أجمع أغلب المتتبعين للمشهد الكروي ببلادنا أن البداية التي انطلقت بها البطولة الوطنية حاليا تؤكد على وجود اختلالات من شأنها أن تؤثر على المردود العام للمنافسات، خصوصا أن الأندية أظهرت مستويات متقاربة، وأن كان الفارق يوجد فقط على مستوى الإمكانيات المادية. فإلى حدود الدورة الرابعة لم نشاهد مباريات تنم على أن هناك عمل قاعدي يمكنه من تطوير المنتوج الكروي المحلي، والذي يمكنه أن ينافس الدوريات العربية والإفريقية، خاصة وأن مسيرة أغلب الفرق المغربية حاجز الأدوار التمهيدية، إلا بعض الإستثناءات ويتعلق الأمر بالفتح الرياضي الذي يمكن اعتباره مفاجأة كأس الكونفدرالية الإفريقية. بالرغم من الإصلاحات الكثيرة التي شرعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في تنفيذها، والتي تتعلق بالعديد من القوانين تمهيدا للإنتقال إلى العصبة الإحترافية في أفق سنة 2011، والتي لم تعجب الكثير من المسؤولين عن الأندية، خصوصا قانون اللاعب الذي أجج الوضع داخل الفرق الصغرى باعتبارها المتضرر الكبير من هذه العملية، وبالتالي فدار لقمان مازالت على حالها، ومستوى البطولة ظل يراوح مكانه في انتظار أن تتغير بعض العقليات التي مازالت تتحكم في المشهد الكروي عن طريق الإملاءات من خلال التدخل في أشياء بعيدة عن اختصاصاتها. ويمكن القول أن بداية البطولة كانت حبلى بالعديد من المشاكل التي تفجرت بسبب النتائج السلبية لبعض الفرق التي لم تعد تقبل بمنطق الفوز والخسارة في كرة القدم، وأنها سرعان ما تنقاد وراء ضغط الجماهير، فيكون الحل الوحيد في يد المسؤولين هو إقالة المدرب من أجل امتصاص غضب الأنصار والمنخرطين لكونهم أصبحوا يشكلون الحلقة الاساسية داخل المنظومة الكروية. ولعل مايقع داخل فريقي العاصمة الإقتصادية دليل على أن هذه الحلقة باتت تشكل قوة ضاربة في تسيير الغريمين التقليديين، وأن المكاتب المسيرة أصبحت تخضع لضغط هذه الطغمة المتحكمة في مصير الوداد والرجاء، وأن بإمكانها أن تقوم بتغيير الأوضاع في أي لحظة. فقديما قالوا بأن الفريق الوطني يستمد قوته من الأندية، لكن في ظل بطولة ضعيفة لا يمكن لأي مدرب كيف ما كانت جنسيته أن يقر بهذه الفرضية، وبالتالي يلجأ إلى اللاعب الجاهز، أي المحترف الذي تكون في أكبر مراكز التكوين الأوروبية. فالأندية المحلية غالبا ما تتعاقد مع مدربين من درجة ثانية، وهذا لايساعد بطبيعة الحال تطوير هذه الفرق على المستويين التقني والتكتيكي، لأن همهم الوحيد هو استخلاص أجورهم عن طريق العملة الصعبة، بالإضافة على الإمتيازات والمنح التي لاتستفيد منها الأطر الوطنية. ولكن العيب ليس في هذه الفئة من المدربين التي وجدت في البطولة الوطنية ملاذا بعد أن سدت أبواب أوروبا في وجههم، ولكن في الأندية التي لاتهتم بالفئات الصغرى، وأصبحت ترغب في التعاقد مع اللاعب الجاهز رغم ماتنفقه من أموال باهضة على هذه الفئات العمرية. لذا، فالأندية مطالبة بمراجعة سياستها انطلاقا من الهرم بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب على مستوى التسيير، حيث يجب تغيير العقليات وإعطاء الفرصة للعناصر الشابة بدل احتكار المناصب من طرف بعض الأسماء التي عمرت طويلا ببعض الأندية دون أن تقدم الإضافات المرجوة. كما ما يجب على هذه الفرق أن تولي اهتمامها بالتكوين وإعطاء الفرصة لأبناء الفريق سواء من لاعبين أو مؤطرين، لأن التجارب السابقة أكدت نجاح هذه العملية في مرات عديدة، وأنه لاوجود للمدرب الأجنبي الكفء ببطولتنا. خلاصة القول أن السياسة العامة لكرة القدم الوطنية لاتسير وفق التصورات التي يمكنها أن تساهم في تطوير هذا المنتوج وجعله ينافس أقوى الدوريات العربية والقارية، وأن أردنا ننافس على أعلى مستوى لابد من احترام القوانين العامة لهذه اللعبة وعدم الدوس عليها لمجرد جبر الخواطر.