من المرتقب أن تهيمن قضايا الأمن والسلم والتكامل الإقليمي والتجارة على أشغال قمة إفريقيا - الاتحاد الأوروبي الثالثة التي تبدأ زوال اليوم الاثنين في العاصمة الليبية طرابلس بمشاركة عدد من قادة ومسؤولي الدول الإفريقية والأوروبية من بينهم الوزير الأول السيد عباس الفاسي ممثلا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. ومن بين القضايا التي سيشملها جدول أعمال القمة الذي توافق عليها وزراء الشؤون الخارجية في البلدان الإفريقية، خلال الاجتماع التشاوري الذي عقدوه اليوم الأحد بطرابلس بمشاركة السيد محمد أوزين كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أيضا، قضايا البنية التحتية، والأهداف الإنمائية للألفية، والطاقة، وتغير المناخ، والهجرة والتنقل والعمالة، والعلم ومجتمع المعلومات والفضاء. ويفترض أن تعالج هذه القمة التي تنعقد عقب قمتي مصر سنة 2000 والبرتغال سنة 2007، هذه القضايا من زاوية تقييمية، تأخذ في الحسبان ما تم إنجازه من مقتضيات الإستراتيجية الأوروبية الإفريقية المشتركة وخطة العمل الصادرتين عن قمة لشبونة، مع الوقوف على أوجه القصور ومكامن الضعف والصعوبات التي حالت دون تنفيذ عدد من مقتضياتهما عند التطبيق. فقد شكلت قمة لشبونة لحظة انعطاف أساسية في مسار العلاقات الإفريقية الأوروبية ليس من خلال البيان الصادر عنها، والذي حدد الإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للتعاون بين الطرفين فحسب، بل أيضا من خلال توضيح طبيعة هذه الشراكة وحصر مجالاتها في التنمية والأمن والهجرة والبيئة مع وضع خطة عمل تحدد لأول مرة آليات وأجهزة وآماد التنفيذ وكذا أطر والتمويل الخاصة بهذه الشراكة. وكانت قمة القاهرة من جهتها قد أسفرت سنة 2000 عن تعهد الدول الأوروبية بتنفيذ إستراتيجية لتقديم الدعم والمساعدة للبلدان الإفريقية حتى العام 2015 بما يمكنها من تحقيق أهداف التنمية للألفية الثالثة والعمل على تأمين وصول المنتجات الإفريقية إلى الأسواق الأوروبية بأسعار عادلة وتسهيلات ومزايا مشجعة. كما ضمنت هذه القمة بيانها الختامي خطة عمل لضمان تنفيذ هذه الإستراتيجية، من مقتضياتها، تنظيم مؤتمر قمة إفريقيا الاتحاد الأوروبي كل ثلاث سنوات وإنشاء مجموعة إقليمية ثنائية على مستوى كبار المسؤولين لمراقبة تحقيق الأولويات من أجل تعزيز المشاركة الإستراتيجية بين الطرفين ودعم برامج التعاون الإقليمي في أفريقيا من خلال إزالة القيود على التجارة والاستثمار والتزام الاتحاد الأوربي بتمكين منتجات دول أفريقيا من الوصول إلى الأسواق الأوروبية بدون جمارك وتبسيط قواعد المنشأ وتشجيع المشاريع المشتركة بين أفريقي وأوروبا. ومع أن قمة طرابلس ستحافظ بكل تأكيد على التقليد الذي ابتدعته القمتان السابقتان من خلال صياغة توافقاتها حول القضايا المطروحة على بساط البحث، ضمن استراتيجية وخطة عمل جديدتين لتعزيز التعاون بين الطرفين في مختلف المجالات، وأيضا توضيح الإطار السياسي لشراكتهما المنشودة من خلال إعلان طرابلس الذي يرتقب أن تختتم به القمة أشغالها غدا الثلاثاء، فإن الملاحظين في العاصمة الليبية يتوقعون أن تكون هذه القمة مختلفة في نتائجها كما هي مختلفة في طبيعتها. ويرون على الخصوص أن قمة طرابلس تنعقد، في ظل ظرفية غير ملائمة لا بالنسبة للطرف الأوروبي ولا بالنسبة للبلدان الإفريقية، مبرزين في هذا الصدد ما تمر به البلدان الأوروبية من أزمة مالية وانكماش اقتصادي لا يساعدها قطعا على دعم مشروع شراكتها مع البلدان الإفريقية. كما يشيرون في هذا السياق لتفاقم العجز الاقتصادي وتدهور الأوضاع الأمنية وتزايد مخاطر الحروب والإرهاب وارتفاع أعداد ضحايا الكوارث في العديد من المناطق الإفريقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أي المدة الفاصلة بين قمة لشبونة وقمة طرابلس، مؤكدين بأن هذه الأوضاع غير مساعدة قطعا على طمأنة الطرف الأوروبي على مستقبل شراكته مع القارة الأفريقية. لذلك، يرى هؤلاء المراقبون أن مجرد توصل قمة طرابلس إلى نتائج تكفل ضمان استمرارية مشروع الشراكة الأوربية الأفريقية والإبقاء عليه حيا من خلال إنجاز بعض المشاريع الملموسة خلال السنوات الثلاث القادمة، أي ريثما تتوفر شروطا أفضل لتحقيق تحول أو انعطافة نوعية، في العلاقات بين الطرفين، يعد في حد ذاته نجاحا كبيرا لهذه القمة.