شفاف، ملتبسا لا يحقق الانسجام ويجعل الممارسة الثقافية صعبة ويفسح المجال للمبادرات الفردية. *** أكيد أن هناك بعض المكتسبات خصوصا فيما يتعلق بالكتاب والنشر، بحيث استطاع الاتحاد أن ينشر للعديد من أعضائه كتبا وإصدارات خصوصا الكتاب الجدد. وأيضا عقده للعديد من التظاهرات الثقافية المهمة. وهناك العديد من الشراكات داخل المغرب وخارجه مع مؤسسات وإطارات ومنظمات لا تحتاج إلا للقوة الاقتراحية لتفعليها، وهذا أكيد سيعزز حضور الاتحاد في العديد من المحافل الثقافية مستقبلا. *** دينامية الفروع وحضورها في المشهد الثقافي مرتبط أساسا بأعضائها وبمدى إمكانياتهم في الحصول على دعم بعض الجهات، خصوصا الفروع المستحدثة وهذا يحدث في ظل مكاتب الفروع التي يتحقق الانسجام بين أعضائها . أما الفروع التي ليس لها دعم من أية جهة، يصعب عليها حتى التفكير في إنجاز بعض البرامج والمشاريع الثقافية، ومن هنا صعوبة التنفيذ والحضور المشرف. *** من الأولويات الجديرة بمناقشتها في المؤتمر القادم: إعادة الاعتبار للاتحاد كتاب المغرب، كقوة فكرية وثقافية ونقدية، فهي الحلقة المفرغة التي على الاتحاد أن يستعيدها باعتبارها الأساس في هوية الاتحاد كمنظمة تقدمية وديمقراطية ذات استقلالية تامة عن السلطة والأحزاب. تحقيق هذا الشرط يبدو صعبا، لكن ليس مستحيلا في ظل التحولات والمتغيرات التي يعرفها المغرب. وأيضا إعادة الاعتبار للكاتب المغربي يعد من الأهمية بمكان ومن الأولويات الأساسية التي يجب الاشتغال عليها ونقلها من مرحلة الشعار إلى واقع مادي ووجود موضوعي، وأعتقد أنه دون الانتباه لهذا الكاتب يصعب الحديث عن المستقبل. *** ليس هناك من إمكانية لتقوية الاتحاد عدا الحضور القوي والمشرف في الساحة الثقافية، استنادا إلى استقلاليته ودمقرطة ممارسته الثقافية والنقدية. *** أشترط مسؤولا على رأس الاتحاد بحس ووعي ثقافيين وقدرة خلاقة وفاعلة للتواصل بين كل مكونات الاتحاد، يحقق الكاريزما ويُفعِّل المستقبل ويستشرفه. هنا تكمن المسألة. ********************* الأديب محمد بروحو: لحد الآن لم نلمس دور الاتحاد الذي يجب أن يلعبه كفاعل ثقافي إن اتحاد كتاب المغرب كمؤسسة ثقافية، يمثل الثقافة والمثقف بالمغرب، لازال مطالباً ببذل مزيد من الجهد حتى يرقى بالثقافة، لتصبح من أولويات الفرد في مجتمعنا، وشيئاً مألوفاً لديه. *** ربما هنالك مكتسبات تُحققت، بينما تم التراجع عن أخرى غيرها، ومثال ذلك؛ لحد الآن لم نلمس دور الاتحاد الذي يجب أن يلعبه كفاعل ثقافي، في اتخاذ القرارات، إن على مستوى التنظير للواقع الثقافي، أو تقويم الوضع الذي تعيشه الثقافة ببلادنا، ومساهماً فاعلاً في الحقل التربوي، بتهييئ واقتراح المناهج التعليمية، والبرامج التربوية. *** غالباً ما ينتج هذا الأمر، أمر تجميد فروع الاتحاد لأسباب واهية لا علاقة لها بالثقافة، ولا بالفعل الثقافي، بقدر ما ترتبط بأهواء الأشخاص المتعارضة، التي ينشأ على إثرها ذلك الفراغ الثقافي، ويظل طيلة السنوات، دون أن يسارعوا إلى ملئه. *** أعتقد أن هنالك، ما قد يُسمى بعلاقة المثقف بذاته وأناته، ثم علاقة المثقف نفسه بالثقافة والدور المنوط به والذي يجب أن يلعبه لتثبيت الفعل الثقافي داخل المجتمع. من الأولويات التي أراها جديرة بالنقاش في المؤتمر القادم، أخلاقياً، المحاسبة الذاتية، بصرف النظر عن كل ما يستحدث النعرات البائدة، التي عادة ما تفسد الود القائم بين الأعضاء، وسمة الوفاء التي يجب أن تطبع تلك العلاقة الحميمة، في ما بين مكونات النسيج الثقافي في المجتمع. *** من الشروط التي يجب توفرها في الرئيس القادم، أن يكون شخصاً ذو ثقافة روحية، يحاسب نفسه قبل أن يحاسب الآخر، جاعلاً من الثقافة أولويات ما يفكر فيه، وبصفته مثقفاً ومبدعاً ومنظراً لمجتمع، يأمل أن يُلمس فيه تلك القدوة التي تشجع على الاستمرارية والمحاكاة. **************************** الشاعر محمد شهيد: المؤتمر لن يغير شيئا إن لم يغير المعنيون به ما بأنفسهم لثقافة المرتبطة بالمصالح الذاتية المحضة ثقافة فاشلة بالضرورة، ثقافة انهزامية لا تستطيع إطلاقا تحقيق أي من المكتسبات المنتظرة، واتحاد كتاب المغرب حاليا بانتكاساته وخلافاته تجعله يسير إلى الوراء ويسيء إلى التاريخ السابق ويسهم بشكل سلبي، إن لم نقل عدمي، في هدم ما بناه من سبقوه بإرادة تهدف للتغيير وقلب الواقع المعطوب من الأسوأ إلى الأفضل. *** مواقفنا ومحاولاتنا الثقافية / الاجتماعية لم تصل بعد إلى ما سُمي بعصر الأنوار الذي تجاوزه غيرنا منذ زمن بعيد، ومع ذلك ونحن نغرق في غياهب الأمية والتخلف لا نخجل في ادعائنا وزعمنا الباطل على أننا مجتمع حداثي. *** القوة تأتي من القمة ليكون السفح قويا. وكما نعلم أن اتحاد الكتاب مؤسسة ذات نفع عام، غير أن ما نلاحظه أن بعض الفروع تحتكر كل الدعم الذي تحصل عليه وتصرفه في إصدار الكتب فقط لصالح أعضاء الفرع مع بعض الأنشطة غير المجدية (فرع تازة نموذجا) هكذا هو الواقع الثقافي المتردي وكذلك هي مظاهر الأنانية والشوفينية التي تفسد الوضع الثقافي الشجاع برفضها لكل ما يشكل المصلحة العامة المشتركة جماعيا. *** انعقاد المؤتمر لن يغير في شيء إن لم يغير المعنيون به ما بأنفسهم، ونحن اليوم وكما كنا دائما في أمَس الحاجة إلى من ينير مسار الثقافة البشرية ويحميه من سياسة الشعوذة ويزيح عنه ظلمات الجهل ومكائد الفساد والاستبداد والتواطؤ ضد حرية الناس وتحررهم، ونحن أيضا نرغب أكثر من أي وقت مضى في وجود مثقفين ومفكرين يملكون الجرأة الكاملة لطرح الأسئلة الكبرى التي تهم قضايا الإنسان المصيرية، كما نريد الإجابة عن أسئلتنا الراهنة والموغلة في البحث عن حقنا في الوجود، وأخيرا نريد من له القدرة والشجاعة الفائقة في أن يقول كلاما واضحا، ينبع من فكر فلسفي، يعصف بالوهم المقدس وطغيان السلط الجائرة ويقذف بعيدا بكيان الفكر الخرافي المدمر. *************************** الأديب خالد أقلعي: على مؤتمر الاتحاد مناقشة إمكانية تحوّله إلى إطار نقابي حقيقي يبدو لي، من وجهة نظر موضوعية، أن حركية اتحاد كتاب المغرب خلال السنوات الأخيرة، وإشعاعه النسبيّ، وانفتاحه على المكونات الثقافية العربية والعالمية حقيقة لا يمكن إنكارها، على الرغم من الانتقادات الموجّهة إلى أسلوب اشتغاله من هنا وهناك، وهي انتقادات ضرورية لتصحيح المسار، واقتراح البدائل. *** إن اتحاد كتاب المغرب، شأنه في ذلك شأن كلّ الجمعيات المدنية، لا يمكن أن يحقّق إنجازات تذكر، بالنظر إلى ظروف عمله، وشحّ الدعم الذي يتلقّاه، وهو فضلا عن ذلك دعم مشروط. وطبعا هناك من يعتقد بأن المكتب الحالي للاتحاد فرّط في كثير من المكتسبات، وأنه ضيّق على الديمقراطية الداخلية للاتحاد. ولكني أرى أنه من حسنات هذا المكتب، تواصله مع الكتاب المغاربة في شتى مناطق المغرب، والحرص على إنشاء فروع جديدة، وتوسيع وعاء العضوية داخل الاتحاد، وتشبيبها..فضلا عن النشر. *** أعتقد أن السبب الأساس في لجوء بعض فروع الاتحاد إلى تجميد أنشطتها، هو عدم وجود جهات داعمة لأنشطتها وبرامجها الثقافية، فضلا عن الوصاية التي أصبحت تمارسها عليها بعض مديريات الثقافة، وطبعا تراجع الثقافة إلى أسفل سلّم الأولويات محليا ووطنيّا. فضلا عن الخلافات بين الكتاب التي تكون أحيانا سببا في هذا التجميد. *** لا شكّ في أن أولوية الأولويات بالنسبة لإطار ثقافي مثل اتحاد كتاب المغرب، يضمّ نخبة من رجال القلم والفكر الحرّ في هذا البلد، هي الاستقلالية، التي أصبحت حلما بعيد المنال في ظلّ توجّهات نحو رسمنة الثقافة المغربية، وفي ظلّ التباس مفهوم النفع العام واشتراطاته. لا أعتقد أن اتحاد كتاب المغرب سوف ينجز دوره الوطني بدون هذه الاستقلالية، وأقصى ما يمكن أن يقوم به هو أن يعطس من حين لحين، ويسعل، ويصرخ من دون صوت. *** إن أول ما ينبغي أن يناقش في المؤتمر القادم، من وجهة نظري، وبجديّة، هو مفهوم النفع العام كما قلت؛ ثمّ إمكانية تحوّل اتحاد كتاب المغرب، إلى إطار نقابيّ حقيقيّ يدافع بقوة عن حقوق الكتاب، من حيث إنهم عماد التنمية الفكرية والوجدانية للمجتمع، والعالم المتحضّر يعرف أهمية الثقافة في بناء المجتمع. *** لا أعتقد أن رئيسا لاتحاد كتاب المغرب سوف يحظى بالالتفاف والتقدير غير المشروط إذا لم يلتفت إلى المطلبين الرئيسين: الاستقلالية، والدفاع عن حقوق الكتاب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. *************************** اتحاد كتاب المغرب يطلق "نداء أزيلال" حول الثقافة والتنمية من شلالات أوزود لا يمتلك إقليمأزيلال فقط طبيعة فاتنة، مشكلة من قمم شاهقة، وأودية ومنبسطات رائعة، وتنوع جيولوجي مدهش، ووفرة في المياه، مكنت الإقليم من أن يكون أحد أكبر الخزانات الوطنية للماء، بل يمتلك، أيضا، موروثا ثقافيا غنيا ومتنوعا، تشكل من خلال تفاعل خلاق بين السكان الأصليين وموجات الهجرات البشرية التي عبرت الإقليم، منذ الأزمنة الغابرة حتى زمننا هذا. فرغم وعورة تضاريس الإقليم، فقد اخترقته دوما طرق ومسالك مزدهرة، ربطت الواحات الصحراوية بالسهول الأطلسية، لم تحمل معها الناس والمواد التجارية فحسب، بل حملت معها، أيضا، الأفكار والتمثلات وفنون العيش. ويمكن أن نتلمس غنى وتنوع هذه الثقافة وأصالتها في كل مناحي الحياة، من المعمار والأعراف والتقاليد الاجتماعية، إلى النسيج والحلي والوشم والأشكال الغنائية والموسيقية، ومختلف منتوجات الصناعة التقليدية، وحتى التراث الشفوي، شعرا وحكاية وأمثالا. وإذ يرى اتحاد كتاب المغرب أن هذا الغني قد شكل دوما مصدر جاذبية للباحثين والمهتمين، من المغاربة والأجانب، فإن هذه الأصالة الثقافية والعمق النضالي، لا توازيها أوضاع الإقليم، في عدد من فضاءاته الترابية، المفعمة بمظاهر الهشاشة والفقر والتخلف والإقصاء والخصاص في البنيات التحتية، وفيما يؤمن للناس سبل العيش الكريم. لقد بذلت مجهودات جبارة وتبذل من قبل الدولة، ومن مختلف الفاعلين المحليين، لفك العزلة ولتدارك الخصاص القائم، غير أن حاجيات الإقليم والمنطقة، تتطلب مشروعا تنمويا وطنيا، متكاملا ومندمجا، تعبأ له الإمكانيات المادية واللوجستيكية ومخططات التنمية الناجعة، للنهوض به، ما من شأنه أن يعيد الاعتبار للجبل، ولساكنته، باعتباره أحد صناع الهوية المغربية، ويجعل منه ومن إمكانياته الهائلة أحد أقطاب التنمية في منطقة كانت دوما هي القلب النابض للمغرب، جغرافيا وحضاريا. ونعتقد في اتحاد كتاب المغرب، بأن مشروعا هكذا، يعطي الأولوية للمرأة وللشباب ولخلق المقاولات والأنشطة المدرة للدخل، وينبني على استثمار ذكي لمؤهلات الإقليم في المجال السياحي والثقافي والاجتماعي، من شأنه أن يخرج الإقليم من عزلته، ليدخله في برامج التنمية المستدامة؛ فغنى الإقليم، فضلا عن ثرواته المائية والطبيعية والسياحية، هو بالأساس غنى ثقافي، تعكسه المشاريع والأوراش التي تم وضع لبناتها، من قبيل «جيو بارك مكون»، و»متحف الأرض»، و»ترميم بعض المخازن الجماعية»، و»توثيق بعض جوانب التراث الشفوي»، و»حماية المواقع الجيولوجية والأثرية»، وغيرها من المشاريع التنموية المفيدة، ماديا ومعنويا للساكنة. لذا، يشدد اتحاد كتاب المغرب، من خلال هذا النداء، على ضرورة أن تضاعف الدولة مجهودها التنموي بالإقليم، ليصبح رافعا للتنمية المستدامة بالإقليم والجهة ككل.