افتتحت دول مجلس التعاون الخليجي قمتها السنوية أول أمس الاثنين في أبو ظبي، في ظل إحراج واستياء من تسريبات ويكيليكس التي كشفت قلقها البالغ إزاء طهران, ولكن دون أن يكون لذلك اثر متوقع على العلاقات الإستراتيجية مع واشنطن. والقمة التي تتزامن مع بدء مفاوضات جديدة بين طهران ودول مجموعة «5+1» حول البرنامج النووي الإيراني, انعقدت في غياب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يتلقى العلاج في نيويورك. وافتتح رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان القمة وأعلن تعيين البحريني عبد اللطيف الزياني أمينا عاما جديدا لمجلس التعاون خلفا لعبد الرحمن العطية الذي شغل هذا المنصب طوال تسع سنوات. وألقى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح, رئيس دورة المجلس المنصرمة, كلمة دعا فيها إلى حل أزمة الملف النووي الإيراني ب»الحوار» و»الطرق السلمية» و»الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية بما يحقق التوصل إلى تسوية سلمية» للملف و»يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة». كذلك دعا الشيخ صباح الولاياتالمتحدة والرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي للضغط على إسرائيل من اجل وقف عمليات الاستيطان «تحقيقا للسلام العادل والشامل الذي لا يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة». وهنأ أمير الكويت والأمين العام للمجلس قطر على الفوز باستضافة كاس العام لكرة القدم 2022, واعتبرا أن ذلك يمثل انجازا للدول الخليجية والعربية والإسلامية كافة. وكان عبد الرحمن العطية أكد للصحافيين مساء يوم الأحد الماضي، أن القمة «تنعقد في توقيت هام لجهة تسريع وتيرة العمل الخليجي المشترك والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة». وأضاف أن «القمة ستقر عددا من الاستراتيجيات التي ستسهم في دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك ومنها الاستراتيجيات الخاصة بالربط الكهربائي والسكة الحديدية والاستخدام السلمي للطاقة النووية». وتملك دول المجلس, السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين, مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم إضافة إلى خمس احتياطات الغاز, ويفترض أن تختتم قمتها بعد ظهر الثلاثاء. ومع استمرار المواجهة المحتدمة بين إيران والمجتمع الدولي وتزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن والانسحاب الأميركي من العراق, فان امن المجموعة الخليجية يبدو العنوان الرئيسي لقمة أبو ظبي في الجانب السياسي, بحسب المراقبين. وأظهرت الوثائق الدبلوماسية الأميركية السرية التي نشرها موقع ويكيليكس قلقا كبيرا لدى حلفاء واشنطن الخليجيين إزاء توسع النفوذ الإيراني وبرنامج طهران النووي فيما قد يكون قادة كبار في المجلس لا سيما العاهل السعودي أيدوا مباشرة أو ضمنا ضرب إيران. وفي سياستها العلنية, حرصت دول مجلس التعاون الخليجي دائما على إبقاء مستوى من الهدوء في الخطاب تجاه إيران مع التشديد على مخاوفها إزاء نفوذ طهران المتزايد في العالم العربي. حتى أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد حضر نهاية عام 2007 القمة الخليجية في الدوحة. وبحسب وثيقة جديدة سربها ويكيليكس وتعود ل 2009, أعربت الولاياتالمتحدة عن أسفها لكون المتبرعين الخاصين في السعودية ما زالوا يشكلون «المصدر الأساسي العالمي لتمويل المجموعات الإرهابية السنية». وكشفت وثائق أخرى أن دولا أخرى في المنطقة وخصوصا قطر والكويت تتقاعس عن مكافحة تمويل هذه المجموعات. وتأتي القمة الخليجية بالتزامن مع بدء المفاوضات النووية بين إيران, ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون وممثلي الدول الست الكبرى في جنيف. وقد دعا مسؤولون خليجيون في أكثر من مناسبة إلى إعطاء دول الخليج دورا في المفاوضات مع إيران.