في ذروة الجدل المتصاعد في العالم حول الموقع ومؤسسه جوليان أسانج ، نشر "ويكيليكس" مساء الإثنين الموافق 6 ديسمبر لائحة سرية لمواقع صناعية وبنى تحتية حساسة في كافة أنحاء العالم تريد الولاياتالمتحدة حمايتها من هجمات "إرهابية" لأن خسارتها ستضر بشكل كبير" بالأمن الأمريكي . وجاء في برقية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية وتحمل تاريخ فبراير/شباط 2009 أن الخارجية الأمريكية طلبت من بعثاتها الدبلوماسية إحصاء البنى التحتية والمؤسسات في العالم التي يضر فقدانها بشكل كبير بالصحة العامة والأمن الاقتصادي والأمن الوطني للولايات المتحدة وسرعان ما تلقت الخارجية الأمريكية لائحة تغطي العديد من الدول وتضم خطوط اتصالات تحت البحر ومرافىء وسدودا وأنابيب نفط وغاز ومناجم وشركات تصنع خصوصا منتجات صيدلة مهمة للصحة العامة ، كما تتضمن اللائحة أيضا مئات مواقع البنى التحتية الحساسة وتشمل كل القارات . وإلى جانب البنى التحتية الاستراتيجية والتي تركزت أغلبها في الشرق الاوسط ، تشير اللائحة أيضا إلى قناة بنما ومنجم كوبالت في الكونغو ومناجم أخرى في جنوب افريقيا وأمريكا اللاتينية وكذلك شركات صيدلة تنتج لقاحات في الدنمارك وايطاليا والمانيا او حتى استراليا. وبخصوص فرنسا ، تشمل اللائحة مجموعات الصيدلة سانوفي-افنتيس و"اي ام دي فارمس" و"جلاكسو-سميث-كلاين" في ايفرو وكذلك المجموعة الصناعية الستوم ونقاط وصول خطوط الاتصالات عبر الاطلسي في بليرين ولانيون. وبالنظر إلى أن اللائحة السابقة قد توفر بنكا من الأهداف لجماعات معادية لأمريكا كالقاعدة ، فقد رأى مالكولم ريفكيند وزير الدولة البريطاني السابق لشئون الدفاع والشؤون الخارجية أن موقف ويكيليس "غير مسئول" بحيث أن تلك اللائحة يمكن ان تساعد مجموعات "إرهابية". وأضاف ريفكيند في تصريحات لصحيفة "التايمز" البريطانية "أن هذا الأمر يعتبر دليلا إضافيا على أن تصرف "ويكيليكس" غير مسئول أو حتى إجرامي تقريبا ، قائلا :" إنه نوع المعلومات الذي يهم الإرهابيين". ورغم التصريحات السابقة ، إلا أن هناك شكوكا تتزايد يوما بعد يوم حول أن ما يحدث ما هو سوى خدعة أمريكية إسرائيلية لتحقيق أهداف خفية . صحيح أن البرقية الأخيرة حول سلسلة مصالح أمريكا الحيوية في العالم قد يعتبرها البعض أمرا جديدا بالنظر إلى أنها تضمنت قائمة بشركات صيدلة حيوية لواشنطن ، إلا أن هناك من ذهب إلى أن الأمر قد يكون خدعة أمريكية جديدة للتغطية على التساؤلات التي بات يرددها البعض حول أسباب تجاهل وثائق ويكيليكس لجرائم إسرائيل وخفايا السياسة الأمريكية . فالوثائق الأمريكية المسربة حتى الآن أضرت العرب والمسلمين بشكل كبير بل وهناك من أشار إلى أنها حاولت إيقاع الفتنة بين الدول العربية والإسلامية بعضها البعض ، بالإضافة إلى زيادة الفجوة بين الحكام والشعوب . ورغم أن وثائق ويكيليكس أشارت إلى انتهاكات واسعة في العراق وأفغانستان ، إلا أن اللافت للانتباه أنها ركزت على كشف عملاء الاحتلال أكثر من التركيز على ما يدين أمريكا وكبار مسئوليها وخاصة جورج بوش الإبن . بل واللافت للانتباه أيضا أن وثائق ويكيليكس الأخيرة جاءت في صالح وجهة نظر إسرائيل حول ضرورة توجيه ضربة عسكرية لإيران ، بجانب أنها حاولت الإساءة لصورة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان عبر إظهاره على أنه "فاسد" ، حيث قالت برقية سربها موقع "ويكيليكس" للسفير الأمريكي السابق في أنقرة ايريك اديلمان :" سمعنا من مصدرين أن أردوجان لديه ثمانية حسابات في بنوك سويسرية ، ثروته جاءت من هدايا زواج أعطاها مدعوون لابنه كما أن رجل أعمال تركي يدفع تكاليف التعليم لأولاد أردوجان الأربعة في الولاياتالمتحدة ". وبجانب ما سبق ، حاولت وثائق "ويكيليكس" الإيقاع أيضا بين العرب وإيران وحتى بين الأشقاء العرب أنفسهم عبر محاولة إشعال التوتر بين المغرب والجزائر ، بالإضافة إلى ما سببته من حرج بالغ لبعض الحكام العرب أمام شعوبهم . خطوة أمريكية مقصودة وأمام ما سبق ، لم يكن مستغربا أن يعلن الخبير المصري عباس خلف نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بروسيا أن الولاياتالمتحدة تعمدت تسريب الوثائق السرية التى كشفها موقع "ويكيليكس"مؤخراً لكى تكون رسالة تهديد توضح لقادة دول العالم أنها تستطيع فضحهم في أى وقت ، مشيراً إلى أن عدم نفيها صحة الوثائق يؤكد هذا الأمر. وأوضح خلف فى لقاء مع برنامج "صباح الخير يا مصر" بالتليفزيون المصرى في 4 ديسمبر أن الوثائق التى سربها "ويكيليكس" تطرقت الى مواضيع حساسة حيث ركزت على الجذور اليهودية للرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى ووصفت روسيا بأنها "أشبه بدولة مافيا" والرئيس الروسى ميديفيديف بأنه ضعيف ومتردد يخضع لسيطرة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين "المتسلط" الذي ما زال يمسك بالملفات الاساسية مثل الملف النووي الايراني . وتابع " كشف هذه الوثائق زعزع ثقة قادة دول العالم في أمريكا خاصة وأنها لم تشكك فى صحتها بل أكدت أنها صحيحة 100% " ، وأكد خلف أيضا أن هدف الدبلوماسيين الأمريكيين هو التجسس على رؤساء العالم والشخصيات السياسية وهذا يظهر فى قول وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون :" إن كل العالم هو مصالح حيوية لنا" ، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة تعمدت كشف هذه الوثائق لتكون رسالة تهديد ولتوضح لزعماء وقادة العالم أنها قادرة على فضحهم. وشدد الخبير المصرى على أن هذه ليست المرة الأولى التى تتسرب فيها وثائق مهمة فقد سربت من قبل وثائق بخصوص حرب فيتنام ولكنها لم تكن بهذا الحجم ، واختتم خلف قائلا إن الوثائق التى تم الكشف عنها ستعزز من حجم القوى المناهضة للولايات المتحدة. وفي السياق ذاته ، أعلن وزير الخارجية المصرى أحمد أبو الغيط أن الوثائق السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني "قصة خطيرة للغاية"، مطالبا بعدم الإسراع في الحكم على التسريبات التى نشرها الموقع. وأشار أبو الغيط في حوار مع برنامج "حالة حوار" على القناة الأولى بالتليفزيون المصري في 4 ديسمبر إلى أنه يعتقد أن تلك التسريبات تهدف إلى شيء ما وتريد الوصول إلى أهداف معينة تحقق للولايات المتحدة أفكارا محددة تجاه أفراد أو دول. وإلى حين تتضح حقيقة تسريبات ويكيليكس ، فإن هناك أيضا آراء متضاربة حول هذا الموقع الإلكتروني المتخصص في نشر الوثائق السرية ، فهناك من يرى أنه يسعى بالفعل لنشر الحقائق والمعلومات وأن الشكوك حول احتمال تعامله مع الموساد والمخابرات الأمريكية قد تكون على الأرجح بسبب نوايا مصدر التسريبات وأهدافه وليس بسبب سوء نية من الموقع ، فالشخص الذي سرب الوثائق الأمريكية للموقع قد يكون يعمل لصالح الموساد وال " سي اي ايه " . وفي المقابل ، يرى البعض الآخر أن الموقع ما كان لينجح في الحصول على كل تلك الوثائق لولا تعاونه مع واشنطن سرا وأن الضجة المثارة حاليا حول مؤسسه جوليان أسانج ما هي سوى خدعة للتغطية على المخططات الأمريكية ضد دول العالم ، والدليل على ذلك أن شركة إنترنت أمريكية كانت تستضيفه حتى أيام قليلة مضت ولم تقم بطرده إلا بعد نشر الوثائق الدبلوماسية لخداع العالم بأنها بريئة من إحراج حلفائها أمام شعوبهم ، هذا بجانب أن واشنطن تعرف جيدا مكان "اختباء أسانج المزعوم" في بريطانيا . وبصفة عامة ، فإن هناك غموضا واسعا حول تسريبات ويكيليكس وأهدافها الحقيقية ، ويبقى التساؤل اللغز : لماذا نجح أسانج دون غيره في الحصول على كل تلك الوثائق السرية الأمريكية ؟. نبذة عن ويكيليكس ومعروف أن موقع ويكيليكس "www.wikileaks.org " ومعناه "تسريبات الويكي" يعتبر كما يقول القائمون عليه موقعا للخدمة العامة مخصصا لحماية الأشخاص الذي يكشفون الفضائح والأسرار التي تنال من المؤسسات أو الحكومات الفاسدة ويكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما وكيفما كانت . واسم الموقع جاء من دمج كلمة "ويكي" والتي تعني الباص المتنقل مثل المكوك من وإلى مكان معين وكلمة "ليكس" وتعني بالإنجليزية "التسريبات". وجاءت فكرة تأسيس الموقع من خلال حوار بين مجموعة من الناشطين على الإنترنت من أنحاء متفرقة من العالم مدفوعين بحرصهم على احترام وحماية حقوق الإنسان ومعاناته بدءا من قلة توفر الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والقضايا الأساسية الأخرى. ومن هذا المنطلق رأى القائمون علي الموقع أن أفضل طريقة لوقف هذه الانتهاكات هو كشفها وتسليط الضوء عليها ، ومن أبرز القائمين على الموقع الناشط الإسترالي جوليان أسانج . وانطلق الموقع في عام 2006 من السويد بالنظر إلى القوانين هناك التي تحمي المؤسسات التي تكشف الفساد وخاض الموقع منذ تأسيسه صراعات ومعارك قضائية وسياسية من أجل حماية المبادئ التي قام عليها وأولها "صدقية وشفافية المعلومات والوثائق التاريخية وحق الناس في خلق تاريخ جديد". ومن أجل حماية مصادر المعلومات يتبع موقع ويكيليكس إجراءات معينة منها وسائل متطورة في التشفير تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات. ويتم تلقي المعلومات إما شخصيا أو عبر البريد كما يحظى ويكيليكس بشبكة من المحامين للدفاع عن المواد المنشورة ومصادرها التي لا يمكن -متى نشرت على صفحة الموقع- مراقبتها أو منعها. وسبق لويكيليكس أن حصل على حكم قضائي من المحكمة العليا بالولاياتالمتحدة التي برأته من أي مخالفة عندما نشر ما بات يعرف باسم أوراق البنتاجون التي كشفت العديد من الأسرار حول حرب فيتنام. وما يثير الحزن أنه رغم آلاف الوثائق التي نشرها ويكيليكس حتى الآن إلا أن المتهمين فيها لم يتم تحويلهم للقضاء ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من أخطاء وهو ما دفع القائمين على الموقع للتأكيد أن تقدير ذلك يعود نهاية المطاف للقضاء وليس الإعلام . ورغم أن أمريكا اتخذت من وجهة نظرها كافة الإجراءات التي تمنع محاكمة جنودها أمام المحاكم الدولية ، إلا أن هذا لا يمنع - كما يقول القائمون على ويكيليكس - الصحفيين والناشطين والمعنيين من استخدام معلومات ينشرها الموقع للبحث والتقصي للوصول إلى حقيقة الأمر وبالتالي يمكن لاحقا تحويل المسألة إلى قضية ينظر فيها القضاء ، بل ويرى القائمون على الموقع أيضا أن مهمة ويكيليكس تنتهى عند نشر الوثائق ، أما التحقيق فيها فهو مسئولية كل من يهمه الأمر وخاصة ضحايا الانتهاكات الواردة في تلك الوثائق . طريقة عمل الموقع وخلال لقاء مع برنامج "بلا حدود" على قناة "الجزيرة" في 27 أكتوبر الماضي ، كشف مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج الكثير من الأسرار حول الطريقة التي يعمل بها والتهديدات التي تلقاها من البنتاجون . وبدأ أسانج حديثه بالإشارة إلى أن موقع ويكيليكس فضح الانتهاكات والفساد في أكثر من مائة وعشرين دولة من أبرزها ما حدث في كينيا عندما تم تغيير حكومتها في 2007 بعد نشر وثائق تؤكد تورطها في جرائم فساد وغسيل أموال . وحول طريقة حصوله على الوثائق ، كشف أسانج أن هذا الأمر يتم شخصيا أو من خلال البريد الإلكتروني أو البريد العادي أو بطريقة غير مباشرة في حال الحكومات الديكتاتورية عن طريق قيام الشخص الذي يمتلك وثائق هامة بإرسالها إلى صديق له في الخارج ومن خلاله يتم إيصالها لموقع ويكيليكس سواء عبر البريد الإلكتروني أو من خلال الاتصال بشركاء ويكيليكس الإعلاميين وأبرزهم قناة "الجزيرة ". وفي رده على سؤال حول إمكانية كشف مصدر الوثائق ، أكد أسانج أنه لم يتم اعتقال أي شخص أرسل وثائق للموقع لأنه يتبع طريقة تخزين مشفرة ومعقدة جدا تجعل من الصعوبة بمكان معرفة هذا المصدر ، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الموقع يجري تحقيقا شبه قضائي للتأكد من صحة الوثائق عبر التحقق من خلفية المصدر ومكان عمله ودوافعه بالإضافة إلى التأكد من المعلومات الواردة في الوثائق بالرجوع إلى مصادر عسكرية واستخباراتية موثوق بها للاستفسار مثلا عن عملية عسكرية وقعت في يوم ما وقتل فيها مدنيون . وبالنسبة للهيكل الوظيفي في موقع ويكيليكس ومصادر تمويله ، كشف أسانج أنه يعمل بداخل الموقع 30 شخصا بالإضافة إلى شبكة من المتطوعين تقارب 800 شخص وفريق مستشارين قانونيين . أما فيما يتعلق بالتمويل ، فقد أشار أسانج إلى أنه حتى يناير الماضي كان يدفع كافة التكاليف من أمواله الخاصة ، قائلا:" وبعد تزايد النفقات بسبب الدعاوى القضائية وبعض الهجمات الإلكترونية فتحنا الباب أمام الأصدقاء والتبرعات التي يقدمها مؤيدون للموقع ، حيث حصلنا خلال الشهور الماضية على مليون دولار تبرعات من آباء وأمهات وصحفيين وناشطي حقوق الإنسان ". وأضاف " بصفة عامة ، الكلفة الشهرية للموقع تبلغ 120 ألف دولار ، والتكلفة تزيد باستمرار ، رغم الضغوط التي نواجهها من قبل أمريكا ، إلا أننا نجحنا في فتح حسابات مالية في بعض الدول الأوروبية يتم من خلالها إرسال التبرعات ". وبالنسبة للهجمات الإلكترونية التي تعرض لها الموقع ، قال أسانج :" تعرضنا لهجمات من الصين إلا أننا كشفناها خلال ساعات ، لدينا موقع مسلح ومحصن بشكل كبير ضد مثل تلك الهجمات من خلال امتلاك حواسيب كبيرة ومتطورة وجدران حامية وشركات إنترنت عملاقة". وفي رده على اتهامات البنتاجون بأنه يعمل لصالح أعداء أمريكا ، كشف أسانج أنه تلقى في الشهور الأخيرة تهديدات لا حصر لها من قبل البنتاجون الذي طالبه أيضا بتدمير كافة الوثائق التي قام بنشرها وعدم نشر أية وثائق جديدة تتعلق بالجيش الأمريكي ، بالإضافة إلى الضغوط التي مارسها على وسائل الإعلام الأمريكية للامتناع عن نشر وثائق ويكيليكس أو التعاون مع الموقع ، قائلا :" لقد سقطت الديمقراطية الأمريكية ، البنتاجون يهددنا أيضا بالملاحقة القضائية بتهمة التجسس واعتقل عددا من المتطوعين الذين يعملون معنا ". وتابع " ضغطت واشنطن أيضا على استراليا وإيسلندا والسويد لكي لا تكون مأوى آمن لنا ، مصادر استخباراتية أمريكية وغربية طلبت منا التزام الحذر في تحركاتنا ولذا أنا موجود الآن في لندن بعد أن تلقيت تطمينات من مصادر موثوقة بتأميني ضد الاعتقال أو الاغتيال ". واستطرد في هذا الصدد قائلا :" الاتهامات بالعمل لصالح أعداء أمريكا محض كذب ، منذ انطلاق العمل بالموقع قبل 4 سنوات نشرنا وثائق حول 120 دولة ، بل إن الوثائق حول العراق وأفغانستان كانت وثائق أمريكية ومسربة من داخل الولاياتالمتحدة نفسها ". وبالنسبة لما يتردد حول احتمال تعاونه مع أجهزة استخبارات في دول العالم ، نفى أسانج بشدة صحة هذا الأمر ، قائلا :" هناك متطوعين فقط في أجهزة استخباراتية يعملون معنا ، الاستخبارات الروسية عرضت علينا التعاون معها إلى أننا رفضنا ، نحن حريصون على أن نظل جهة مستقلة لفضح الفاسدين ".
ويبدو أن أسانج مقتنع تماما بما يقوم به ، حيث أكد أنه راض تماما عن عمله لأنه يواجه الحكومات الفاسدة ويتصدى لانتهاكات الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان ، قائلا :" هدفنا الدفاع عن التاريخ والضحايا الأبرياء في مواجهة الحكومات السلطوية والفاسدة ، هذا مصدر قوتنا ويستحق المخاطرة ، الإنترنت والصحافة الاستقصائية هما أفضل وسيلة الآن لفضح الفساد والانتهاكات ". وفي رده على سؤال حول امتلاك وثائق عن الحكومات العربية ، كشف أسانج أنه حتى لو امتلك مثل تلك الوثائق فإنها تكون إما جاءت من أمريكا أو من دول غربية ، قائلا :" لدينا وثائق عن القاعدة ونشرنا وثائق حول بعض بنوك أبو ظبي وتلقينا تهديدا بالسجن بتهمة انتهاك قوانين سرية مصرفية ". واختتم مؤسس ويكيليكس تصريحاته قائلا :" هناك ملايين الوثائق لم تنشر بعد ، بعضها يتعلق بأفغانستان وروسيا ، هناك 15 ألف وثيقة جديدة حول الحرب بأفغانستان جاهزة للنشر ". تهديدات بالقتل وبعد حوالي شهر ونصف من التصريحات السابقة ، خرج أسانج على الملأ مجددا ليؤكد أنه عزز التدابير الأمنية لضمان سلامته بعد أن تلقى تهديدات بالقتل إثر بدء موقعه أواخر نوفمبر الماضي بنشر 250 ألف برقية دبلوماسية أمريكية سرية. وفي سلسلة أسئلة وأجوبة على الإنترنت مع صحيفة " الجارديان" في مطلع ديسمبر ، وعد أسانج "39 عاما" بمقاومة الهجمات التي تستهدف موقعه من قبل الولاياتالمتحدة. وتابع "التهديدات على حياتنا أصبحت مسألة علنية ، لكننا نتخذ التدابير اللازمة لدرجة اننا أصبحنا قادرين على التعامل مع قوة عظمى". وسرعان ما أعلن البريطاني مارك ستيفنس محامي أسانج أن موكله يحتفظ ببعض الوثائق الخطيرة التي قد ينشرها في حالة تعرضه أو موقعه لأي تهديد . وأضاف ستيفنس أن موكله سيقاوم كل المحاولات لترحيله إلى السويد لمواجهة اتهامات بالاغتصاب هناك ، وتابع "الموقع يحتفظ بوثائق سرية أخرى ، ما تحتويه وما ستثيره سيكون أشبه بجهاز حراري نووي لعصر الإنترنت ". وأشار إلى أن قضية الاغتصاب التي رفعت ضد أسانج في السويد كانت وراءها دوافع سياسية ، رابطا بين نشر الوثائق في موقع ويكيليكس وإطلاق الاتهامات بشكل علني وعبر وسائل الإعلام ضد أسانج . وأكد ستيفنس أيضا في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في 5 ديسمبر أن مذكرة اعتقال أسانج تتعلق بالاشتباه بتورطه في عملية اغتصاب وتحرش جنسي بحق امرأتين في السويد في آب/ أغسطس الماضي . واستطرد "القضية بمجملها ضد أسانج تم إسقاطها من قبل رئيس الادعاء العام في السويد في سبتمبر/أيلول ، إلا أنه بعد تدخل سياسيين سويديين قام بتحريكها مدع عام جديد في جوتنبرج وليس في استوكهولم حيث بدأت القضية بين موكله والفتاتين ". واللافت للانتباه أن تلميح ستيفنس باحتفاظ ويكيليكس بوثائق خطيرة جاء بعد أن دعا المرشح الجمهوري السابق للانتخابات الرئاسية الأمريكية مايك هاكابي إلى إعدام أسانج الذي ولد في استراليا ويحمل جواز سفر استراليا . كما جاءت تهديدات ستيفنس بعد أن أعلن المدعي العام الإسترالي روبرت ماكليلاند أن حكومته تدرس إمكانية إلغاء جواز سفر أسانج ضمن الجهود الرامية لتوقيفه . وكان موقع ويكيليكس اضطر أيضا في 3 ديسمبر إلى تغيير اسم نطاق الإنترنت الخاص به ونقله إلى سويسرا بعد أن أغلقه الموقع الأمريكي العملاق "أمازون" الذي كان يستضيفه في السابق ، وفي 7 ديسمبر ، سلم أسانج نفسه للشرطة البريطانية بناء على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها السويد ضده . وبصفة عامة ، فإن "ويكيليكس" بات حديث الصباح والمساء في كافة دول العالم ويبدو أن الأيام المقبلة ستكشف مفاجآت كثيرة حول حقيقة هذا الموقع المثير للجدل .