يجازف الرئيس السوداني عمر حسن البشير بفقد نفوذه ومكانته فضلا عن النفط إذا اختار الجنوب الانفصال في استفتاء يلوح في الأفق وهي اعتبارات قد تغريه هو وحلفاءه بإرجاء أو تعطيل هذا الحدث التاريخي. ويتوقع على نطاق واسع أن يختار أبناء جنوب السودان المنتج للنفط الاستقلال في الاستفتاء الذي وعدهم به اتفاق السلام الموقع عام 2005 والذي أنهى عقودا من الحرب مع الشمال والمقرر إجراؤه في التاسع من يناير. ويبعث البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يقوده بإشارات متضاربة بشأن كيفية تصرفهم في الشهر الأخير قبل الاستفتاء. وقال فؤاد حكمت المحلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «حزب المؤتمر الوطني يتبع مسارا مزدوجا». وأضاف «المجتمع الدولي ووسائل الإعلام والجميع يقولون إن الاستفتاء سيجري في موعده وسيقبلون النتائج... المسار الثاني هو القضية الحقيقية... إنهم بحاجة لمزيد من الوقت لمعالجة نقاط ضعفهم السياسية والاقتصادية ونقاط الضعف داخل حزب المؤتمر الوطني». وفي مطلع هذا الأسبوع قالت جماعة مدنية يقول الجنوب إنها واجهة لحزب المؤتمر الوطني إنها تعد طعنا قانونيا لوقف التسجيل للاستفتاء زاعمة وجود مخالفات. وقال ربيع عبد العاطي وهو من كبار أعضاء حزب المؤتمر إنه لا يعتقد أن التسجيل سيقبل في حين نفى أي صلة بالطعن. واتهمت شخصيات بحزب المؤتمر زعماء الجنوب بمحاولة تزوير الاستفتاء على الانفصال وهددوا بعدم الاعتراف بنتيجته. ووجه الجنوب الاتهام للشمال بمحاولة دفعه لشن هجوم ردا على قصف داخل أراضيه بينما اتهم الشمال الجنوب «بإعلان الحرب» بإيوائه متمردي دارفور. وقال باقان أموم وزير السلام في حكومة الجنوب للصحفيين يوم الثلاثاء الماضي إن حزب المؤتمر الوطني ينفذ خطة ليعيد السودان إلى الحرب حتى يتجنب إجراء الاستفتاء. ويأمل دبلوماسيون ألا يخرج هذا كله عن نطاق سياسة تكثيف الضغوط للحصول على مزيد من التنازلات بشأن اقتسام عائدات النفط عصب الحياة لاقتصاد الشمال والجنوب كليهما. لكن المخاطر قد تكون شديدة.. فإرجاء الاستفتاء قسرا سيثير غضب الجنوب وقد يشعل من جديد صراعا يقود أيضا إلى تعطيل إنتاج السودان من النفط. والعامل الوحيد الذي سيتقدم على هذه القضايا في ذهن البشير وصفوة حزب المؤتمر الوطني هو أن يصبح انفصال الجنوب مصدر تهديد لبقائهم السياسي. ومن شأن انفصال الجنوب أن يوجه ضربة لنفوذ ومكانة البشير ومن ثم نفوذ ومكانة حزب المؤتمر الوطني. وقال مصدر دبلوماسي «سيتذكره الناس على أنه الزعيم الذي سمح بضياع نصف البلاد». وإذا منح البشير الانفصال للمتمردين السابقين في الجنوب فقد يواجه بسرعة تحديات مكثفة من المتمردين في دارفور بغرب البلاد إلى جانب متمردين في الشرق وعند الحدود بين الشمال والجنوب. وقال الطاهر الفقي العضو الكبير بحركة العدل والمساواة في دارفور «نعتقد أن الشمال سيكون أضعف» بعد الانفصال. وأحزاب المعارضة في الشمال منقسمة وضعيفة وتم سحقها في انتخابات ابريل نيسان. لكن الأحزاب الضعيفة والجماعات المتمردة اكتسبت قوة بسرعة في الماضي بدعم سري من جيران السودان. وقال مسؤول دبلوماسي آخر طلب عدم نشر اسمه أن انفصال الجنوب «يمكن أن يبعث إقليميا بإشارة على أن الشمال ليس بالقوة التي كان عليها». ويحتاج الشمال أيضا بشدة إلى وقت إضافي لتنويع اقتصاده بعيدا عن النفط وبناء احتياطياته من العملات الأجنبية وللحد من التضخم. وسبقت العديد من التغييرات في النظام السوداني اضطرابات جماهيرية بسبب زيادة أسعار الغذاء. وهناك حزمة من الحوافز من خارج إفريقيا تقلل من حدة المخاطر التي يتعرض لها النظام من داخل السودان.