حظي دور احديدان الذي قام بأدائه كمال كاظمي، في سلسلة درامية مغربية بالعنوان نفسه، بتجاوب ملحوظ من قبل المشاهدين، من مختلف الفئات العمرية. بالمناسبة، يتحدث كاظمي إلى بيان اليوم، عن تجربته في هذه السلسلة، وعن انعكاساتها، حيث لا يخفي خشيته مما سيأتي بعدها، معترفا بأنه كثيرا ما صار يطرح على نفسه هذا السؤال: ماذا بعد احديدان؟ لأن المشاهدين ارتبطوا بسلسلة احديدان، وصار اسمه مرتبطا بهذه الشخصية باعتبارها صورة راسخة... وقد يصعب تشخيص أدوار أخرى مخالفة، تحظى بنفس التجاوب الذي حظيت به شخصية احديدان، ولكن مع ذلك، يؤكد على أنه كان دائما متفائلا، وسيواصل السير على درب الفن، بنفس الجدية والحماس. * كيف ولجت ميدان التمثيل؟ - لا أقول إنني دخلت هذا الميدان، لأن الأصح هو أنني مسكون به منذ صغر سني. أول تجربة كانت على الركح، لكنني كنت معروفا قبل ذلك على صعيد الأسرة والجيران، أنني أميل إلى ممارسة التمثيل، وأقوم بالبحث وأجتهد في هذا المجال، غير أن التجربة الأولى الأساسية، التي ستضعني على سكة المسرح، هي مشاركتي في مسرحية من إخراج الفنان المسرحي الرائد محمد التسولي، وكانت هذه المسرحية بعنوان: عطيل والخيل والبارود، وهي من تأليف الكاتب المسرحي عبدالكريم برشيد. كنت صغير السن آنذاك، وأذكر أن سعد التسولي- ابن المخرج- هو كذلك شارك في هذه المسرحية، كانت تلك هي البداية الحقيقية لممارستي المسرحية، غير أنني حرصت بالموازاة مع ذلك، على التحصيل العلمي في هذا المجال الفني، حيث تابعت الدراسة بمعهد المجموعة الحضرية، وكان من بين أساتذتي الأجلاء: المرحوم محمد سعيد عفيفي، وبوشعيب الطالعي، وأتيحت لي الفرصة لقراءة دراسات مسرحية لباحثين كبار، وحبذا لو تتكرر مثل هذه الفرص بالنسبة للأجيال الجديدة. ثم بعد ذلك، التحقت بفرقة اللواء المسرحي التي يرأسها الفنان بوسرحان الزيتوني، غير أنه بحكم توجهي الفني الذي يميل أكثر نحو الجمع بين التمثيل والموسيقى، حبذت تغيير مساري من اتجاه إلى اتجاه، وإن كنت لا أزال مع هذه الفرقة، فأنا ظللت حريصا على عدم البقاء مربوطا باتجاه محدد. هكذا ألتقي بفرق جديدة، وأكسر بالتالي حالة «المونوطوني» أو الرتابة التي يمكن أن أقع فيها. * كيف عشت تجربة أدائك لدور احديدان في السلسلة الدرامية التلفزيونية التي لقيت تجاوبا من طرف فئة عريضة من المشاهدين؟ - إنها تجربة مرت مثل غيرها من التجارب التي اجتزتها حتى الآن، لقد أديت الدور بجدية وتفان في العمل، وكان هناك نوع من السكون، لا أعني الهدوء، ولكن بمعنى أن هذا الدور سكنني، سكن داخل كياني، وأنا دائما كلما راقني دور ما، يصبح ساكنا بداخلي، وكنت واثقا قبل أداء هذا الدور، من أنه سيكون جيدا، وكانت مفاجأة سارة بالنسبة إلي، أنه استقبل بحفاوة. * في نظرك، ما هو سر نجاح، هذا النوع من الأعمال الدرامية التلفزيونية؟ - سر النجاح يكمن في أن السيناريو كان قويا، كما أن البناء الدرامي كان متينا، فضلا عن ذلك، فإن الشخوص كانت مرسومة بدقة، حيث أن كل شخصية لها فرادتها ولا تشبه الأخرى. أعتقد أن الكاستينغ الخاص بالدار كان مهما وجيدا. لقد استطاعت المخرجة فاطمة بوبكدي أن تتعامل مع السيناريو بذكاء ملحوظ، وهي قبل هذا وذاك أحد الأطراف المساهمة في كتابته. إن ما يميز هذه السلسلة هو حملها لسمة تامغربيت، إنها مأخوذة من الجذور، وكان من الطبيعي جدا أن تحظى بتجاوب من طرف المشاهدين المغاربة، لأنهم كانوا متشوقين جدا لأن ينظروا إلى أنفسهم، وكانوا يرغبون في من يتحدث عنهم، وهذا ساهم في خلق تصالح بين المشاهدين والتلفزة المغربية. أنا حاليا، لدي تخوف من الفترة التالية لعرض سلسلة احديدان، وكثيرا ما صرت أطرح على نفسي هذا السؤال: ماذا بعد احديدان؟ لأن المشاهدين ارتبطوا بسلسلة احديدان، وصار اسمي مرتبطا بهذه الشخصية باعتبارها صورة راسخة، وقد يصعب تشخيص أدوار أخرى مخالفة، تحظى بنفس التجاوب الذي حظيت به شخصية احديدان، ولكن مع ذلك، أنا كنت دائما متفائلا، وسأواصل السير على درب الفن، بنفس الجدية والحماس. * نقطة لافتة، تتعلق بالصوت الذي أديت بواسطته دور احديدان، هناك من يقول إنه مركب، وأنه ليس صوتك الخاص، كيف جرى الاشتغال على هذا الصوت المميز؟ - صوت احديدان هو بين الأصوات الكثيرة التي أتفنن في نطقها، وهو لم يتطلب مني اشتغالا معينا، ولم أكن بحاجة إلى أن أتمرن عليه، على اعتبار أنه كان دائما لدي ولع بتقليد الأصوات، وقد اعتدت على أن أمارس هذا الولع في حضور الأصدقاء، خارج الممارسة الدرامية أو المسرحية، وقد سبق لي بالفعل أن نطقت بذلك الصوت بالذات، غير أنني لم أكن أظن أنه سيكون مصدر النجاح في أداء شخصية احديدان، لأنني أديت أدوارا عديدة، وربما يرجع السبب في لفت الانتباه إلى دوري في سلسلة احديدان، إلى كوني حاضرا في جميع الحلقات، باعتباري الشخصية المركزية في هذه السلسلة، وباعتبار كذلك التصاعد الدرامي لهذه الشخصية التراثية، في حين كان يقتصر حضوري في أعمال أخرى على حلقة واحدة، وبالتالي لم يظهر عملي بنفس الشكل والقوة. * أين تجد نفسك أكثر، في الدراما التلفزيونية أم على خشبة المسرح؟ - على خشبة المسرح بدون تردد، ولو كان المسرح يضمن العيش على مدار السنة، لما فكرت في العمل في الدراما التلفزية،لأنني أجد نفسي أكثر في المسرح، هذا لا يعني أنني أنقص من قيمة الدارما التلفزية، فأنا لا أكره تحقيق ذاتي فيها كذلك. * ما هو جديدك الإبداعي؟ - أنا حاليا متوقف عن الممارسة الفنية، ولا أفكر في أي عمل آخر، إنها بمثابة وقفة تأملية ضرورية، لمواصلة السير على درب الفن. لا أخفي أن بجعبتي الكثير من الأعمال الفنية، وسوف أكتب سلسلة تلفزية كوميدية، لكنني لست متعجلا.