المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثاء سيدي امبارك بوكدرة: مركز حضري تحول إلى جماعة قروية 2/2
نشر في بيان اليوم يوم 24 - 10 - 2010

هو سيدي امبارك بن سيدي أحمد امبارك العامري العبدي المعروف ب»أبو قدرة» أو بوكدرة أو بوجدرة، المشهور ب»ضامن عبدة». وقد وصفه الفقيه الكانوني ب»الشيخ المربي المرشد الداعي إلى الله، أحد مشاهير الأولياء وأكابر الصالحين والعباد الناسكين». وحسب الرواية الشفهية، فإن سيدي امبارك العبدي العامري ركراكي الأصل، وقد ولد بالمنطقة في القرن السادس الهجري أيام حكم يعقوب المنصور الموحدي. وقد عاصر أبا العباس السبتي وغيره من المتصوفة العارفين بالله. وكان يشفي من مرض البرص والجذام وكان أبوه مشهودا له بالورع، وهو دفين دوار لازال يحمل اسمه وهو دوار سيدي أحمد امبارك بمشيخة الكوانين أي بالقرب من ضريح سيدي كانون قرب أربعاء سيدي امحمد التيجي . ولازال ضريحه موجودا إلى اليوم.
وكان سيدي امبارك بوكدرة يطعم المرضى وذلك بطهي الطعام في قدرة كبيرة شبيهة بتلك التي كانت تستعمل لطهي نبتة «يرني» التي كانت تستهلك من طرف الأهالي أيام القحط والجوع والأوبئة، التي كانت تشهدها منطقة عبدة بين الفينة والأخرى، كما كانت ترويها لنا خدوج بنت سي المعاشي دون أن تغفل التطرق إلى محن عام البون أو أعوام البون الممتدة من سنة 1939 إلى سنة 1945.
كما يشاع بأن ضريح سيدي امبارك بوكدرة كان يفيض كل سنة حليبا. وهذه الكرامة كان يرددها سكان بطن الجرامنة. كما كانت تحكيها لي جدتي لالتهم بنت الدغوغي رحمها الله وأنا طفل صغير أوائل ستينيات القرن الماضي. وهكذا ومع مرور الزمن تحول مقام سيدي امبارك بوكدرة إلى مستشفى للمصابين بداء الجدام والبرص.
السوق الأسبوعي يغرق في الفوضى وغياب التنظيم
هذا السوق بني في مكان مهدد بالفيضان في كل وقت وحين. وهذا ناتج عن روافدمجاري المياه التي تنبع من جبال الميسات المتاخمة لأربعاء سيدي امحمد التيجي والتي تخترق دار الزيدية، مرورا بدوار العبابدة المجاور لحفرة البير وللبريات. فبغض النظر عن شساعة مساحته، إلا أنه تعتريه فوضى التسيير. فمن يسهر على تنظيم هذا السوق هل السلطة المحلية أم الجماعة القروية لبوكدرة؟ هذا السؤال مافتئ السكان يطرحونه في المقاهي وفي مجالسهم.
فبشهادة الجميع السوق يعرف فوضى من ناحية التنظيم. فالعشوائية هي سيدة الموقف. فكل من أراد أن يفعل شيئا فعله. كما أن بعضهم يتساءل عن الكيفية والمعايير التي تحدد بها أثمنة الكراء وما إلى ذلك. فالمسؤولية التقصيرية تتحملها الجماعة التي وقفت عاجزة تماما عن فرض احترام تطبيق قوانينها التنظيمية بعدما تكرست الفوضى. فالجماعة مطالبة بتنفيذ القرارات من أجل ضبط النظام العام داخل السوق.
ولا نريد أن نستمر في الحديث دون أن نشير إلى ما عرفه مركز بوكدرة من فيضانات في السنوات الماضية وخاصة بداية ستينيات القرن الماضي، حيث غمرت المياه المنازل والدكاكين مما تسبب في خسائر فادحة حيث أدت سرعة المياه المتدفقة إلى جرف جثث المواشي والكلاب والأغطية من زرابي وألبسة وبرادع الحمير وغيرها. وتحكي لي جدتي لالتهم بنت الدغوغي عن تاجر في مركز بوكدرة القديم والذي باغتته المياه وهو في دكانه حيث كانت سلعه تتعرض للجرف أمام عينيه. فما كان منه، أمام يأسه، إلا إن بدا يأخذ سلعه من علب الشاي من خمسة نجوم وهنريس وقوالب سكر النمر ويرميها بيديه خارج دكانه، انتقاما، قبل أن تسبقه لها المياه وهو يقول بصوت مرتفع «إلحقي بأمك، إلحقي بأختك».
يذكر أن هذه الوديان تسير اتجاه مدينة آسفي وتخترق المدينة في وادي الشعبة لتصب مباشرة في البحر.
كما أن العديد من فعاليات المنطقة تتساءل عن الجدوى من تحويل هذا السوق في بداية تسعينيات القرن الماضي. حيث تم إنفاق أموال طائلة دون أن يتم استغلال مكانه القديم في مشروع يعود بالنفع على البلاد والعباد. فبشهادة الجميع تحويل السوق في مكانه الحالي يعتبر خسارة بالنسبة لجماعة بوكدرة. إذ بقي مكانه فارغا إلا من الشماكرية وبعض المتلاشيات والنباتات الشوكية وما إلى ذلك.
كما أن مجزرته المتهالكة تشكل مرتعا خصبا للمعربدين. و أن الجماعة حولته إلى مطرح للنفايات.
السوق الجديد جاء في مكان خال يعمه ظلام يكاد يكون دامسا وخاصة في جنباته. كما انه يشهد ازدحاما شديدا ما يدفع بعض الحرفيين إلى فرض شروطه بالقوة لينصب قيطونه في الشارع الخاص بالمرور.
إن الحرفيين في حاجة ماسة إلى التنظيم. فمن سيتولى هذه المهمة هل الجماعة أم القيادة؟
كما الاستعمال المفرط لمكبرات الصوت يترك في نفوس المتسوقين نوعا من النفور والاشمئزاز. فمن بائع لدواء البرغوث إلى بائع للأدوية التي يزعم صاحبها أنها تشفي من جميع الأمراض.
وتجدر الإشارة إلى أن السوق تكاد تنعدم فيه الأشجار التي يطالب السكان بغرسها ، نظرا لما توفره من ظلال يستظل بها المتسوقون أيام الحر. كما أنها ستساهم في الحد من انجراف التربة كما ستستغل في إقامة حزام واق من الفيضانات. هذه الفيضانات التي دفعت مؤخرا، مجلس جهة دكالة عبدة وكتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة ووزارة الداخلية ووكالة الحوض المائي لام الربيع ووزارة التجهيز وأطراف أخرى إلى توقيع اتفاقية شراكة حول الوقاية والحماية من الفيضانات والتي تهدف إلى انجاز مشاريع مهمة وكفيلة بضمان الحد من انجراف التربة التي تترتب عن التساقطات المطرية والحد من الخسائر والأضرار الناجمة عنها وسيستفيد من هذه المشاريع الهادفة والبناءة المزمع إنجازها المراكز المعرضة للفيضانات ومن بينها مركز سيدي امبارك بوكدرة الذي استفاد بحوالي مليار سنتيم. ولا نعلم لحد الآن إلى أي مستوى وصل تقدم الدراسة.
كما أن من المسؤولين من لا يرغب في بسط نظام شفاف في تدبير شؤون هذا المرفق وبالتالي عدم الرفع من مردوديته.
«الكراويل» والعربات المجرورة تحتل المركز
مما لا جدال فيه أن الكراويل (جمع كرويلة وهي عبارة عن عربة مجرورة بواسطة حصان) تشكل ميزة المنطقة. والتي تعوض وسائل النقل العمومية الحديثة. حيث يستغلها أصحابها في نقل الزوار إلى داخل الدواوير كالبريات وأولاد الضو وأولاد موسى. فالكرويلة تعتبر بمثابة طاكسي صغير يساهم بشكل واضح في تنقل السكان في كل نواحي ثلاثاء بوكدرة. وهذا لا يعتبر في حد ذاته اختيارا بقدر ما هو راجع إلى وعورة الطرق والمسالك التي تربط ما بين الدواوير والمركز. فبقدر ابتعادك عن المركز تجد نفسك محاصرا في غياب المسالك وليس لديك وسيلة للتنقل إلا الكرويلة التي أينما وليت وجهك تجدها. وخاصة عندما تكون الطريق المعبدة خالية من السيارات. فلا تسمع بغالها وخيولها وهي تثير النقع ليس موعدها كداء ولكن موعدها دوار أولاد امحمد... فالكراويل لا تترك مكانا إلا وتقتحمه. وينتج عن هذا الاقتحام عدة مشاكل تهم البيئة والمرور. فالزائر لمركز بوكدرة يصيبه نوع من الاشمئزاز والنفور أثناء تبضعه من الدكاكين أو أثناء تناوله طعامه في إحدى المقاهي أو المطاعم التقليدية وهو يشم رائحة روث الحمير وبول الخيل هذه الخيل التي حولوها من الموريات قدحا. فأين نحن من قول الشاعر أبو الطيب المتنبي الذي تمرس بالآفات وافتخر بالخيل والليل والبيداء والقلم... فالخيل في بوكدرة أصبحت تثير الشفقة وهي تجر الكرويلة وتثير الاشمئزاز وهي تتبول وسط الازدحام في كل مكان من مركز بوكدرة وما ينتج عن هذا من روائح كريهة تكاد تخنق الأنفاس. بل إن هناك من أصحاب الكراويل من يقوم بالقيلولة داخل كرويلته المركنة في ساحة المركز غير مبال بصياح الآخرين. وغير عابئ بما يفعله من التضييق على الناس، فيما المسؤولون غير مبالين بما يقع، بل إن غيابهم المتكرر جعلهم بعيدين عن هموم وانشغالات الموطنين وانتظارا تهم الكثيرة. وهذا الغياب لمسناه من خلال شكاوي الموطنين المتكررة وما يكتب في الصحف الوطنية ومن خلال عدم الرد على الهاتف الذي يبقى يرن بدون مجيب. كما أن غيابهم ينعكس سلبا على الحياة اليومية للمواطنين وعلى غياب المنجزات التنموية المحلية التي تدخل في نطاق التوجه العام للدولة التي تريد الرقي بالمواطنين نحو حياة أفضل.
مشاكل الإنارة العمومية والكهرباء
رغم أن المنطقة قد استفادت بنسبة مهمة من البرنامج الشمولي لكهربة العالم القروي إلا أن بوكدرة المركز يعرف غيابا شبه تام للإنارة العمومية فما بالك بالضواحي التي تكاد تكون خارج التغطية، حيث إن المركز والمنطقة ككل يعرفان بين الفينة والأخرى انقطاعات فجائية وأخرى طويلة. مما ينعكس سلبا على حياة المواطنين حيث تتسبب هذه الانقطاعات في تخريب كل الآلات المنزلية التي تعمل بالطاقة الكهربائية. كما أنها تهدد حياة المرضى الذين يعتمدون على الكهرباء لتشغيل آلاتهم، ناهيك عن فساد حليب التعاونية وحرمان المواطنين من طحن حبوبهم في الطاحونات؛ إذ يضطر الشخص الذي يريد طحن خروبة من الشعير أو البشنة إلى الانتظار ليوم كامل أمام المطحنة في انتظار عودة التيار الكهربائي. هذا التيار الذي تعمد المديرية الجهوية بآسفي إلى قطعه دون سابق إعلان ولمدة طويلة تدوم ساعات وساعات، دون أن تفسح المجال إلى الساكنة من اجل اخذ الاحتياطات اللازمة.
ولهذا، فإن ساكنة بوكدرة تطالب المسؤولين بفتح وكالة تجارية ببوكدرة المركز من أجل النجاعة والرفع من جودة الخدمات والتدخل السريع كلما طرا طارئ.
وللإشارة، فإن الأهالي ببوكدرة المركز يحكون أنه كلما حطت يمامة (طائر كريكر) على الأسلاك الكهربائية، إلا وسمعوا صوت انفجار قوي يصم الآذان يليه مباشرة انقطاع تام للكهرباء في المركز والمناطق المجاورة. الشيء الذي يخلق نوعا من الارتباك. حيث لا يجد السكان لمن يشكون مع العلم أن المكتب الوطني للكهرباء لا يتوفر على وكالة تجارية ببوكدرة. والوكالة الأقرب إلى بوكدرة توجد في بلدية جمعة سحيم أي على بعد أكثر من 15كلم.
يشار إلى أنه منذ سنوات تم تثبيت الأعمدة والأسلاك والمصابيح في الداوير، إلا أنها لم تشغل لحد الآن. ولو مصباح واحد على طول كل كلم.
كما أن السكان يعيبون على المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء بمدينة آسفي كونها تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين تجاه بعض شركات الهاتف النقال. فتارة تتساهل وتارة أخرى تشترط وجود محول.
مشكل التشغيل
الثقافة ببوكدرة ليست بخير. هذه لازمة مافتئ يرددها بعض حاملي الشهادات العليا المعطلة والذين يجدون أنفسهم عرضة للضياع وضياع ما تلقوه من معرفة جراء غياب الأندية. فدار الشباب حولوها إلى جماعة.
شباب المنطقة متذمرون من تشغيل شباب من خارج المنطقة، فيما السكان المثقفون أبناء المنطقة يضربون أخماسا في أسداس. لا يفكرون إلا في الهجرة نحو الحواضر الكبرى. جيوبهم فارغة يرددون القولة المأثورة «اللهم قبر غريب ولا شكارة مقطعة».
الاعتداء الصارخ على البيئة
البيئة لا يعبا بها احد في جماعة بوكدرة . فالمركز يعاني من مشاكل بيئية خطيرة فجنبات معمل الأسمدة تعرف تسرب مياه سامة مما يؤدي إلى تسمم الغطاء النباتي والمياه الجوفية المحيطة به مما يشكل تهديدا خطيرا للماشية. وتم رفع عدة شكاوي إلى المسؤولين إلا أنها بقيت حبرا على ورق. كما أن معمل الجبس تتطاير منه مواد جبسية سامة مما يؤثر سلبا على الحياة البشرية في المحيط البيئي.
الحياة الاجتماعية
مما لا شك فيه أن الحياة الاجتماعية تجد لها مستقرا في بطون عبدة منذ القدم، فالسكان على مختلف إثنياتهم يتعايشون فيما بينهم في أمن وسلام رغم المحن التي كابدوها قديما في ضل الاحتلال البرغواطي والاحتلال البرتغالي. وقد وصفهم أرمان أنطونا في كتابه «جهة عبدة»، استنادا إلى مؤلف للكاتب «شوني» بأنهم يكرهون الأجنبي ولكنهم أكثر انفتاحا من سكان المدن الداخلية. كما أنهم كانوا مطاوعين للسلطة باستثناء المويسات المتواجدين على الحدود بين عبدة وبلاد أحمر، نتيجة صعوبة المراس وافتقار المرونة. فقاسمهم المشترك في الوقت الراهن، هو الأمية والفقر والتهميش وقلة التواصل. فالمكان الذي يشكل ملتقى سكان الدواوير هو السوق. سوق ثلاثاء سيدي امبارك بوكدرة حيث يتواصلون ويتبادلون أطراف الحديث فيما بينهم كما يقومون بتسويق بضائعهم وابتياع مشترياتهم وكل ما هم في حاجة إليه.
وقد لا يختلف اثنان في أن سكان بعض الدواوير، نظرا لعدة اعتبارات يفتقرون إلى روح التضحية ويتسمون بغياب العمل التطوعي.
ومما لاشك فيه أن منطقة عبدة تتميز بكثرة الأولياء الصالحين. وقد تمكن أرمان أنطونا في بداية القرن الماضي، من إحصاء حوالي293 وليا في منطقة العامر وحدها. وسيدي امبارك بوكدرة كان يقام له موسم سنوي، وكان الناس يؤمونه للزيارة والتبرك ببركته من جميع المناطق المجاورة وكذلك من القرى والجماعات والبلديات المجاورة وكذلك من المدن القريبة كآسفي والشماعية وجمعة سحيم وسبت كزولة وخط ازكان والعمامرة وجمعة المراسلة وخميس انكا وسيدي كانون، وما إلى ذلك.
ولذكر أن لكل الجماعات القروية التي خرجت من رحم جماعة سيدي امبارك بوكدرة، ولي صالح يقام له موسم سنوي؛ مثل موسم سيدي امحمد التيجي بجماعة سيدي التيجي، وموسم سيدي ميس بجماعة المراسلة، وموسم سيدي محمد بجماعة خميس نكا، وموسم سيدي عبد الله بلكوش بجماعة شهدة الفتية.
ولكن مع الأسف الشديد، لم يعد يقام هذا الموسم منذ أكثر من عقدين من الزمن. وبهذه المناسبة، فإن ساكنة بوكدرة تدعو المسؤولين كل من موقعه، و كل المعنيين بأن يعملوا على إعادة تنظيم هذا الموسم لما له من فوائد اجتماعية واقتصادية جمة، لأنه يعتبر متنفسا وملتقى للسكان لترسيخ ثقافة شعبية مغربية متوارثة عريقة ضاربة في القدم.
الفلاحة وتربية الماشية
بسبب ندرة المياه بقبيلة عبدة عموما وجماعة بوكدرة خصوصا، فإن الفلاحة البورية هي السائدة إلى جانب تربية المواشي والطيور. وبالرغم من تواجد المنطقة في سهل خصب يغلب عليه الانبساط، إلا من مرتفعات الميسات على الحدود مع قبيلة احمر، تتنوع فيه التربة من حمري وتيرس اسود واحرش ورمل، فإن المحاصيل الزراعية لا تتسم دائما بمرودية منتظمة. ومع ذلك، وحسب الباحث إبراهيم كريدية، فإن السهل الممتد من ثلاثاء سيدي بنور إلى ثلاثاء سيدي امبارك بوكدرة، كان يحظى باهتمام سلاطين المغرب وخاصة الحسن الأول. وبين الفينة والأخرى، كانت المنطقة تشهد سنوات عجاف. وكان آباؤنا وأجدادنا يحكون لنا عن محنهم مع الجوع والعطش والقحط بسبب الجوائح والجفاف الذي كان يضرب المنطقة. فكنت ترى الدواوير خاوية على عروشها، حتى من الكلاب والقطط وما إلى ذلك من الحيوانات الأليفة. ولازلنا نذكر حادثة وقعت في سبعينيات القرن الماضي، ذلك أن الجفاف دفع بعض سكان قبيلة احمر إلى مغادرة منازلهم صوب قبيلة عبدة، وكان من بين النازحين نحو دوار أولاد الضو ببطن الجرامنة بالعامر، شيخ يربو سنه على السبعين، ومعه حماره. فحط الرحال مستندا على حائط مسجد الدوار. وعندما هجم الليل وأخذ الجوع مأخذه من الحمار، التفت هذا الأخير يمنة ويسرة ولم يجد بالقرب منه إلا البردعة، فأخذ يلتهمها، وبينما هو كذلك، إذا بالأوراق النقدية تطل، ومازال على حاله حتى أكل جزءا منها وصاحبه في غفلة من ذلك. ولم ينتبه إلا بعد أن أتى الحمار على أوراق تعد بالملايين. لقد اضطر هذا الشيخ إلى خزن أمواله داخل بردعة حماره، لأنه لم يجد مكانا آخر آمنا، في ظل غياب ثقافة الادخار في الأبناك أو الاستثمار أو ما شابه ذلك.
كما أننا ما زلنا يتذكر واقعة حدثت صيف سنة 1974، عندما ضرب منطقة بوكدرة بالعامر، جفاف أتى على جانب كبير من الزرع والضرع. فكنت ترى الدواب وعظامها بارزة وضلوعها ناصية، تلتهم كل شيء تجده أمامها، والحمير والبغال وهي دون أصحابها الذين تخلو عنها و تركوها وحال سبيلها، في غياب العلف والكلأ، حيث ناهز ثمن التبن 10دراهم ل»خنشة الشمرتل» (كيس مصنوع من خيط قنب سكر النمر).
في خضم هذا الواقع المرير، يحكى أن امرأة نافس تركت رضيعها في زاوية من بيتها المتواضع في دوار الحناتشة أولاد موسى، والتحقت بزوجها الذي كان يقوم بأشغال في «الكاعة» (البيدر). وبينما هي كذلك، إذ ببقرتها التي نال منها الجوع، تنسل من مربطها وتدخل خلسة إلى حيث ينام الرضيع، فالتهمته في «ضغمة» واحدة و»سرطته»، وعادت من حيث أتت دون أن ينتبه إليها أحد. وبعد هنيهة، عادت الأم لتتفقد أحوال رضيعها، ولكنها لم تجده. فكادت تجن. بحثت في البيت ثم بالبيوت المجاورة فالزريبة والخم ف»النادر»، ولكنها لم تجد له أثرا. حضر الجيران وتم تعميق البحث من طرف أحد أبناء «الميسات» المعروف بتتبع الأثر، وما هي إلا هنيهة، ليتبين له بأن البقرة مرت من هناك، وحامت الشكوك حولها، فقاموا بوسائلهم البدائية بالتوصل إلى أن البقرة هي صاحبة هذا الفعل. لقد حز في نفوس أبناء جماعة ثلاثاء سيدي امبارك بوكدرة ما آلت إليه الأوضاع في قريتهم التي هي مسقط رأسهم، من تردي ورداءة وفقر وتهميش وركود، وتراخي المنتخبين وتهاونهم في التعامل مع قضايا المواطنين، وانحطاط مستوى التعليم، والغياب المتكرر للمسؤولين ولامبالاتهم وتماطلهم في قضاء مصالح الناس؛ إذ يضطر المواطنون إلى قضاء عدة أيام من أجل الحصول على وثيقة إدارية.
كل هذه الظواهر ساهمت وتساهم في تردي الخدمات، مما انعكس وينعكس سلبا، على مصالح المواطنين وهكذا تضيع أغراضهم، وبالتالي تبقى انتظاراتهم الكثيرة خارج التغطية. ويبقى الأمل معلقا في البحث عن منقذ قد يأتي أو لايأتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.