قبيل الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب، وكما هو معهود، نشطت من جديد التخمينات وعملية اقتراح الأسماء التي لها حظ أوفر للفوز بهذه الجائزة الرفيعة، التي لم يحصل عليها لحد الآن سوى كاتب عربي واحد، رغم مرور أزيد من قرن على تاريخ إنشائها. إنها مناسبة لتجديد طرح السؤال حول السبب الذي يجعل الأدباء العرب يفشلون، أو بالأحرى يفشل إنتاجهم في إقناع لجنة تحكيم هذه الجائزة، بمدى قيمته. لا مجال للإنكار أن عددا كبيرا من الأدباء العرب، يستحقون التتويج بجائزة نوبل، منذ زمن بعيد، وليس اليوم فقط، وبلا شك أن قائمة أسمائهم تطول جيلا بعد آخر؛ فمقارنة بسيطة بين إنتاج بعض الأسماء الأجنبية التي نالت الجائزة، وبين الإنتاج الأدبي لنخبة من الأسماء العربية، نجد أن كفة الاستحقاق تميل لهذه الأخيرة. هناك أدباء عرب بالفعل تتردد أسماؤهم كل مرة، باعتبارهم أقوى المرشحين للجائزة، من قبيل الشاعر السوري أدونيس، والروائي الليبي إبراهيم الكوني، واللبناني أمين معلوف، وأيضا الأديب المغربي الطاهر بن جلون.. وهناك أدباء آخرون ظلت أسماؤهم تحضر ضمن قائمة المرشحين إلى أن فارقوا الحياة، وبقي في أنفسهم شيء من نوبل، علما بأن هذه الجائزة لا تمنح سوى للأحياء. غير أنه يبدو أن لجنة التحكيم لها حساباتها الخاصة، ولا تكاد تتفق على اسم بعينه إلا إذا كان إذا هذا الاسم تتوفر فيه شروط معينة، بغض النظر عن منتوجه الأدبي، الذي ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار أكثر من أي شيء آخر. في الظاهر يبدو أن الجائزة تمنح لكاتب ما، مراعاة لمجموع إنتاجاته الأدبية وحتى الفكرية، غارسيا ماركيز على سبيل المثال، فاز بها ليس بفضل رواية مائة عام من العزلة، ولكن لأن له إصدارات أخرى كان قد راكمها قبلا، وإن كانت الرواية المذكورة كانت قد صدرت في السنة نفسها التي فاز فيها بالجائزة. هناك أسماء نالت الجائزة نفسها، رغم أنها لم تصدر سوى كتاب واحد، أما الكاتب العربي المتوج الوحيد حتى الآن بهذه الجائزة؛ فقد كان عليه أن يراكم العشرات من الروايات الواقعية والتاريخية ويضيف إليها ثلاثيته المشهورة كذلك؛ لكي يستحق هذه الجائزة. من ناحية كمية الإنتاج، هناك أدباء عرب، بلغوا هذا المسعى، لكنهم لم يستطيعوا إقناع حكام جائزة نوبل بأحقيتهم لها. من ناحية القيمة الرفيعة للمنتوج الأدبي، هناك كذلك أدباء عرب حققوا هذا المقصد، طه حسين مثلا كان يستحق هذه الجائزة، مثلما كان يستحقها يوسف إدريس وغيرهما. غير أنه لحد الآن، لا أحد منهم استطاع أن يفرض اسمه على أصحاب القرار بلجنة الجائزة. ما العمل؟ هل ينبغي على الأدباء العرب أن يعتصموا أمام المؤسسة المانحة لهذه الجائزة، ويضربوا عن الطعام حتى..احتجاجا على عدم حصولهم عليها؟ بعض هؤلاء الأدباء الذين تتكرر أسماؤهم كل سنة ضمن قائمة المرشحين لأرفع جائزة أدبية، صاروا يضجرون من الأسئلة التي تطرح عليهم بالمناسبة، حول انطباعهم بخصوص إخفاقهم في الفوز بها. التعساء، صارت هذه الجائزة تشكل مصدر إزعاج بالنسبة إليهم؛ فهم لم يرشحوا أنفسهم لها، ولم يسعوا إليها، ومع ذلك هناك من يريدهم أن يفوزوا بها، في حين أن لجنة التحكيم لا ترغب في منحها لهم؛ فماذا ينبغي عليهم فعله، لكي يتخلصوا من هذا النوع من الإزعاج؟ الطريف أن بعضهم صاروا يحرصون على إغلاق هواتفهم، كلما اقترب موعد منح هذه الجائزة؛ لأنهم صاروا يدركون بحكم العادة، أن هذا الصحافي أو ذاك، وهذا الصديق أو ذاك، وهذا القريب أو ذاك، سيكرر على مسامعهم السؤال نفسه: ما هو شعورك وأنت ترى اسمك ضمن قائمة المرشحين لجائزة نوبل؟ أو بصيغة أخرى لا تخلو من مكر: لماذا في نظرك لا يريدون منحك هذه الجائزة؟ هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته