من بين الخيارات الإستراتيجية التي راهن عليها الرئيس الجديد لجامعة كرة القدم فوزى لقجع، منذ تحمله المسؤولية، تحويل الأندية لشركات رياضية، في إطار سعي حثيث لتجاوز حالة الاستعصاء التي تعرفها أغلب الأندية الوطنية التي أصبحت عاجزة عن التطور وغير قادرة تماما على الولوج بسهولة إلى مرحلة تؤهلها لمواكبة التحديات الآنية فالأحرى المستقبلية. هل بإمكان هذه الخطوة أن تعيد ترتيب البيت الداخلي للأندية الوطنية، على أسس قطع الطريق مع أساليب ونماذج أصبحت متجاوزة؟ هل أنديتنا الوطنية مؤهلة إداريا وتنظيميا للعبور بسلام نحو هذه المرحلةّ المتقدمة؟ هل تتوفر على الموارد البشرية والإدراية المؤهلة علميا؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تطرح نفسها بحدة على الساحة الوطنية، في خضم النقاش الذي تعرفه، ويبدو أن الأندية المعنية بالأمر أكثر من غيرها بهذا الموضوع بالذات لا زالت "ضاربها بسكتة". فقد سبق لجامعة كرة القدم أن قامت بتشخيص تهيئ على أساسه إستراتيجيتها لتنمية كرة القدم الوطنية خلال العشر سنوات المقبلة 2016-2026، إلا أن هذا التشخيص كشف عن عمق الاختلالات التي تعاني منها اللعبة الشعبية الأولى على الصعيد الوطني. ومن بين الخلاصات التي خرجت بها اللجنة التي أوكلت إليها مهمة دراسة الوضع العام للكرة المغربية، ضرورة إعادة هيكلة الأندية والعصب التابعة للجامعة، ووضع نموذج خاص للتسيير الإداري والمالي، في أفق تحويل الأندية الرياضية من جمعيات إلى شركات رياضية في حد أقصاه موسم 2017/2018. وفي ظل هذا الوضع يطرح الحديث من جديد حول دور المسير باعتباره حجر الزاوية في أي معادلة هادفة إلى إحداث التغيير وإدخال إصلاحات، وعن قيمة هذا المسير الذي تعبر به كرة القدم الوطنية حاليا عالم الاحتراف، في وقت انعدمت فيه الكفاءات، وهمشت الأطر وغابت فيه الأفكار والمشاريع الهادفة إلى التطوير، وأصبحت الأندية الوطنية وحتى الجامعات ضحية تسلط أشباه المسيرين الباحثين عن الكسب السريع والشهرة الزائفة، مع ما يرافق ذلك من فوضى وقفز على الاختصاصات وغموض في الصفقات إلى غير ذلك من نماذج صادمة أصبحت عملة سائدة على الساحة الوطنية. فقد حان الوقت وكرة القدم تدخل مجبرة عالم الاحتراف، أن تطرح بقوة مسؤولية المسير ومن له الحق في تسيير المؤسسات الرياضية، مادامت "الليبرالية" المعمول بها منذ الاستقلال فيما يخص التسيير الرياضي لم تعد صالحة بالمرة، في وقت تراجعت فيه القيم والمبادئ التي كانت تحكم المجتمع من قبل، ليصبح من الضروري تقوية القوانين والمراقبة والمحاسبة والمتابعة، من أجل حماية الممارسة والممارسين، وإبعاد السماسرة والمنتفعين، وفسح المجال لأصحاب التخطيط العلمي والحداثي والتدبير المقاولاتي...