وقف مجموعة من الأساتذة والباحثين, مؤخرا بالدارالبيضاء, عند سجايا وشيم المفكر العربي محمد أركون, في إطار ندوة علمية تحت عنوان «تأملات حول الفكر المجدد للراحل محمد أركون». وتميزت أشغال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة التكريمية, التي احتضنتها المكتبة الجامعية محمد السقاط التابعة لجامعة الحسن الثاني-الدارالبيضاء, بحضور زوجة الراحل الأستاذة ثرية اليعقوبي وصفوة من الأساتذة الذين تتنوع مشاربهم بين الفلسفة وعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم الأديان, قاسمهم المشترك اهتمامهم بالفكر الإسلامي المعاصر بصفة عامة وفكر محمد أركون بصفة خاصة, فضلا عن مجموعة من الطلبة الباحثين. وقد سلط المتدخلون الضوء على أبعاد الفكر المجدد للراحل محمد أركون ضمن مشروعه الفكري المتميز, بدء بمقاربته للتراث الثقافي العربي الإسلامي من خلال ما تم التعبير عنه بالإسلاميات التطبيقية ثم كيفية مقاربته وبحثه في العقل العربي الإسلامي في محاولة لتحديد مفهومه. وحاول المشاركون في هذه الندوة, التي افتتحها رئيس جامعة الحسن الثاني-الدارالبيضاء محمد بركاوي, وترأس أشغالها الأستاذ حسن الوزاني الشاهد, إبراز رسالة أركون النقدية والحداثية إلى أخيه الإنسان بهدف التسلح بعقله النقدي من أجل أنسنة الفكر العربي والإسلامي. واستهلت هذه الندوة بعرض تسجيل مصور للراحل يتحدث فيه عن تبعات الاستعمار الفرنسي لبلدان المغرب العربي والقطيعة التي خلفها خروج المحتل مع ماضيه الاستعماري وما شكله ذلك من نسيان ومحو للذاكرة. وقال الراحل, في هذا الشريط, إن المستعمر تصرف من خلال قطيعته تصرفا لا يحتمل أخلاقيا إزاء الشعوب التي جمعته بها روابط تاريخية, مؤكدا أن اللغات تشكل كرامة الإنسان أينما وجد وأن محوها يعد جريمة في حق هذه الكرامة. كما قدم رأيه في الإسلام ما بعد فترة الاستعمار والشكل الذي أصبحت عليه هذه الديانة, مبرزا أن مسألة الديانات تعد من بين الملفات الهامة التي لم يتم فتحها بعد, وهي من بين القضايا التي كان يشتغل عليها قبل وفاته. أما أرملة الراحل ثرية اليعقوبي, فقدمت شهادة في حق الزوج وتحدثت عن حياته في الكواليس والأفكار التي كانت تتزاحم وتتداخل فيما بينها للتعبير عن حال العقل العربي الإسلامي, وكيف كانت تقترح عليه بعد حذفها أو الاستغناء عنها تركها جانبا لجمعها في موسوعة تضم مجموع أعماله, المسجل منها والمكتوب.