مصداقية العمل البرلماني رهينة بتأهيل الوضع السياسي العام وإصلاح المؤسسات قال عبد اللطيف أعمو عضو فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين، إن البرلمان سيناقش خلال سنته الرابعة، عدة مشاريع قوانين؛ إذ فضلا عن القانون المالي، سيكون هناك الدفع إلى فتح مشوار الإعداد الإصلاحات الأساسية في أفق 2012 والمتعلقة بقانون الأحزاب والنمط الانتخابي والقانون الانتخابي، معتبرا أن الجميع يستشعر أهميته في الظرف الحالي وفي هذه الدورة، باعتبار أنها هي المنطلق لإعداد رؤية 2012، والكل واع بذلك، وبالتالي، سيكون الجميع معبأ من أجل المشاركة وفق ما تقتضيه المرحلة. كما أن هنالك مشاريع قوانين ستعرض هذه الدورة، بحسب أوعمو، تدخل في إطار تفعيل بعض المخططات الإستراتيجية التي هي رهن التنفيذ، كإحداث الوكالات والقوانين مرتبطة بها، أو بعض القوانين العادية التي هي الآن، معروضة على اللجن ولا تحمل أي طابع استثنائي. * كثيرا ما يلاحظ أن الأسئلة الشفهية تتميز بنوع من الرتابة والتكرار خاصة بين الغرفتين، وهو ما يطرح مسألة إعادة النظر في طريقة وأسلوب هذه الأسئلة الشفهية كأداة رقابية على العمل الحكومي، كيف تنظرون إلى ذلك؟ - هذا الجانب سيبقى دائما مطروحا، ما دام ليس هناك تنسيق قوي بين الغرفتين في اتجاه عقلنة العمل البرلماني عموما، لأن هناك أزمة تتعلق بعقلنة العمل البرلماني وعلاقة الحكومة بالبرلمان. فعندما تكون الحكومة لا تعبر، في الحين، بقرارات سياسية من أجل تجاوز الإشكاليات التي تطرح عليها، وتتجاوب مع ملاحظات البرلمان، سيبقى هذا الموضوع دائما خارج النقاش الحقيقي، وسيتكرر بشكله الممل والروتيني. وبالتالي فإن عقلنة العمل البرلماني تستوجب اشتغال الحكومة بقرارات سياسية واضحة قابلة للتنفيذ، وتدخل في باب التدبير وليس باب التشريع. كما يستوجب ذلك أيضا، نوع من التمييز بين المساءلة التي تدخل في إطار الاختلاف مع توجه حكومي، وبين الدفاع على المشروع الحكومي، في إطار مشروع مقابل مشروع آخر تحمله عادة المعارضة، فالخلل يقع على هذا المستوى وتتم معالجة الأشياء بنفس النمط، ويصبح الأمر عبارة عن أجوبة يحررها تقنيون جهويون إذا كانت الأسئلة تتعلق بمكان في الجهة أو الإقليم، وإذا كانت أسئلة تهم المركز يحرر أجوبتها تقنيون على المستوى المركزي، وبالتالي يكون الكلام عبثيا، إذ يطرح السؤال ويجاب عنه بقراءة نص مكتوب مسبقا، حتى أن الوزير في بعض الأحيان لا يفهم ما يقول، وبالتالي، فإن المطلوب هو معالجة هذه الإشكالية في إطار عقلنة العمل البرلماني عموما، وعقلنة الأسئلة الشفهية على وجه الخصوص، كما أن ذلك يرتبط بالإصلاح العميق للمؤسسة البرلمانية وللمؤسسة الحكومية كذلك، والرفع من مستوى الحكامة البرلماني والحكامة الحكومية وهو ما لم يتحقق بعد. أيضا بالنسبة لما تطرحه طريقة وضع الأسئلة الشفهية من تماه بين الغرفتين، يرتبط في جانبه الآخر بغياب التنسيق بين الغرفتين في أحيان كثيرة، فالتنسيق بين المؤسستين التشريعيتين يطرح بحدة على هذا المستوى وعلى مستويات أخرى، في إطار العقلنة التي تحدثنا عنها. ومن المفروض أن يبدأ هذا التنسيق من الفرقاء البرلمانين، فمن غير المقبول أن يكون هناك فريق في مجلس النواب تابع لنفس الحزب أو لنفس الفريق في مجلس المستشارين، ولا ينسقان العمل فيما بينهما، وتجد كل فريق يشتغل حسب هواه. فهذه، في نظري، طامة كبرى. وهذه العملية أيضا، تتم في إطار عملية سياسية شمولية تضطلع بها الأحزاب السياسية وفرقهم في البرلمان، ومن المفروض أن تكون هناك عملية تنسيقية في هذا الاتجاه. كما أن عقلنة العمل البرلماني تقتضي، أيضا، مراجعة أسلوب تعامل الحكومة مع الأسئلة الشفهية، لأن هذه الأخيرة ليست كلاما وليست سؤالا، بل الأمر يرتبط بالأساس، بطرح قضايا ذات طابع له أهميته في كثير من الأحيان، على الصعيد الوطني. كما أن معالجة هذه القضايا تقتضي، سواء كانت هذه المعالجة آنية أو داخل أمد معين، أسلوبا مغايرا وطريقة جديدة في التعاطي معها، وذلك بارتباط مع البرنامج الشمولي العام للحكومة، وهو ما لا نلمسه في طريقة التعامل الحكومي، بغض النظر عن وجود العديد من الأسئلة التي غالبا ما تدور في حلقة مفرغة. * في نظركم عندما تطرح كل هذه الأمور، إذا أضفنا لها ظاهرة الغياب التي أصبحت مثار نقاشات عموم المواطنين والمتتبعين للشأن البرلماني، ألا يطرح ذلك قضية مصداقية العمل البرلماني ككل؟ - مسألة المصداقية هذا شيء آخر، لأننا عندما نتحدث عن المصداقية، يجب أن نطرح البديل عن ما هو قائم الآن، أي بديل عن البرلمان كما هو موجود الآن، وبالنخب الموجودة فيه وبمستواها الثقافي والمعرفي ودرجة تمثلها للعمل الذي تقوم به، وأيضا فهذا حديث يتم في ظل الدستور القائم الآن وبآليات الاشتغال الموجودة. السؤال المطروح هو هل ما لدينا الآن، يمكن أن يعطينا أحسن مما نراه اليوم؟. في اعتقادي، فإن هذا ممكن، ولكن المصداقية، أيضا، لها علاقة بالوضع السياسي العام وبالمؤسسات التي يتعين تأهيلها. هذا التأهيل بالضرورة، يدخل في إطار مشروع الإصلاح السياسي العام، وما دام هذا الإصلاح لم يتم بعد، فإن هذه المؤسسات ستبقى ناقصة التأهيل ولا تنتج إلا نعايشه. إذن، فإن المسألة ليست مرتبطة بالمصداقية من عدمها، بل بقدرة هذه المؤسسات في وضعها الراهن على أن تعطي منتوجا في المستوى المطلوب. في السياق ذاته، فالجانب المتعلق بالتأهيل تطرح على التوالي، ظاهرة الغياب، لأن هذه الظاهرة مرتبطة أيضا، بالنقص في تأهيل العمل البرلماني، كما أن لها أسبابا ومبررات كثيرة جدا، وهي ظاهرة من الظواهر المتعلقة بعدم استيعاب أهمية المؤسسة ودورها وقيمتها، وبالتالي فإن المسألة مرتبطة بالقيم الديمقراطية داخل المجتمع. كما أن الغياب بصفة عامة يشكل عيبا أساسيا، لأنه يعني نوعا من الاستقالة من المهام، أو عدم الثقة في العمل الذي يقوم به الإنسان. وبالتالي، فإن معالجة هذه الظاهرة مرتبطة كذلك بتأهيل وتحسين عمل البرلماني ماديا ومعنويا، على مستوى الموارد البشرية والإمكانيات المادية لخلق فضاءات للاشتغال في ظروف حسنة ومقبولة، لأن هناك خصاص في المكاتب والأطر التي تشتغل إلى جانب البرلمانين، بالإضافة إلى أن مصادر المعلومات لدى البرلمانين تكاد تكون منعدمة، وهو ما لا يشجع في أحيان كثيرة على الاشتغال والمواظبة على الحضور لدى العديد من البرلمانيين.