تعقد الدول الإفريقية ودول الاتحاد الأوروبي قمة ثالثة يومه الاثنين والثلاثاء في طرابلس تخصص بحسب جدول أعمالها الرسمي لبحث الأزمة الاقتصادية، لكن من المتوقع أن تهيمن عليها مسالة الهجرة غير الشرعية التي باتت ليبيا المعبر الرئيسي لها. وجعل الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من تبعات الأزمة المالية من الوظائف والاستثمارات والنمو الاقتصادي أولويات على أجندة القمة التي تجري في 29 و30 نوفمبر ويشارك فيها 53 زعيما من أفقر قارة في العالم إضافة إلى الاتحاد المؤلف من 27 بلدا. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو إن «وجود تعاون أقوى وأكبر سيعود بالنفع على تطور افريقيا». ولا يزال الاتحاد الأوروبي أكبر متبرع لإفريقيا واهم شركائها التجاريين, إلا أنه يخشى أن يتم تهميشه بعد أن انضمت كل من البرازيل والهند وغيرها من الاقتصاديات العملاقة الناشئة الى الصين في محاولة للاستفادة من خيرات القارة الغنية بالموارد الطبيعية. وإضافة إلى ذلك، فإن غياب الزعماء الثلاثة الكبار في أوروبا وهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، عن القمة يجعل من الصعب التوصل إلى قرار حاسم بشان مطلب الزعيم الليبي معمر القذافي الحصول على خمسة مليارات يورو سنويا من الاتحاد الأوروبي لمعالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية التي توصف بأنها قنبلة موقوتة. ويبلغ عدد سكان ليبيا نحو خمسة ملايين نسمة, إلا أنها تضم نحو مليوني مهاجر غير شرعي يبحثون عن عمل ويسعون إلى التوجه إلى أوروبا «الأرض الموعودة» التي تعاني من أزمات تجعلها غير قادرة على دفع الأموال اللازمة لمعالجة هذه المشكلة. والجثث التي يلقي بها البحر على شواطئ ليبيا ستجعل من الصعب عل الدول الثمانين المجتمعة في القمة تجاهل حالة اليأس والبؤس التي تدفع المهاجرين إلى ركوب الأمواج في قوارب متهالكة طلبا للرزق في أوروبا. ويقول القذافي أن وقف تدفق المهاجرين عبر المتوسط هو مسؤولية أوروبا والدول الإفريقية, إلا أنه لم يحصل الشهر الماضي إلا على جزء طفيف من المساعدات التي طلبها من الاتحاد الأوروبي وهي 50 مليون يورو على مدى عامين للمساعدة على حماية من يلجئون لأسباب اقتصادية, ومراقبة الحدود. وبعد أن رفضت ليبيا أن تكون «حارس الحدود لأوروبا» قررت أخيرا فرض غرامة على الهجرة غير الشرعية, والشهر الماضي أنفقت ملايين على شراء أجهزة رادار لمراقبة سواحلها البالغ طولها 2000 كلم. وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي «لن تكون مفاجأة إذا طلب القذافي مزيدا من المال في القمة, فليبيا تعاني من مشكلة». وفي القمة الإفريقية الأوروبية التي عقدت في لشبونة قبل ثلاث سنوات, وقعت القارتان على تعهد تاريخي لمعالجة المشاكل المستقبلية بشكل متساو, وطي صفحة الماضي الاستعماري المرير, وتجاوز علاقة المتبرع والمتلقي بينهما. إلا أن محللين يقولون إن هذه النوايا فشلت في أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات حاسمة يمكن أن تؤثر على قضايا صعبة مثل الهجرة أو التجارة. وقال هوغو برادي من مركز الإصلاحات الأوروبية «ما نحتاج إليه الآن هو قمة خاصة حول الهجرة, ولكن لا يزال من المبكر القيام بذلك». ويفتقر الاتحاد الأوروبي إلى وجود سياسة واحدة «جدية» بشان الهجرة, فيما لا يزال يتعين على دول الاتحاد الإفريقي ال53 المختلفة السياسات الموافقة على هذه السياسة. وأوضح برادي «أن مصيري الاتحاد الأوروبي وإفريقيا سيكون مرتبطين الواحد بالآخر خلال الأعوام العشرين المقبلة. إذا لم يتم وضع نظام مشروع للتعامل مع مسالة الهجرة فستبرز العديد من المشاكل التي يزيد من تعقيدها التغير المناخي ونقصان الأراضي الزراعية في إفريقيا». وفيما تحقق الأحزاب اليمينية في أوروبا مكاسب بسبب استغلالها مخاوف الشعوب الأوروبية من الهجرة, هناك العديد من المسائل التي يجب مناقشتها للحد من تدفق الباحثين عن العمل إلى أوروبا من بينها الاتجار بالبشر وهجرة الأدمغة الإفريقية وحماية اللاجئين والمساعدة على تنقل الطلاب وتامين وظائف. ومن بين المشاريع المتعلقة بالهجرة إنشاء جهاز مراقبة تدفق المهاجرين الممول من الاتحاد الأوروبي, ومعهد التحويلات المالية الذي يهدف إلى المساعدة في أن يساهم دخل العمال المهاجرين في نمو إفريقيا وتطورها. إلا أن كثيرين يقولون أن هذه خطوات محدودة للغاية. ويقول اندرو شريف من المركز الأوروبي لإدارة سياسة التنمية «لا يمكن تحقيق التقدم عن طريق المشاريع», بل على زعماء القارتين تطبيق وعود لشبونة 2007 وإجراء حوار سياسي على أعلى المستويات. ويوضح أن مسالة الهجرة «تتم معالجتها من جانب الدول الأعضاء منفردة, وليس هناك موقف موحد. يجب إجراء حوار سياسي على مستوى جديد, وعقد اجتماع بين وزراء العدل والداخلية في تلك الدول لأنهم صانعو القرار الحقيقيون». وبالإضافة إلى الهجرة, يتوقع أن يصدر بيان مشترك بشان التغير المناخي مع بدء أعمال مؤتمر كانكون في المكسيك. كما يتوقع أن يبحث القادة خلال القمة مسائل السلام والأمن والطاقة المتجددة والطعام والزراعة وحقوق الإنسان.