يبدأ الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد غدا الأربعاء زيارة مثيرة للجدل إلى لبنان ستتوج بجولة في الجنوب، معقل حليفه حزب الله والمنطقة الحدودية مع إسرائيل عدوته اللدودة. وسيلتقي احمدي نجاد في زيارته التي تستمر يومين، وهي الأولى له إلى لبنان منذ انتخابه رئيسا العام 2005 والثانية لرئيس إيراني بعد زيارة الرئيس السابق محمد خاتمي في 2003، الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري. ويقيم حزب الله وحركة أمل الشيعيان «احتفالا شعبيا كبيرا» في الضاحية الجنوبية لبيروت الأربعاء «احتفاء بضيف لبنان المقاوم»، بحسب ما جاء في نص دعوة تم توزيعها. ويتوقع أن يشارك في هذا اللقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي يطل عادة على الناس عبر شاشة عملاقة. ولا يعرف ما اذا كان سيشارك شخصيا في تجمع الأربعاء. وكان آخر ظهور علني لنصر الله العام 2008 في حفل احتفاء بأسرى تم تسلمهم من إسرائيل. ودعا نصر الله السبت في كلمة ألقاها عبر الشاشة في احتفال بيئي نظمه الحزب «اللبنانيين والفلسطينيين(...) إلى استقبال رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران الدكتور احمدي نجاد والمشاركة في الفعاليات الشعبية بكثافة وبصبر». وشدد على أن احمدي نجاد «ضيف لبنان ولا يأتي بدعوة من حزب الله أو من طائفة معينة أو من قوى المعارضة».ويبث تلفزيون قناة «المنار» التابع لحزب الله اعلانات مكثفة تدعو اللبنانيين «وأنصار المقاومة» إلى استقبال شعبي حاشد للرئيس الإيراني «الساعة السابعة والنصف (30,04 ت.غ) من صباح الأربعاء على امتداد طريق المطار». واستقطبت زيارة احمدي نجاد، لا سيما في ضوء جولته المقررة الخميس في الجنوب، الكثير من الجدل، اذ تخوفت قيادات في قوى 14 مارس الممثلة بالأكثرية النيابية, من أن يكون الهدف منها الإيحاء بتحول لبنان إلى «قاعدة إيرانية» على حدود إسرائيل. وقال منسق الأمانة العامة لقوى 14 مارس فارس سعيد لوكالة فرانس برس أن ايران «تقول بطريقة غير مباشرة للمجتمع الدولي أنها تمسك بالأمن في العالم العربي وإسرائيل والخليج ولبنان». وبالتالي «لا بد من الأخذ بالاعتبار موقفها كقوة إسلامية عظمى والتفاوض معها»، على حد قول سعيد.وأشار إلى أن احمدي نجاد «يستخدم لبنان كصندوق بريد للقول بان إيران موجودة على حدود إسرائيل الشمالية». وتعرض الجنوب خلال حرب صيف 2006 بين حزب الله والدولة العبرية لتدمير كبير. ولا تزال عملية إعادة الأعمار جارية بمساهمات مالية من إيران وغيرها من الدول. وقد انتشرت على امتداد الطرق المؤدية إلى الجنوب والمطار وفي شوارع الضاحية الجنوبية صور للرئيس الإيراني مع عبارات «أهلا وسهلا» و»شكرا» باللغتين العربية والفارسية. وتأتي زيارة الرئيس الايراني الى لبنان في أجواء ضاغطة بين طهران من جهة وتل أبيب والغرب من جهة ثانية على خلفية برنامج إيران النووي الذي تقول إيران أن أهدافه سلمية، بينما يتخوف الغرب من محاولتها تصنيع قنبلة ذرية. وانتقدت كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل الزيارة، محذرتين من إمكان تأثيرها سلبا على الاستقرار الإقليمي. كما تأتي الزيارة في خضم مواجهة سياسية داخلية حادة بين فريق رئيس الحكومة وحزب الله على خلفية المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.ويتخوف حزب الله من احتمال توجيه الاتهام إليه في الجريمة التي وقعت العام 2005، مشككا بمصداقية المحكمة الخاصة بلبنان ورافضا أي تمويل لبناني لها. وتقول عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان لفرانس برس ان «السؤال يتمحور حول ما اذا كان احمدي نجاد يأتي لإظهار الدعم للبنان أم يخطط لاستخدام الأراضي اللبنانية كمنطلق لمصالحه الخاصة». وقال مساعد الرئيس الإيراني علي اكبر جوانفكر لوكالة فرانس برس في طهران أن زيارة محمود احمدي نجاد «تكتسي أهمية تاريخية» و»ستؤثر على المعادلات الإقليمية». وأشار إلى أن «الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية في مجالات عديدة، وتندرج ضمن إطار سياستنا الخارجية الإستراتيجية تجاه لبنان». كما تحدث عن «علاقات طويلة تاريخية بين البلدين تقوم على ديانة وثقافة مشتركتين». ويرافق احمدي نجاد وزير الخارجية منوشهر متكي الى جانب وفد كبير من رجال الأعمال في القطاع الخاص. ووقع وزيرا الطاقة اللبناني جبران باسيل والايراني مجيد نمجو الجمعة بالاحرف الأولى على اتفاقي تعاون تقدم بموجبهما إيران قرضا إلى لبنان بقيمة 450 مليون دولار للاستثمار في قطاعي الماء والكهرباء، على أن يتم التوقيع الرسمي خلال زيارة احمدي نجاد وينظم الرئيس اللبناني غداء على شرف نظيره الإيراني الأربعاء، في حين يستضيفه رئيس مجلس النواب على العشاء. ويلبي الرئيس الإيراني دعوة الحريري إلى الغداء الخميس.