في حواره مع «المساء» قال عبد الرحيم العلام، الرئيس الجديد لاتحاد كتاب المغرب، إن ما تعرّض له الاتحاد ليس أزمة بالمطلق، بل هي «أزمة تدبير»، مضيفا أن المؤتمر الأخير دحض المزاعم القائلة إنه يدار من قِبل قوة حزبية.. وبخصوص «الإستراتيجية الثقافية» التي ينوي الاتحاد الخوض فيها قال العلام إنّ «الحديث عن «إستراتيجية ثقافية» للاتحاد هو حديث عن محطة تاريخية جديدة ومغايرة في مساره»، مضيفا أن «تفعيل صفة «جمعية ذات نفع عام» سيكون من التزاماتنا».. أما بالنسبة إلى تصوره حول العمل مع الفروع فقال العلام: «سنحرص على مراجعة القانون الداخلي للاتحاد بغاية بلورة تصور جديد لعمل الفروع»، متابعا أن من أولويات الاتحاد الحرصُ على المصالحة بينه وبين أعضائه. - هل نجح الرهان الديمقراطي داخل اتحاد كتاب المغرب؟ لولا نجاح هذا الرهان الديموقراطي في المؤتمر الأخير لَما كنتُ قد ترشّحت لرئاسة الاتحاد، لأنني كنت أرى فيه الأسلوب الديموقراطيَّ الكفيل بتجاوز الأزمات والمشاكل التنظيمية المُحتمَلة، وهو ما يعني، أيضا، أن المسؤولية أصبحت اليوم مضاعَفة وخاضعة أكثر للمحاسبة. كما يعني ذلك بالنسبة إليّ أن كثيرا من الالتباسات التي رافقت الاتحاد خلال مسيرته قد تم رفعها، ومؤداها أن بعض القوى السياسية تهيمن على الاتحاد وأن «الكواليس» تنشط مع اقتراب كل مؤتمر.. وأن القوائم تكون «جاهزة».. وأن التوافقات المنافية للطبيعة الثقافية قائمة، لكنْ في المؤتمر الأخير، كانت اللعبة ديمقراطية وشفّافة وواضحة. وما قد يخفف عبء المسؤولية هو كون إخوتي في المكتب التنفيذي قد عبّروا عن نفس الاستعداد وعن نفْس روح المسؤولية، لإنجاح التجربة وكسب الرهان، ومن ثم الاستجابة لتطلعات المؤتمرين وأعضاء الاتحاد ولانتظاراتهم، تلك التي عبّروا عنها في مؤتمرهم الأخير، وحتى قبله. - وهل هناك من أسباب أخرى ترى أنها لعبت لصالحك؟ ثمة أسباب أخرى دفعت الأصدقاء الأعضاء إلى التصويت لصالحي، منها تقديرهم تجربتي السابقة في تدبير شؤون هذه المنظمة العتيدة والجهود المتواضعة التي قدّمتها لها بكل تفانٍ ونكرانِ ذات، وعلى حساب أمور أخرى كثيرة.. ومنها، أيضا، حرصي الشديد على إيصال منظمتنا إلى تلك اللحظة التاريخية الكبرى، التي هي المؤتمر. وبشكل عامّ، يمكن أن أقول إن تجديد المؤتمرين ثقتهم في شخصي يرجع إلى كونهم يثقون في قدرة الشباب، عموما، على أن تحمّل المسؤولية، ويحرصون على ضرورة منحهم الفرصة، من أجل الحفاظ على منظمتنا وعلى استمرارها، هي التي تعرّضت، في الولاية الأخيرة، لهزّة قوية كادت أن تعصف بها وتقضيّ عليها.. ولا أنسب هذا الدور إلى شخصي فقط، بل ثمة إرادات غيورة، مشكورة، آزرتني في هذا المسعى، منذ تفجّر الوضع داخل الاتحاد إلى حين انعقاد المؤتمر الوطني الأخير، ونجاح فعالياته وأشغاله، وبالتالي عودة الاتحاد لكي يتصدر واجهة الأحداث الوطنية، شامخا، معافى، بل وأكثر حيويّة وإشعاعا. - بعد نجاح المؤتمر الوطني الثامن عشر، هل يمكن القول إن الاتحاد قد تجاوز أزمته؟.. لقد تعرض اتحاد كتاب المغرب، في مرات سابقة، ومنذ الولاية الأولى للمرحوم الدكتور محمد عزيز الحبابي، لأزمات في التدبير متفاوتة الخطورة، إذ لم تكن الولاية السابقة هي المرة الأولى التي اهتزّت فيها أركان الاتحاد. لكنّ ما يجب تأكيده هو أن اتحاد كتاب المغرب، خيمتنا الجامعة لألوان الطيف الثقافي المغربي، أضحت اليوم ضرورية أكثر من أي وقت مضى. فما تعرّض له الاتحاد ليس أزمة بالمطلق، بل هي أزمة تدبير، ومن هنا، أهمية التحول الديمقراطي في انتخاب أجهزة الاتحاد، الذي أقرّه المؤتمر الأخير، وخصوصا على مستوى انتخاب الرئيس وتمثلية المرأة الكاتبة داخل أجهزة الاتحاد. - تداول البعض أن تركيبة المكتب التنفيذي والرئيس كانت مُعدّة سلفا، ما قولك في هذا؟ هذا موضوع أعتبره نسبيا، إلى حد ما، ما دام أن العبرة بخواتيمها، وما دام أن القائمة، أي قائمة، هي أصلا نابعة من مؤتمر عامّ، الذي هو سيد نفسه وأعلى جهاز في الاتحاد.. أي بتعبير آخر: إن كل قائمة، حقيقية أو وهمية، هي تمثل، في نهاية الأمر، أعضاء الاتحاد وليس أشخاصا آخرين من خارجه، فلكل عضو في الاتحاد الحقُّ في الترشح وفي تحمل المسؤولية، لكن الأعراف والقوانين تُحتم أن تتولى فئة فقط مسؤولية التدبير، نيابة عن الباقي. فالقائمة الوحيدة التي كانت معروفة سلفا هي قائمة الأعضاء الذين أعلنوا أمام الرأي العامّ نيتهم في الترشح لرئاسة الاتحاد، وهو أسلوب ديمقراطي وجديد في تاريخ الاتحاد. لكنْ، لِم التركيز فقط على قائمة المكتب التنفيذي، دون غيرها من قوائم الأجهزة الأخرى للاتحاد، علما أن «المجلس الإداري للاتحاد» و«لجنة العضوية والتحكيم» يلعبان أدوارا أساسية في السياسة العامة، التدبيرية والثقافية، للاتحاد، بما في ذلك حل خلافاته المُحتمَلة؟.. نعم، كان في الماضي يحدث التوافق حول أشخاص بعينهم، تتوفر فيهم الجدارة الثقافية قبل أي اعتبار، يتحرك بعضهم تحت مظلة حزبية ولا ضير في ذلك، فيما يُعرف آخرون باستقلالهم الفكري أو ربما يتموقعون على مسافة من أحزابهم... - هل يمكن التوضيح أكثر؟ يمكن القول، بخصوص هذه النقطة التي تجد لنفسها تجليّات مختلفة في كل مؤتمرات الاتحاد، إنه لم يحدث أنْ هيمن على الاتحاد أيُّ تيار فكري أو تنظيم حزبي أو أي مذهب أو حساسية إيديولوجية أو ثقافية أو لغوية معينة. فمن جانبي، لم أعِدّ من قبل أي لائحة لكي يصوّت عليها المؤتمرون، ما دام أن ترشيحي لرئاسة الاتحاد كان مرهونا، أصلا، بالمصادقة على الإجراء القاضي بانتخاب الرئيس من الجمع العام. ولكنني، وبعد إعلان فوزي رئيسا للاتحاد، تشاورتُ لحظتها مع كثير من أعضاء الاتحاد وحكمائه ممن أحترم رأيهم، بحثا عن أعضاء يُشكّلون مكتبا تنفيذيا قويا، يطبعه الانسجام والتنوع الفكري والاستعداد للعمل التطوعي، فضلا على استحضار التمثيلية الجغرافية لأعضاء الاتحاد، في انتمائهم، ولأول مرة، إلى جهات وفروع عديدة (من وجدة وطنجة وتطوان وفاس والمحمدية والدار البيضاء والرباط).. والدليل على ذلك أنّ كثرة المرشحين لعضوية المكتب التنفيذي، الذين توزعت الأصوات حول أسمائهم، يدل على انتفاء أي قوائم بالمعنى المستقر في الأذهان، فضلا على القرار الذي نتج عن المؤتمر، والقاضي بالتمثيل الإيجابي للمرأة الكاتبة، بحصة 30 في المائة، في أجهزة الاتحاد، وخصوصا في المكتب التنفيذي، ولأول مرة في تاريخ الاتحاد، وقد تم إقرار ذلك قبيل التصويت على الرئيس بوقت قليل.. كل ذلك يدحض، إذن، أي زعم بفكرة العمل بقائمة مُعَدّة سلفا، علما أنّ الحملات الانتخابية التي تسبق فترة الترشح تبقى أمرا مشروعا وديمقراطيا، فضلا على كونها تخلق لحظتها حركية وحماسا ونشاطا خاصين، يضفيان على المؤتمر حيوية وقيمة نادرة. إن المشكل، في نهاية الأمر، وكما قلت سابقا، ليس في القائمة، فلا تهمّ الوسيلة بقدْر ما تهمّ النتيجة، لكون أي قائمة، كيفما كانت صيغة تكوينها، هي نابعة أصلا من المؤتمرين وممثلة بهم، وما الضرر في ذلك، ما دام أن أي قائمة إنما تعكس رغائب المؤتمرين وتمسّكَهم بخدمة منظمتهم، من الداخل وليس من الخارج. - كان كثير من المنتمين إلى الاتحاد وغيرهم يؤاخذون على المنظمة أنها كانت تدار من وراء ستار، فهل يمكن القول إنه قد تخلص من ذلك، وسيكون «بيتا لجميع الكتاب»؟ يمكن القول إن اتحاد كتاب المغرب لم يحدث أن تحوّل، في أي فترة من الفترات، إلى مكتب تابع لأي حزب كان.. صحيحٌ أن هذه المنظمة وجدت نفسها، في فترة تاريخية وسياسية مضيئة، على نفس الخط في الرؤية إلى قضايا المجتمع مع الأحزاب السياسية الديمقراطية لسبب بسيط هو أن معظم أعضاء الاتحاد مرتبطون، بشكل أو بآخر، بمرجعيات تلك الأحزاب.. ولكنْ يجب ألا ننسى، أيضا، أن الذي يمتلك العضوية في الاتحاد ويمتلك حق التصويت ليس هو المناضل الحزبي، ولكنه الكاتب قبل كل شيء، فالذي يُميّز الكاتبَ عن المناضل هو منتوجه الفكري والإبداعي، بما يعنيه ذلك من استقلالية ومن تخلٍّ عن «المعطف الحزبيّ».. من هنا، يبدو أن القول إن مكاتب الاتحاد كانت تدار من قِبل الأحزاب وإن الأعضاء هم مجرد أدوات طيّعة لتنفيذ أجندة حزبية معينة، فيه الكثير من المبالغة المنافية للحقيقة والمضادة لهوية الاتحاد ولمبادئه ولمواقفه، التي تأسس عليها، وعلى رأسها استقلاليته. وفي هذا الإطار، نجد أن كثيرا من منظمات المجتمع المدني فيها حساسيات حزبية كثيرة ولا يتنافى ذلك مع استقلاليتها.. فلِمَ التركيز، في كل مرة، على الاتحاد ووصفه بأنه ذيل حزبي، أخذا بعين الاعتبار، هنا، أهمية وقيمة الانتماء إلى الاتحاد والقيمة الاعتبارية والفكرية والإبداعية لأعضائه، ما دام أنهم هم من يُشكّلون ضمير الأمة ويصوغون وجدانها؟!.. صحيحٌ أن الصراع السياسي في فترة معينة قد فرض على المثقفين، بصفة عامة، أن ينخرطوا فيه وأن يكونوا طرفا أساسيا داخله، أي أن يكونوا في جهة الأحزاب السياسية المنادية بالديمقراطية وترسيخ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، باعتبارها قيّماً نبيلة، شكّلت كذلك الركائز التي تأسس عليها الاتحاد، وتختلف أشكال التعبير عنها من الكاتب إلى المناضل إلى المستقل، كل بأدواته وبمرجعياته.. وصحيح، أيضا، أن الاتحاد كان -وسيظل- مأوى رمزيا يسَع كلَّ الكاتبات والكتاب، بحساسياتهم وانتماءاتهم ومرجعياتهم.. ومن المؤكد، في اعتقادي، أن المؤتمر الأخير قد شدّد على مبدأ استقلالية المنظمة، كما دحضَ كل المزاعم القائلة إن الاتحاد يدار من قِبل قوة حزبية، خفية أو معلنة، وخصوصا من خلال تثبيت نمط اقتراع جديد وتعدد المرشحين لرئاسة الاتحاد ولعضوية أجهزته، عدا النتائج التاريخية التي أسفر عنها المؤتمر.. كما أن النقاش إبان المؤتمر كان حيويا وساخنا بين تيارات وتصورات مختلفة، وأحيانا متعارضة، وهو ما يعني أنه لم تكن هناك «طبخة جاهزة» وأن الاتحاد قد سن، بالفعل، أسلوبا ديمقراطيا جديدا في انتخاب هياكله، يؤكد مدى نجاعة النهج الديمقراطي المستقل الذي شكّل عمادَ الاتحاد وهويته وروح ميثاقه. - ما هي «الإستراتيجية الثقافية» التي سيختطها الاتحاد مستقبلا، وما هي أولوياته؟ الحديث عن «إستراتيجية ثقافية» مستقبلية للاتحاد هو حديث، في الأصل، عن محطة تاريخية جديدة ومغايِرة في مسار الاتحاد، التنظيمي والثقافي، وعن نقلة نوعية داخل فضاء علاقاته الداخلية مع أعضائه، القدامى والجدد، وشراكاته مع محيطة وعلاقاته الخارجية مع نظرائه وغيرهم، وهو أيضا حديث عن مدى انخراط الاتحاد في صلب المتغيّرات والتحولات الجديدة التي تعرفها بلادنا ومدى تفاعله معها وإنصاته لها، من منطلق وفائه لالتزاماته واستناده إلى قرارات وتوصيات مؤتمره وإلى قيّمه ومبادئه. هذا، إذن، جانب من الإطار العامّ الذي سيوجه أي إستراتيجية أو خطة عمل مستقبلية للاتحاد. أما الإستراتيجية الثقافية المستقبلية لاتحاد كتاب المغرب فسيقترحها المكتب التنفيذي بتشاور مع أجهزته ومع كل الفاعلين وأصحاب النوايا الحشنة الذين لهم غيرة على الاتحاد والحريصين على استمراره، في إطار حرصنا، جميعا، على الارتهان إلى مبدأ التعددية والعمل التشاركي والتشاور والانفتاح على مختلف الآراء والتصورات وردود الفعل المختلفة التي تصبّ في مصلحة الاتحاد، سواء في التخطيط أو البرمجة أو الاستشراف.. وإذا كان المؤتمر الوطني الثامن عشر قد شكّل منعطفا ونقلة نوعية وتاريخية في مسار اتحاد كتاب المغرب، فإن التصوراتِ والأفكارَ والآراء والنقاشات التي عرفها اليوم الدراسي الذي نظمه الاتحاد، من قبل، في موضوع «اتحاد كتاب المغرب ورهانات المستقبل»، إلى جانب ما سبقت الإشارة إليه، سيشكل أرضية مناسِبة لوضع خارطة طريق ثقافية جديدة في مسار الاتحاد. فالإستراتيجية الثقافية الجديدة مرهونة بالآفاق الجديدة للاتحاد، بما فيها دخوله في خمسينية جديدة وفي عصر معولَم، بما يفرضه ذلك من ضرورة سنّ تدبير ديموقراطي جديد داخل هياكل الاتحاد، أخذا بعين الاعتبار التغيير الحاصل في الأدوار والوظائف، بما فيها دور الكاتب ووظيفة الكتابة اليوم في عالم متحول. وإذا كان ثمة من حديث عن الأولويات المبدئية فيمكن إجمالها في الحرص على مصالحة الكتاب مع منظمتهم، وهو ما شرعنا في تحقيقه بهدوء إبان الحفل الافتتاحي للمؤتمر، وحتى قبله، عدا مواصلة منظمتنا معركتَها التاريخية دفاعا عن حرية التعبير والكتابة والرأي والوضع الاعتباري للكاتب. - حصل اتحاد كتاب المغرب على صفة «جمعية ذات نفع عام»، لكنْ إلى حد الآن لا يبدو أنه قد استفاد من ذلك.. فهل من تصور في هذا الإطار؟ هذا موضوع أصبح يحقق، ولاية بعد أخرى، نوعا من الأقدمية السلبية في اتحاد كتاب المغرب، دون أن يتمكن الاتحاد من تفعيل هذه الصفة إلى اليوم، وبالشكل المرتجى. وكنت قد وعدت، في مشروع برنامجي الثقافي الانتخابي الذي قدّمته أمام الرأي العامّ موازاة مع إعلاني عن نيتي الترشح لرئاسة الاتحاد، بالسعي إلى تفعيل حقيقي لهذه الإطار القانوني، وأن أنزع عنه ذلك الطابع الوهمي الذي ارتبط به، منذ حصول الاتحاد على صفة المنفعة العامة، عام 1996. وفعلا، ستشكل هذه النقطة أحد التزاماتنا في المكتب التنفيذي، خصوصا وأن جمعيات ومنظمات أخرى من المجتمع المدني، ظهرت حديثا فقط، وليس لها نفس الدور التاريخي والرصيد الرمزي الذي للاتحاد، لكنها تمكنت، مع ذلك، من الاستفادة من الإطار القانوني للمنفعة العامة، على مستوى تلقي الهبات والدعم والإعفاءات من الضرائب، وغيرها. ولن يتأتى ذلك للاتحاد إلا عبر الإجابة عن سؤالك السابق المتعلق بإستراتيجيته الثقافية المستقبلية، فالاستفادة من المنفعة العامة تشترط، أولا، تقديم مشاريع وملفات وعرض برامج ثقافية حقيقية، تستحق التمويل من الجهات الداعمة وكذا السعي نحو البحث عن مصادر أخرى للتمويل وجمع التبرعات، وفق ما تخوّله الصفة المذكورة ووفق ما تسمح به من حرية ومشروعية، في الحركة والحق في المال العامّ. وفي اعتقادي فإن الإصلاحات الجديدة في البلاد وكذا المكانة الخاصة التي صارت اليوم للثقافة، سواء في الخطب الملكية أو في دستور المملكة الجديد أو في برامج الأحزاب السياسية الديمقراطية، وحتى في البرنامج الحكومي الأخير، كفيلة بأنْ تحفّز الجهات المعنية بالشأن الثقافي أو المتدخلة فيه على مواصلة تمويل المشاريع الثقافية الجادة ودعم الجمعيات الوازنة، شعورا من الجميع، دولة ومؤسساتٍ ومجتمعاً مدنيا وأفرادا، بأن الثقافة اليوم هي عامل أساسي ومؤثر في أي تنمية شاملة ومستدامة. - هناك كثير من الكتاب ابتعدوا عن الاشتغال تحت مظلة الاتحاد لأسباب معينة، فهل هناك تصور لإعادة هؤلاء إلى بيتهم؟ صحيح أن مجموعة من الكتاب أعضاء الاتحاد قد ابتعدوا، مؤقتا، عن الاتحاد، لهذا السبب أو ذاك وحسب إكراهات هذه المرحلة أو تلك.. دون أن يغادروا بيتهم بصفة نهائية.. وصحيح، أيضا، أن طلبات أخرى عديدة ما فتئ يتوصل بها الاتحاد من كتاب آخرين، من مختلف الأجيال والاهتمامات الثقافية والإبداعية، للانخراط في هذه المنظمة الرائدة، بل إن موضوع العضوية ما يزال يُسيل الكثير من المداد ويُثير نقاشا كثيرا داخل مؤتمرات الاتحاد وخارجها، بما يعني أن الاتحاد ما يزال يشكل قبلة إنسانية مشرعة أمام الجميع وخيمة ثقافية مفتوحة على كل الحساسيات والتوجهات. لكن المؤكد، أيضا، هو أن ابتعاد بعض الأعضاء عن منظمتهم، ولو بصفة مؤقته، يبقى أمرا طبيعيا، ما دام أنهم يتوخّون من ورائه، وبطريقتهم الخاصة، التنبيه إلى أن ثمة خللا وعطبا ما داخل منظمتهم، وهو ما يكشف مدى غيرتهم على منظمتهم ومتابعتهم، ولو عن بعد، قضاياها ومشاكلها ومنجزاتها، مع حرصهم على استقلاليتها واستمراريتها معافاة، شعورا من الجميع بطبيعة الروابط الإنسانية والوجدانية والثقافية التي تجمعهم باتحادهم. وفي المؤتمر الأخير، لم نفاجأ بعودة بعض الأعضاء الغاضبين إلى أحضان بيتهم الدافئ ومشاركتهم، بفعالية، في مؤتمرهم، بل منهم من ترشحوا لتحمل المسؤولية داخل أجهزة الاتحاد. ومن تتبع أنشطة الاتحاد الأخيرة سيدرك مدى الإقبال اللافت لمؤسسي الاتحاد ورواده ورؤسائه السابقين على أنشطته وحرصهم على المشاركة في اجتماعاته وفي لجانه واستجابتهم لدعوة الاتحاد لتكريمهم والاعتراف بجهودهم وبعطاءاتهم. موازاة مع ذلك، يمكن قراءة كل ذلك النقاش والتوتر والانتقاد والصراع التيي سبقت المؤتمر الأخير وتخللت فعالياته قراءة في هذا الاتجاه، أي دليلا على مدى حرص أعضاء الاتحاد على منظمتهم وعلى مستقبلها. وفي هذا الإطار، فإن المكتب التنفيذي سيجعل من بين أولوياته الحرص على مواصلة مساعي المصالحة بين الاتحاد وأعضائه. -على مستوى الفروع، ما هي إستراتيجية العمل التي تنوون تبنّيها؟ موضوع فروع الاتحاد هو، دائما، ملازم لحركية المكتب التنفيذي ولحيويته، فنجاح الفروع من نجاح المكتب التنفيذي وإخفاقها من إخفاقه أيضا. من هنا، حرص أجهزة الاتحاد ومؤتمره على ضرورة التفكير بجدية وعمق في موضوع الفروع وفي الوسائل الناجعة، الكفيلة بتفعيلها وتطويرها، مع الحفاظ على استقلاليتها، بما يضمنه لها القانون الأساسي للاتحاد. وشعورا من المؤتمر الأخير بالأهمية الكبيرة والمؤثرة التي لفروع الاتحاد، فقد ارتأى المصادقة على الفصل الخاص بتمثيلية الكتاب العامين للفروع في المجلس الإداري للاتحاد، بعد أن تم استبعادهم في المؤتمر السابق، شعورا من الجميع بأن الفروع هي جزء أساسيّ في المنظومة التدبيرية والتنفيذية لشؤون الاتحاد، خصوصا على مستوى بلورة المشاريع الثقافية والتصورات وتنفيذ البرامج وتنشيط الحياة الثقافية على الصعيد الجهوي. من هنا، فإننا في المكتب التنفيذي سنحرص، ما أمكننا، على مراجعة القانون الداخلي للاتحاد بغاية بلورة تصور جديد لعمل فروع الاتحاد، في اتجاه تقويتها وتمكينها من صلاحيات أوسع لتحديث أساليب تدبيرها وتوفير الإمكانيات اللازمة لتنفيذ مشاريعها، بما يواكب التحولات والمتغيرات الواقعة اليوم في بلادنا.