لا تخلو جل الدول الفقيرة والنامية من غرائب في مجال الاستهلاك الغذائي، ومرد ذلك إلى ممارسة الغش والركض وراء الربح السريع، إضافة إلى ضعف المراقبة... لا تخلو جل الدول الفقيرة والنامية من غرائب في مجال الاستهلاك الغذائي، ومرد ذلك بالأساس إلى ممارسة الغش والركض وراء الربح السريع، إضافة إلى عوامل أخرها، من أبرزها ضعف المراقبة... ومن تلك الغرائب ما تتناقله وسائل الإعلام المحلية في هذا البلد أو ذاك حول تورط باعة في عرض لحوم ومشتقاتها، إما تعود للكلاب أو الحمير. مؤخرا، اكتشف المارة رأسي حمارين مذبوحين في محافظة برج بوعريريج (234 كلم شرق العاصمة الجزائرية). وعلى الفور، دبت حالة من الهلع بين السكان المحليين، الذين أبدوا وسط حالة من الذهول خشيتهم من تكرار ما حصل قبل سبع سنوات، حينما استهلكوا كميات كبيرة من لحم الحمير، في فصل سيء من الجشع التجاري المتجرد من الأخلاقيات والضوابط،حسب ما أوردته صحف محلية. وأوضح مدير التجارة بالمنطقة أنّ ما جرى اكتشافه مرتبط بقاعدة الحياة التابعة للجالية الصينية بالمنطقة المذكورة، و قال في هذا الصدد أن «التحريّات الأوليّة أكّدت إقدام العمال الصينيّين الذين ينشطون في ورشة للإنشاءات العامة، على ذبح حمارين بطريقة غير شرعية، ما فجّر شكوكًا ومخاوف بين الجزائريين». و أضاف أنّ الجهات المختصّة عثرت على عشرين كيلوغرامًا من لحم الحمير المفروم، و أنها اتخذت التدابير اللازمة ضدّ الواقفين وراء العملية، لافتاً إلى أنّ الذبح تمّ بطريقة غير شرعية ومن دون إشراك المصالح البيطرية المختصة. وعلى الرغم من التطمينات الرسمية، إلاّ أنّ عموم مستهلكي اللحوم، تعاطوا بحذر شديد مع المسألة،و تذكروا حوادث سابقة شهدتها الجزائر عامي 2003 و2007، فقبل سبع سنوات جرى التحفظ على عشرة أشخاص، بينهم مدير مسلخ حكومي وأربعة أطباء بيطريين، بعدما عُثر في حوزتهم على 1867 كيلوغرامًا من لحم الحمير عند خمسة جزارين، كانوا في صدد تسويقها في أسواق مختلفة في الجزائر العاصمة، وكشفت تحريات حينها أنّ هؤلاء تمكنوا خلال أربعة أشهر من ذبح 1514 حمارًا، ما يمثل أكثر من 57 طنًا من لحم الحمير. وأفضت التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الأمنية آنذاك، إلى أنّه كان يتم شراء عديد من الحمير في مناطق من البلاد بمبالغ زهيدة، وتنقل إلى مذابح حكومية، حيث كان يتم خنقها بالحبال، بدلاً من ذبحها لتجنب افتضاح أمرهم، قبل أن يتم بيعها بأسعار مخفضة في المحال والأسواق، وذلك بتواطؤ من جزارين وموزعين، مثلما كانت تستغل في صناعة «النقانق» وتوريد اللحم المفروم بكميات ضخمة إلى المطاعم، في سابقة اختصرت تنامي ظاهرة الجشع لدى فريق من التجار لا يعترف إلا بالربح، حتى ولو كان على حساب أخلاقيات المهنة. وفي مناسبة ثانية قبل ثلاث سنوات، فوجئ عمال النظافة في حي غاريدي وسط الجزائر العاصمة، بعثورهم في أواخر أكتوبر 2007، على رأسي حمارين، لم يمر على ذبحهما حينذاك ساعات قليلة، بدليل الدم الذي لوحظ وهو ينزف من رأسيهما، وكذا أحشائهما التي وضعت في كيس بلاستيكي كبير. وتقول مراجع متخصصة إنّ الجزارين، الذين تورطوا في بيع لحوم الحمير، كانوا يستخدمون مادة كيمائية تستخدم عادة في حفظ الجثث، للمحافظة على اللحم لأطول مدة ممكنة، بغرض جعل لحوم الحمير تحافظ على طراوتها لثلاثة أسابيع أو أكثر. في عدة دول، تعتبر لحوم الحمير محرمة ولو عرفيا، و يحذر ذبحها. وفي بعض الدول يجري تساهل في ذبحها تحت المراقبة، إما بهدف إطعام حيوانات الحدائق أو الاستهلاك الآدمي. وتلقى لحوم الحمير رواجا لرخص أثمانها مقارنة ببقية اللحوم، وتحديدا في الأحياء الشعبية الفقيرة، كما كشفت عن ذلك بعض الصحف التونسية العام الفائت. وسبق لصحيفة أخبار الجمهورية التونسية أن ذكرت بأن الحمير التي يشتريها الجزارون من سوق الدواب تذبح تحت إشراف «إطار طبي»، وأن مصادر طبية «لا ترى مانعا في استهلاك لحم الحمار حيث لا انعكاسات صحية له».س في مصر، تشهد بعض الأحياء حالات بيع لحوم الحمير،و لدى اكتشاف أي حالة تقول المصالح الحكومية أنها حالة محدودة. و عند ما اكتشفت حالة بيع لحوم الحمير في السنة الماضية،قال مسؤول مصري أن حادثة مشابهة وقعت منذ فترة في منطقة بالإسكندرية ولم يستبعد وقوع حوادث أخرى في أماكن مختلفة غير معلومة حاليا. وأكد أن الجشع قد يدفع إلى أفعال أكثر من ذلك.وأكد أن هذه اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي لا يمكن أن تدخل إلى المجازر الحكومية، مضيفا أن احد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة انخفاض عدد الأطباء البيطريين، الذين تسند لهم مكافحة أنفلونزا الطيور والحمى القلاعية ومراقبة المجازر والمراكز البيطرية. كيف تعرف لحم الحمير؟ عن وسائل التعرف على لحوم الحمير،يقول بياطرة أن عضلاتها تكون رفيعة للغاية وليست سميكة مثل الأبقار والجاموس، إضافة إلى أن لونها يكون داكنا ولو تعرضت للهواء ويتحول لونها إلى ما يشبه صدأ النحاس. أما إذا تم طبخها فتظهر بعض العوارض عليها كبقع دهنية في مرقها، ولدى فرمها فلن يتم التعرف عليها بالفحص الظاهري إلا لو اخذ منها عينة للتحليل. ويؤكد البياطرة أن الطريقة الوحيدة لضمان الحصول على لحم سليم طبيا وصحيا هو محلات الجزارة الموثوق فيها تماما والمعروف مصدرها تماما وعليها كافة أختام بما يدل على ذبحها والكشف عليها والتأكد من سلامتها تحت مراقبة بيطرية.