يتوجه الناخبون المصريون يوم غد الأحد إلى صناديق الاقتراع لاختيار 508 مرشحين في البرلمان فيما تؤكد جماعة الإخوان المسلمين, أكبر قوى المعارضة, أن الانتخابات «زورت مبكرا» بينما يكرر مسؤولو الحكومة والحزب الوطني الحاكم أن عمليات الاقتراع ستتسم بكل «النزاهة والشفافية». وستكون الوعود الحكومية موضع اختبار في هذه الانتخابات التي تديرها لجنة عليا من 11 عضوا, سبعة منهم معينون من قبل مجلس الشورى الذي يهيمن عليه الحزب الوطني الحاكم. ورغم أن أحدا في مصر لا يتوقع أن يفقد الحزب الوطني الحاكم أغلبيته الكاسحة (أكثر من الثلثين) إلا إن سؤالين رئيسيين ينتظران إجابة خلال هذه الانتخابات هما: عدد مرشحي الإخوان المسلمين الذين سيتمكنون من الفوز ودرجة العنف التي سيشهدها يوم الاقتراع. وكانت جماعة الإخوان المسلمين, التي تخوض الانتخابات بقرابة 130 مرشحا, حققت مفاجأة في الانتخابات الأخيرة عام 2005 مع حصد 20% من مقاعد البرلمان, وأجمع المحللون على أن هذا الفوز تحقق بفضل الإشراف المباشر للقضاة على لجان الاقتراع. غير أن إدارة القضاة المباشرة للعملية الانتخابية ألغيت بتعديل دستوري اجري في العام 2007 بعد حركة التمرد التي قادها نادي قضاة مصر للمطالبة باستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية والتي بدأت فور انتهاء انتخابات 2005 واستمرت قرابة عامين. واتهم عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان محمد مرسي الثلاثاء السلطات ب»تزوير إرادة المصريين» وندد ب»البطش والعنف ضد المرشحين المعارضين للنظام خاصة من الإخوان». وفي مقابلة نشرتها صحيفة «الدستور» المستقلة في 31 أكتوبر الماضي, أكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات رئيس محكمة استئناف القاهرة السيد عمر عبد العزيز إن نزاهة الانتخابات تتوقف على «حسن نوايا» الجهات الحكومية المشاركة في تنظيمها. وردا على سؤال عما سيكون عليه الوضع إذا كانت نوايا الجهات الحكومية سيئة, قال «على الدنيا السلام» في إشارة إلى أن الأمور ستخرج عن يد اللجنة التي يترأسها. ويتوقع المحللون إن تشهد الانتخابات التشريعية هذا العام درجة عالية من العنف. وقال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشبكي لوكالة فرانس برس إن «تكالب» مرشحي الحزب الوطني على المشاركة في هذه الانتخابات «يؤشر على أنها ستكون الأسوأ وسيكون هناك عنف وبلطجة بين مرشحي الحزب الوطني بدرجة اكبر مما شهدناه في الانتخابات الأخيرة». وكان 14 شخصا قتلوا في أحداث عنف خلال عمليات الاقتراع في العام 2005 خصوصا في الدوائر التي تنافس فيها مرشحو الحزب الوطني الذين اختيروا على قائمته مع أعضاء الحزب الذين ترشحوا كمستقلين بعد استبعادهم من قائمته. وتابع الشبكي أن «الانتخابات المقبلة ستشهد صراع مصالح ونفوذ بين المرشحين المتعددين للحزب الوطني وسيكون المال أداة رئيسية فيها من خلال عمليات شراء الأصوات وستغيب السياسة عنها تماما». وتتفق المنظمات غير الحكومية التي تتابع العملية الانتخابية مع هذا الرأي. وقالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, أكبر منظمة حقوقية في مصر, في تقرير أصدرته الثلاثاء الماضي أن «وتيرة العنف تزايدت خلال مرحلة الترشيح والدعاية الانتخابية هذا العام ما نتج عنه وفاة أربعة أشخاص وإصابة ما يقرب من ثلاثين وهو الأمر الذي قد يجعل من العنف أداة أساسية أثناء الانتخابات ويقضي على الوظيفة الرئيسية للانتخابات كأداة للتداول السلمي للسلطة». وأضافت المنظمة أن «قيام الحزب الوطني بطرح 800 مرشح للتنافس على 508 مقاعد يؤدي إلى صراع بين أبناء الحزب الواحد وقد يزيد من حدة العنف». وقال رئيس المنظمة حافظ أبو سعدة «نتوقع هذا العام أن يكون عدد الضحايا اكبر بكثير» مما كان في الانتخابات السابقة. وكان الرئيس المصري حسني مبارك تعهد في العاشر من نوفمبر الجاري بان تكون الانتخابات «حرة ونزيهة», وكرر رئيس الوزراء هذا الوعد مطلع الأسبوع الجاري. إلا أنه رغم هذه التأكيدات, رفضت الحكومة المصرية بشدة دعوة صادرة عن واشنطن للسماح لمراقبين دوليين بمتابعة الانتخابات معتبرة انه «تدخل غير مقبول» في شؤونها الداخلية ومساسا بسيادتها الوطنية. وأكد المسؤولون المصريون أكثر من مرة أن رقابة منظمات المجتمع المدني للانتخابات كافية. غير أن سبعا من هذه المنظمات أعلنت في بيان أصدرته الأربعاء «رفضها التام للقيود» المفروضة على المنظمات الراغبة في مراقبة الانتخابات خصوصا تلك التي تمنع مراقبيها من دخول مكاتب الاقتراع. ودعت المنظمات, ومن بينها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي والمركز المصري لحقوق المرأة ومركز أندلس لدراسات التسامح ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان, اللجنة العليا للانتخابات إلى «مراجعة هذا الموقف المعادي عمليا لأي رقابة على الانتخابات». وتجرى الانتخابات بنظام الدوائر الفردية على دورين, وتحدد الخامس من ديسمبر موعدا للدور الثاني. ويشارك حزب الوفد الليبرالي, أكبر أحزاب المعارضة المعترف بها رسميا, في الانتخابات بأكثر من 200 مرشح في حين ينافس حزب التجمع اليساري على 82 مقعدا والحزب الناصري على 47 مقعدا.