في شمال المكسيك تترأس ماريسول (20 عاما) تترأس شرطة مدينتها الصغيرة التي تقع بالقرب من سويداد خواريث عاصمة «حرب الكارتيلات»... وليس بعيدا من هنا تختصر إيريكا (28 عاما) بمفردها شرطة منطقتها الحدودية. تحمل إيريك غاندارا بندقيتها وتقوم بدورية في بلدة غوادالوبيه البلغ عدد سكانها تسعة آلاف نسمة عند الحدود مع تكساس الاميركية. وتختصر المرأة الشابة الشرطة هناك. فزملاؤها إما اغتيلوا وإما هجروا المنطقة الأكثر دموية في «حرب الكارتيلات» للسيطرة على تجارة المخدرات باتجاه السوق الأميركية. وقد خلفت هذه الحرب أكثر من 28 ألف قتيل في البلاد خلال السنوات الأربع الأخيرة. يبدو أن الأمن في هذه المنطقة أصبح حكرا على النساء. فغوادالوبيه تقع بالقرب من براكسيديس غوادالوبيه غيريرو حيث أثارت ماريسول فاييس طالبة في العشرين من عمرها دهشة عالمية عندما تسلمت قبل شهر مهام رئاسة الشرطة البلدية وتحت أمرتها وحدة من عشرين شرطي. لا ترغب إيريكا بمقارنتها بماريسول التي تنازلت مسبقا عن مواجهة الكارتيلات بسبب نقص في الإمكانات, وقررت التركيز على الشق الاجتماعي. فتؤكد لوكالة فرانس برس «أنا شرطية. أنا لست هنا للقيام بأعمال اجتماعية أو إنسانية. أنا الشرطي الوحيد المتوفر في البلدة... أنا السلطة». وفي غوادالوبيه التي تبعد 60 كيلومترا عن سيوداد خواريث لم يفعل آلاف عناصر الشرطة الفدرالية والعسكريين الذين تم نشرهم قبل سنتين لمحاربة الكارتيلات, سوى المرور... مرور الكرام. عندما جندت إيريكا كمشغلة لجهاز لاسلكي في أواسط العام 2009, كانت الشرطة البلدية تحصي عشرة عناصر. لكنها سرعان ما فصلت للعمل على الأرض, بعد تنامي موجة العنف في المنطقة. وتوضح إيريكا «زملائي العشرة, إما استقالوا وإما قتلوا. هنا, لا أحد يرغب بالانضمام إلى الشرطة. كذلك ما من ميزانية». وهذا العام قتل أكثر من 2700 شخص في وادي خواريث الذي يحيط بغوادالوبيه والذي يعتبر الممر السري للمخدرات باتجاه الولاياتالمتحدة, أكبر سوق للكوكايين في العالم. وتقوم المواجهة بين كارتيل «دي خواريث» وكارتيل «دي سينالوا» للسيطرة على هذه التجارة, الأمر الذي يرهب السكان. وفي نهاية أكتوبر قتلت ثلاث عاملات وأحد زملائهن برصاص مجهولين, استهدفوا حافلة كانت تقل هؤلاء من المصنع حيث يعملون. وتقر الحكومة الفدرالية أن عدد عناصر الشرطة في آلاف البلدات المكسيكية محدود, كما إنهم لا يتقاضون أجورا مناسبة أما تسليحهم فأكثر «تواضعا» من ذلك الذي يتمتع به تجار المخدرات. إلى ذلك, غالبا ما ينتهي هؤلاء بالعمل لحساب الكارتيلات. لذا تعتمد الحكومة أكثر على الجيش وخصوصا على القوات البحرية. إيريكا عزباء وليس لديها أطفال, بخلاف ماريسول. هي تعترف بأنها تشعر بالخوف «كما الجميع هنا». لكنها تؤكد «غالبا ما يقال أن تجار المخدرات يفسدون عناصر الشرطة. لكنني لا أدخل في اللعبة. فأنا أعرف أنه إذا ما كان في ذلك فرصة للمال السهل, فإن فيه أيضا فرصة للموت السريع».