في هذا الحوار القصير الذي أجريناه مع عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، والخبير الاقتصادي، عبد السلام الصديقي، يتضح أن الدورة البرلمانية المقبلة ستعيش حرارة في عز الخريف. ذلك أن الملفات المطروحة في المرحلة الراهنة على أنظار البرلمان المغربي بغرفتيه، تكتسي أهمية خاصة، لا سيما وأن مشروع القانون المالي لسنة 2011، يقول عبد السلام الصديقي، يختلف عن سابقيه. فالحكومة، يؤكد المتحدث، ستجد صعوبات بالغة في وضع قانون مالي موسع... * كيف تقيمون حصيلة العمل البرلماني خلال السنة المنصرمة في تناوله للملفات الاقتصادية؟ - حصيلة الدورة الماضية على المستوى الاقتصادي والمالي كانت متواضعة جدا. وهو أمر يمكن تفهمه بالنظر إلى كون النقاشات على هذا المستوى ركزت أساسا على قانون المالية. صحيح أن البرلمان يتطرق بشكل دوري للقضايا الاقتصادية خلال الجلسات المخصصة للأسئلة الشفهية. فهناك برلمانيون يسائلون الحكومة بانتظام حول ارتفاع الأسعار وتطبيق مضامين قانون المالية. كما أن اجتماعات لجنة المالية مخصصة لهذا الموضوع. لكن عموما، وباستثناء المصادقة على مشروع قانون يتعلق بتهيئة هضبة الناضور، يمكن القول عموما أن الحصيلة سلبية. * ماهي الملفات والقضايا التي ستستحوذ على الجانب الأوفر من اهتمامات البرلمان بغرفتيه خلال هذه السنة؟ - طبقا لمقتضيات الدستور، فدورة البرلمان الخريفية التي تفتتح في الجمعة الثانية من أكتوبر، تخصص أساسا لدراسة والمصادقة على قانون المالية. نعرف أن الحكومة مطالبة بوضع مشروع قانون المالية بأحد مكتبي البرلمان، عموما أمام مكتب مجلس النواب، في أجل أقصاه العشرين من أكتوبر. أي 70 يوما قبل نهاية السنة. ويخصص البرلمان أغلب وقته لدراسة ومراجعة القانون المالي. لكن أسئلة أخرى، مرتبطة بمشروع القانون هذا سيتم طرحها. وأذكر منها على سبيل المثال مسألة التقاعد وصندوق المقاصة والتغطية الصحية مع وضع نظام المساعدة الطبية (الرميد). * هل تعتقدون أن صعوبة الوضع الاقتصادي العالمي، خاصة انحصار الأسواق التقليدية للمغرب، ستتطلب وقتا أكبر للحسم في الملفات المطروحة، وعلى رأسها قانون المالية - كل المعطيات تؤشر على أن النقاشات حول قانون المالية ستكون ساخنة. لأن مشروع القانون المالي لسنة 2011 يختلف عن سابقيه. فالحكومة تجد صعوبات بالغة في وضع قانون مالي موسع. فعليها تقع تبعة تدبير عدة إكراهات منها تراجع الموارد المالية، ارتفاع سعر برميل النفط، ارتفاع أسعار الحبوب بالسوق الدولي، ضعف النمو بمنطقة الأورو... كل ذلك في ظل أجواء اجتماعية متوترة. ولن يكون من السهل إقناع البرلمانيين سواء داخل الأغلبية آو المعارضة. وبالتالي سيشحذون أسلحتهم في مواجهة الحكومة التي ستجد صعوبات بالغة في إقناع الأغلبية بالتصويت على نص يدعو للصرامة والتقشف وهي على بعد أقل من سنتين على الانتخابات التشريعية. مشروع قانون المالية سيكون إذن الوجبة الرئيسية للدورة البرلمانية القادمة. وهذا لا يعني أن أطباقا أخرى ستقدم للبرلمان، بين الفينة والأخرى، قبل عرض القانون المالي أو بعده. ويجب أيضا أن نأمل تقديم الحكومة الحالية مشروع إصلاح القانون التنظيمي للمالية قبل اختتام مهام البرلمان. فمن غير الطبيعي، على الصعيد الديمقراطي، أن نرى دور البرلماني يهمش في ميدان يحدد التوجهات الكبرى للعمل الحكومي. فعلى البرلمان أن يكون حاضرا على مستوى كل مراحل إعداد الميزانية.إنه مطلب ديمقراطي لا يستهان به من أجل الارتقاء بمستوى الأداء البرلماني ومن أجل إضفاء معنى على العمل السياسي.