أكدت وزارة العدل في السلطة الوطنية الفلسطينية الأحد الماضي بأن هناك قانونا فلسطينيا عصريا للعقوبات يجري إعداده بدل القانون المعمول به حاليا في المحاكم الفلسطينية وهو قانون أردني تجاوز عمره ال 50 عاما. وشددت الوزارة بان القانون المعمول به حاليا بات حجر عثرة في طريق تحقيق العدالة من خلال المحاكم وجهاز القضاء الفلسطيني. وقالت وزارة العدل في تصريح صحفي حول اقتراب الوزارة من إنجاز مسودة قانون عقوبات عصري: كثيراً ما يشكو المواطنون والعاملون في مجال إنفاذ القانون من الأجهزة الأمنية من أنهم يبذلون جهوداً كبيرة في ضبط مجرمين ويحولون ملفاتهم إلى المحاكم الفلسطينية التي تنظر في هذه القضايا وتصدر أحكامها، وتكون الأحكام الصادرة غير ملائمة لهذه الجرائم، كون أن قانون العقوبات المعمول به في المحاكم الفلسطينية قانوناً تعدى عمره الخمسين عاماً دون أن يجري عليه أي تعديل أو تغيير مما أفقده في حالات عديدة قيمته الردعية، وفي حالات أخرى وقف الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون عاجزين أمام «جرائم» غير مجرمة في قانون العقوبات الساري في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية. وأشارت وزارة العدل لضرورة وجود قانون عقوبات عصري يلبي احتياجات المجتمع الفلسطيني، مشيرة إلى أنها تسعى بالشراكة مع كل الأطراف المعنية من أجل إعداد مسودة قانون عقوبات عصري يستجيب لمتطلبات الحداثة، وعقدت لهذه الغاية ورشات عمل عديدة وحلقات نقاش خاصة بقانون العقوبات بمشاركة مهتمين ومختصين وخبراء قانونيين، وبحضور ممثلين عن المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، وشكلت من أجل ذلك فريقا وطنيا لإعداد مسودة قانون العقوبات، وستتوج جهودها بمؤتمر عام سيعقد في أواسط الشهر القادم لمدة ثلاثة أيام، سيتم خلاله نقاش المسودة النهائية لقانون العقوبات قبل أن يتم عرضه على مجلس الوزراء للمباشرة في إجراءات إقراره. واعتبر وزير العدل الدكتور علي خشان الذي أشرف على مختلف مراحل إعداد مسودة قانون العقوبات، أن قانون العقوبات يشكل قانوناً للسلم الاجتماعي في فلسطين كونه من الركائز الهامة التي تحمي المجتمع والفرد من خلال فرضه لعقوبات رادعة على المستويين الخاص والعام ويشكل المحرك الأساسي لأركان قطاع العدالة في فلسطين، والعقوبات الواردة فيه تتناسب مع الأفعال الجرمية وتلبي احتياجات المجتمع وتحقق المساواة للجميع أمام القانون وتحفظ الحقوق والكرامة الإنسانية. وأضاف الوزير خشان أن مشروع القانون الجديد تخلص من القصور في مضمون وبنية القانون المطبق حالياً، وإقراره سيخلق ثورة في العدالة الجنائية وسيعزز ثقة المواطنين في السلطة الوطنية كونه يستجيب لتطورات الحياة السياسية والاقتصادية ويراعي مبادئ حقوق الإنسان. من جانبه أكد المستشار خليل قراجة الرفاعي، وكيل وزارة العدل، ورئيس الفريق الوطني المكلف بإعداد مسودة قانون العقوبات، أن مسودة قانون العقوبات أصبحت في مراحلها النهائية، وهذا بفضل الشراكة الحقيقية التي تمت بين المؤسسات الرسمية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني خاصة المؤسسات الحقوقية وتلك المعنية بالمرأة، حيث تضافرت الجهود من أجل انجاز هذه المسودة من خلال عقد أكثر من عشر ورشات عمل وحلقات نقاش لمسودة القانون، ومن خلال عرض هذه المسودة على خبراء قانونيين عرب. وأضاف رئيس الفريق الوطني أنه سيتم عقد مؤتمر سيشارك فيه ممثلون عن مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام لمناقشة المسودة النهائية لقانون العقوبات قبل بدء خطوات إقرارها، حيث سيعقد المؤتمر بدعم من برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، وسيكون تتويجا لكل الجهود التي بذلت بهذا الخصوص. ومن جهته قال الدكتور أحمد باراك، رئيس النيابة، أمين سر الفريق الوطني لإعداد مسودة القانون، بأن هذه الأخيرة عصرية كونها تمثل استحقاقا وتستجيب للتطورات وتتلاءم مع متطلبات العصر على عكس ما هو معمول به حالياً، ففي الضفة الغربية لا زال يجري العمل بقانون عقوبات كانت آخر تعديلاته عام 1967، وفي قطاع غزة ما زال يعمل بقانون عقوبات يعود عهده إلى قانون الانتداب البريطاني في عام 1936. وأضاف براك أن القانون الجديد ينبع من احتياجات الشعب الفلسطيني، ويبتعد عن أي نصوص مستوردة، ولا ينظر إليه على أنه قانون المذنبين بقدر ما هو قانون حماية مصالح المواطنين والمقيمين على الأراضي الفلسطينية، ويتلاءم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. من جانبه، قال المحامي ناصر الريس، المستشار القانوني في مؤسسة الحق، والذي كان ضمن الفريق الوطني لإعداد مسودة القانون أن هذه المسودة أخذت بعين الاعتبار كل المبادئ الدولية لحقوق الإنسان، وجرمت كل الممارسات التي تنتقص من حقوق الإنسان وحرياته وتمس بكرامته، حيث اهتمت المسودة بوضع المرأة والطفل من خلال تحجيم كل الممارسات التي تنتهك حقوقهما أو تنتقص من مكانتهما لأي سبب تمييزي. وأضاف الريس، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»: لقد أخذت مسودة القانون بتوصيات مؤسسات حقوق الإنسان، وانسجمت موادها مع معايير حقوق الإنسان خاصة في قضايا المساواة وعدم التمييز والقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة، وانسجمت مع التوجه الدولي بإلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بعقوبة السجن الرادع، كذلك جرم أفعال الفساد بما ينسجم مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد. ووفقاً لمركز المعلومات العدلية التابع لوزارة العدل ستحتوي مسودة قانون العقوبات التي سيجري نقاشها في مؤتمر أريحا على 570 مادة قانونية ستتناول التشريع العقابي والجرائم وسقوط الجرائم والأعذار القانونية والظروف القضائية المخففة، هذا إضافة إلى الجرائم المضرة بأمن الوطن والمصلحة العامة، وجرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال العامة. وستحتوي مسودة قانون العقوبات ولأول مرة، على باب يتعلق بجرائم الحاسوب، حيث سيتم تحديد هذه الجرائم وتعريفها، خاصة جرائم السرية والاستقامة وتوفر معلومات وأنظمة الحاسوب، وتلك الجرائم المتعلقة بمحتوى الحاسوب والمتعلقة أيضاً بانتهاك حقوق الطبع وما يرتبط بها.