تألق المبدعون المغاربيون الشباب في الأمسية الفنية الثالثة من ليالي " مهرجان أوتار ربيع الحوز الثقافي "المنظم في ابن جرير تحت شعار" من أجل النهوض بالتراث المغاربي". فقد اختارت نخبة من هؤلاء المطربين الشباب, الذين سبق أن شاركوا بشكل متميز في عدد من الملتقيات والمهرجانات بالمغرب وتونس والجزائر وعلى الصعيدين العربي والدولي, أن تتحف جمهور مدينة ابن جرير, ليلة السبت, بباقة من أغاني الكبار من عيار التونسيين أحمد حمزة ومحمد الجاموسي والصادق ثريا, والجزائريين محمد العنقة ورابح درياسة وسليم الهلالي, والمغاربة الحسين السلاوي وابراهيم العلمي ومحمد الحياني. وإذا ذكرت أسماء مثل هذه, فإنها لا محالة تذكر بكل ماهو صادق وجميل من ذلك الزمن الجميل, زمن يحيل على روح الكلمة البسيطة والنفاذة في نفس الآن, خاصة إذا كانت مصحوبة بالعزف الموسيقي الأصيل. أما إذا جاء أداؤها اليوم بأصوات جيل جديد, عرف كيف يستلهم منها هذه الروح , فذلك يبشر بمستقبل واعد للأغنية المغاربية, مادام هناك شباب يحرص على الاحتفاء بها وإيلائها ما تستحقه من عناية واهتمام. وهذا ما أبان عنه خلال هذه الأمسيات الفنية من ليالي مهرجان أوتار, كل من المطربين الشباب المغاربة توفيق البوشيتي وحاتم عمور وسعد لمجرد ومريم بنمير وليلى الكوشي وحاتم ايدار وإلياس طه, والجزائريين نور الدين طيبي ولمياء بطوش , وطارق التونسي القادم من تونس. ولم تمنع الأجواء الباردة ساكنة إقليم الرحامنة والمناطق المجاورة, من الاقبال والتجاوب مع العروض الفنية المقترحة التي بدأت بلوحات استعراضية من أداء مجموعة الرقص الهندي بهوليود ومعزوفات وأغاني صوفية تقليدية لمجموعة روجستان روتز. وما من شك أن منظمي هذا المهرجان, الذي تضمنت فقرات سهراته أزيد من خمسين أغنية من الخالدات في كل من المغرب والجزائر وتونس, يدركون أن الذاكرة الموسيقية المغاربية, هي تراث مغاربي مشترك, ولأن الأغنية المغاربية كذلك, فهي تطرب وتحرك وجدان كل الشعوب المغاربية. وقد كان لدى روادها, قناعة أكيدة بأن هذه الأغنية ماهي إلا دليل على وحدة المغرب العربي, مثلما كان شيخ هؤلاء, الفنان الجزائري محمد العنقة, يقول بأن "المغرب العربي شكل دائما أمة واحدة رغم الحدود المصطنعة التي ورثها عن الاستعمار, وأن هذه الوحدة سوف تعود طال الزمان أو قصر".