خلال منتصف الأسبوع القادم، سيتم الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب، وككل مناسبة من هذا القبيل، يجري التساؤل حول مدى وفرة حظوظ الأدباء العرب في نيل هذه الجائزة التي مر على إحداثها أزيد من قرن دون أن يحصل عليها سوى كاتب عربي وحيد، هو الراحل نجيب محفوظ. خلال فترة العد العكسي للإعلان عن الفائز بهذه الجائزة، تم ترويج قائمة بأسماء أقوى المرشحين للظفر بها، هذه القائمة ضمت عشرة أسماء، أغلبها ذائع الصيت، ومنهم من تردد اسمه في عدة دورات سابقة. لم تضم هذه اللائحة سوى كاتب عربي واحد، هو الشاعر والمفكر السوري علي أحمد سعيد المعروف باسم أدونيس، وقد جاء حسب الترتيب الموضوع من قبل لجنة الجائزة في الرتبة الرابعة، بما يعني أن دوره ربما لم يحن بعد للفوز بجائزة نوبل، مع أن اسمه ظل يتردد على مدى عدة سنوات، وفي كثير من الأحيان راهن عليه الكثير من قرائه وأصدقائه لبلوغ منصة التتويج، لكن المؤكد أن أعضاء لجنة تحكيم هذه الجائزة الرفيعة، لهم حسابات أخرى، لا تنحصر بالضرورة في قيمة ما ينتجه المرشحون، حتى لو كان هذا الإنتاج قد حظي بتجاوب قطاع واسع من القراء معه، وتمت ترجمته إلى لغات عديدة، بما فيها اللغة السويدية نفسها، ونحن نعلم دور الترجمة في عملية الإقناع بأهمية المنتوج المترجم، سيما إذا تمت هذه الترجمة على نطاق أوسع، علما بأن أغلب الفائزين بجائزة نوبل للآداب، كان قد تمت ترجمة إنتاجهم الأدبي إلى لغة السويد حيث مقر الأكاديمية المانحة للجائزة البعيدة المنال بالنسبة للعرب. السؤال الذي يتجدد طرحه بهذه المناسبة، هو لماذا لا يفرض الكتاب العرب أنفسهم على أعضاء الأكاديمية المانحة لهذه الجائزة المتمنعة. صحيح هناك أسماء، وإن كانت معدودة جدا، تلوح من سنة إلى أخرى ضمن قائمة المرشحين: أدونيس، إبراهيم الكوني، آسيا جبار، الطاهر بن جلون.. وكان ذلك بفضل الترجمات المتعددة التي حظي بها إنتاجهم إلى جانب طبعا ما يشكل هذا الإنتاج من قيمة إبداعية ومعرفية. غير أن هذه الأسماء وغيرها من أسماء الكتاب العرب، ظلت مبعدة عن الوصول إلى جائزة نوبل. حتى الكاتب العربي الوحيد الذي كان قد نالها بعد مرور قرابة قرن من إنشائها، ونقصد بذلك نجيب محفوظ، أحيط فوزه وإن كان مستحقا بكل تأكيد، بلغط كبير، حيث جرى القول إنه ما كان لينالها لولا تأييده التطبيع مع إسرائيل. مما لا شك فيه أنه تم تسييس هذه الجائزة، وهو ما يساهم في إفراغها من محتواها، ولذلك لم يعد الرهان من طرف بعض الكتاب التواقين للظفر بها، على الرفع من قيمة منتوجهم الأدبي، بقدر ما أصبحوا يولون اهتمامهم أكثر للعلاقات الخاصة التي يقيمونها مع محيط هذه الجائزة، ومنهم من يعتقد أن تكثيف الدعاية لإنتاجه على نطاق أوسع، وإن كان هذا الإنتاج عديم القيمة، من شأن ذلك أن يؤثر على لجنة التحكيم، حالة البرازيلي باولو كويلو، يا لبؤسهم. كل ذلك يظل مجرد أوهام، وعيا بأن أي جائزة مهما علا شأنها، ليس هي ما يمنح قيمة رفيعة لهذا المؤلف أو ذاك، بل الإنتاج ولا شيء آخر غير الإنتاج. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته