أصدر القائمون على الشأن الرياضي ببلادنا عقوبات قمعية بالنسبة للجماهير المشاغبة في مدرجات الملاعب الرياضية، والتي عادة ما تسيء إلى بعض الفعاليات الرياضية، سواء بسبب أو دون سبب، مما جعل بعض المسؤولين عن الأندية الوطنية يطلقون الرياضة على الأبد والأمثلة على ذلك كثيرة. وقد حدد قانون الشغب الجديد العقوبات في حق مرتكبيها في الحبس من سنة إلى 5 سنوات وبغرامة من ألف إلى 20 ألف درهم لكل من ساهم في أعمال عنف أثناء مباريات أو تظاهرات رياضية، كما يمكن للعقوبة أن تتضاعف بالنسبة للرؤساء أوالمنظمين أوالمحرضين على الأفعال. ثم الحبس من شهرين إلى 6 أشهر وبغرامة من 500 إلى 10 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبيتن لكل من حرض على التمييز أو الكراهية بواسطة صراخ أو نداءات أو شعارات أو لافتات أو صور في حق شخص أو أشخاص بسبب الأصل أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي. وقد عرف قانون الشغب الجديد الكثير من الجدل داخل الأوساط الرياضية، خصوصا ملاعب كرة القدم التي تعتبر تجمعا للجماهير الرياضية من أجل تفريغ مكبوتاتها من خلال السب والشتم في حق المسيرين واللاعبين وكذا الحكام، وهي سلوكات تتطور أحيانا إلى حد الإعتداء الجسدي. وإذا كان واضعو هذا القانون الجديد قد أقروا بأن العقوبات الجديدة جاءت بناء على العديد من أصوات المسؤولين الذي كانوا يطالبون دوما بمحاربة شغب المدرجات، وبالتالي كونه القرار الصائب لوضع حد للشغب بالملاعب الوطنية، فإن الجماهير المهووسة بحب الرياضة لم تتقبل هذا القانون لأنه يتعارض وعقلية المشجع الذي غالبا ما يحتج بطريقته الخاصة عند هزيمة فريقه المفضل. إذا فالقانون الجديد بجانب مسؤولي الأندية، وأن الجماهير الرياضية ملتزمة بالصمت ولايحق لها أن تحتج على المكاتب المسيرة، سواء كان الإحتجاج عن طريق ترديد بعض الشعارات التي تحمل عبارات نابية وأشياء مخلة للحياء، أو رفع لافتات معادية للمسؤولين أو للاعبين، وأحيانا تحمل خطابات سياسية أو جملا ساخرة كما هو الشأن خلال مباراة سابقة بين الرجاء البيضاوي ووفاق سطيف الجزائري. فالمشجع مطالب بتشجيع فريقه بطريقة حضارية بعيدة عن كل تعصب أو كل ما من شأنه أن يثير بعض السلوكات التي لاتعجب حتى هذه الجماهير نفسها والتي أصبحنا في غنى عنها، لأنها تسيء إلى الوضع العام للرياضة الوطنية خصوصا كرة القدم التي هي مقبلة على العديد من التغييرات بناء على توصيات الإتحاد الدولي للعبة. فقانون الشغب الجديد هو بمثابة سيف ديموقليدس سلط على رقاب الجماهير الرياضية التي ستتحول من أداة تشجيعية لبث الحماس والإحتفالية داخل المدرجات إلى مجرد حفل جنائزي تمنع فيه لغة الكلام ولغة التعبير، وقد تتحول الملاعب في ظل هذا القانون إلى أماكن مهجورة، وبالتالي تكون الأندية الوطنية هي الخاسر الأكبر داخل المنظومة الكروية، لأن أغلب هذه الفرق تعيش على مداخيل المباريات. لذا، فالسؤال المطروح هو، كيف ستحتج هذه الجماهير، وما هي الطرق التي ستسلكها للتعبير عن مواقفها اتجاه المسؤولين؟ نحن هنا لا ندافع عن الجماهير المشاغبة والتي تخرج أحيانا عن المألوف وتتجاوز أدبيات الروح الرياضية، لأن ما يتعرض له المسؤولون واللاعبون عند الهزيمة في نهاية كل أسبوع أصبح أمرا لايطاق، خصوصا عندما يتم تسخير بعض «الحياحة» من طرفات جهات معارضة لسب أعراض المكاتب المسيرة، واحيانا يقومون بترهيبهم، وهي سلوكات عجلت برحيل العديد من رؤساء الاندية احتجاجا على هذه الاجواء الموبوءة. وهنا نوجه السؤال التالي، ماهو دورالجمعيات بكل أطيافها اتجاه ما يحدث بالمدرجات، وماهي الطرق التي تنهجها في تأطير الجماهير رغم أن بعضها يستفيد من منح سنوية لهذه الغاية، لكن غالبا ما تحيد عن الأهداف التي أنشئت من أجلها وتتحول إلى بوق للدفاع عن المكاتب المسيرة. فقانون الشغب الجديد ماهو إلا مسلسل آخر ينضاف إلى العديد من الأوراش المفتوحة التي تشهدها كرة القدم الوطنية في ظل السياسة الجديدة للجامعة التي تريد أن تدفع بعجلة هذه اللعبة إلى الأمام، ذلك أن جميع الفاعلين في هذه اللعبة بدأوا يتأقلمون مع القوانين الجديدة.