يدلي حوالي 16 مليون ناخب سوداني، ابتداء من اليوم الأحد، بأصواتهم في انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية يأملون أن تشكل بداية خروج أكبر بلد إفريقي وعربي مساحة، من نفق أزمات داخلية تهدد وحدته واستقراره. ويتعلق الأمر بأربعة اقتراعات متزامنة حيث سيكون على الناخب السوداني اختيار رئيس البلاد وحاكم الولاية التي ينتمي اليها وممثليه في البرلمان المركزي وبرلمان الولاية، فيما سيجد الناخب في الجنوب أمامه صندوقين إضافيين لاختيار رئيس حكومة الجنوب ونواب برلمان الجنوب. وحسب المفوضية القومية السودانية للانتخابات فإن هذه الاستحقاقات، التي تشكل محطة حاسمة ضمن اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين حزب المؤتمر الوطنى الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان عام 2005 ، ستعرف مشاركة حوالي 14 ألفا و535 مرشحا. وسيتنافس في الشق الرئاسي من هذه الانتخابات الرئيس عمر البشير وسبعة مرشحين آخرين من بينهم امرأة واحدة، فيما سيتنافس مرشحان اثنان على منصب رئيس حكومة الجنوب وهما سلفاكير ميارديت النائب الأول الحالي للرئيس السوداني ودكتور لام أكول آجادين وزير الخارجية السابق، إلى جانب مرشحي الدوائر الترابية وقوائم المرأة والمجالس التشريعية. ويبلغ عدد المرشحين للمجلس الوطنى (البرلمان) 533 مرشحا من الأحزاب و 102 مستقلا فيما يبلغ عدد المرشحين لمجالس الولايات 961 مرشحا حزبيا و931 مستقلا. وتضم قائمة المرأة للمجلس الوطنى 323 مرشحة و لمجالس الولايات 419 امرأة . ويناهز عدد الأحزاب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية التي ستجري في السودان على مدى ثلاثة ايام ، 70 حزبا سياسيا من بينها كتلة تضم أحزاب حكومة الوحدة الوطنية التي اتفقت على ترشيح الرئيس عمر البشير، مرشح حزب المؤتمر الوطنى الحاكم لمنصب الرئاسة. وتضم الكتلة بالخصوص كلا من حزب الارادة الحرة، وجماعة أنصار السنة وحزب سانو القومي والجبهة الديمقراطية القومية والمنبر الديمقراطي لجنوب السودان والحزب الديمقراطي المتحد والإخوان المسلمون وحزب الشرق الديمقراطي وجبهة الإنقاذ الديمقراطي المتحدة والحزب السوداني الأفريقي وحزب "السودان أنا".
أما الأحزاب المعارضة فقد شهدت ارتباكا في تحديد مواقفها من العملية الانتخابية، خصوصا بعد انسحاب مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان من السباق الرئاسي وإعلان الحركة مقاطعة الانتخابات على كافة المستويات في ولايات شمال السودان. فقد أعلن بعضها عن المضي في التنافس في هذه الانتخابات بكل فروعها كما هو الشأن بالنسبة للمؤتمر الشعبي وحزب الاتحادي الديمقراطي والتحالف السوداني، إضافة إلى المرشحين المستقلين للرئاسة، فيما أعلن البعض الآخر رفضه للانتخابات وأعلن انسحابه منها مثل حزب الأمة الإصلاح والتجديد برئاسة مبارك الفاضل، والشطر الآخر من حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي الذي عاد ليؤكد بأن حزبه سيشارك في بعض المناطق، والحزب الشيوعي. وتحظى الانتخابات السودانية بمراقبة دولية واسعة فقد أرسل الاتحاد الأوروبي بعثة لمراقبة الانتخابات هي الأكبر في تاريخه إذ تضم 135 مراقبا. كما أرسلت العديد من الدول والمنظمات الإقليمية وغير الحكومية بعثات مراقبة لهذه الانتخابات إضافة إلى قيام مركز كارتر للانتخابات بتدريب ثلاثة ألاف مراقب محلي (840 من المراقبين الدوليين يمثلون 18 دولة ومنظمة غير حكومية بالاضافة إلى 20 ألفا من المراقبين المحليين، وبعثة مراقبة من جامعة الدول العربية). ويأمل السودانيون بالخصوص في أن تخلق الانتخابات الجارية أجواء ملائمة تجعل سودانيي الجنوب يختارون الوحدة بشكل طوعي في الاستفتاء المقبل (2011) حيث أن الحرب الأهلية في الجنوب والتي وضعت أوزارها بموجب اتفاق السلام الشامل الموقع سنة 2005 ، كانت في جزء كبير منها نتيجة تدخلات خارجية وتصفية جهات دولية لحساباتها مع الخرطوم. كما ينتظر أن تعرف وتيرة تسوية ملف دارفور حركية أكبر بعد هذه الانتخابات في ظل التقدم الحاصل على واجهة توقيع اتفاقيات بين الحكومة وبعض الحركات المتمردة في الإقليم وكذا حل الخلافات مع الجارة، تشاد.