احتضنت الدارالبيضاء، مساء أول أمس الأربعاء، ندوة ذات بعد إفريقي ناقشت، بحضور العديد من الفاعلين الاقتصاديين المغاربة والأفارقة، موضوع ريادة الأعمال كرافعة لتحقيق التنمية بالقارة الإفريقية. وفي هذا الصدد، أكدت السيدة سمية العراقي، ممثلة وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، خلال افتتاح هذه الندوة، التي نظمتها غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الدارالبيضاء-سطات، أن القارة الإفريقية في حاجة إلى جيل جديد من المقاولين الشباب يتحلى بروح المبادرة والابتكار، مضيفة أن الثروة الحقيقية لإفريقيا تكمن في طاقاتها وكفاءاتها الشابة. وأبرزت العراقي، التي تشغل منصب مديرة التكنولوجيات الحديثة والابتكار والبحث والتنمية الرقمي بالوزارة، أن الوصول إلى التنمية الاقتصادية المنشودة داخل البلدان الإفريقية يمر عبر تنويع نسيجها الإنتاجي، واستثمار الأفكار الجديدة، واعتماد مقاربات مبتكرة في هذا الشأن. وهو ما يفرض، برأيها، مرافقة المقاولين الشباب اعتبارا للدور الذي يمكن أن يقوموا به في ما يخص تجسيد قيم الابتكار، سواء تعلق الأمر بتسويق وترويج المنتجات والحلول المبتكرة، أو ببلورة أفكار جديدة يمكن استثمارها وتحويلها إلى مشاريع عملية، وذلك بالاستعانة بمراكز ومؤسسات البحث العلمي. وتابعت أن برنامج "غيف وان بروجيت"، الموجه إلى الكفاءات الشابة لتشجيعها على الابتكار والانخراط في التنمية المجتمعية، عمل منذ انطلاقته على منح الشباب الإفريقي القدرة على المساهمة في بناء مجتمعات قوية وإيجابية، من خلال برامج موجهة لمحاربة المجاعة، وتعميم الولوج إلى الصحة والحق في السكن، ونشر قيم المواطنة، وتمكين السكان من الخدمات القضائية، وضمان التكوين المهني والتعليم، والتحفيز على إنشاء المقاولات وإدماج الشباب. وبعد استعراضها لمجموعة من المبادرات الحكومية الرامية إلى تشجيع الشباب على الابتكار والمبادرة في المجال المقاولاتي، وتوفير آليات الدعم والمواكبة المالية والتقنية للمقاولين الشباب، أشارت إلى أن المغرب يشهد حاليا دينامية كبيرة في مجال احتضان المقاولات الشابة الناشئة والعمل على ضمان استمراريتها. وخلصت إلى أن تحويل المملكة إلى قطب لجلب المقاولات يبدأ من تقييم السياسات والمخططات السابقة لاستخلاص الممارسات الفضلى، وتجميع التجارب والخبرات الناجحة في مجال تدعيم المقاولات الشابة، وإفراز مبادرات مندمجة تقود نحو بناء منظومات اقتصادية مقاولاتية وأخرى خاصة بميدان الابتكار تكون أكثر تطورا ونجاعة. ومن جهته، اعتبر السيد مصطفى أمهال، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة الدارالبيضاء-سطات أن اختيار موضوع ندوة اليوم نابع من قناعة أكيدة بأهمية الشباب في تحقيق التنمية المستدامة على مستوى القارة الإفريقية، التي استطاعت أن تتجاوز موقعها كمصدر للمواد الأولية، نحو سوق اقتصادية واعدة غنية بفرص مهمة للاستثمار والابتكار في المجال المقاولاتي. وفي هذا السياق، ذكر السيد أمهال بالتجربة المغربية الرائدة في مجال تحسين مناخ الأعمال، وتحفيز الشباب على ولوج عالم المقاولة عبر جملة من التدابير القانونية والتحفيزية التي كان لها دور حاسم في الرفع من عدد المقاولين الشباب، وإفراز منظومات اقتصادية متكاملة، مشيرا إلى المهام الجديدة التي باتت تضطلع بها غرف التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب، وفي مقدمتها تطوير النسيج الاقتصادي الوطني من خلال منظومات اقتصادية متقدمة وذات تنافسية عالية. وألح في هذا الاتجاه على أن هذه المنظومات الاقتصادية ستشكل مستقبلا محور التحول الاقتصادي على المستوى القاري بأكمله، مشيرا إلى أن مستقبل إفريقيا "في شباب نشيط ومبدع، يستحق منا كل الدعم والمساندة". من جانبه، أبرز ثيون نيانغ، الرئيس المؤسس للمنظمة العالمية "غيف وان بوجيت"، أهمية فتح المجال أمام الطاقات الشابة لإظهار كفاءاتها وقدراتها في كل المجالات، وفي المجال الاقتصادي على الخصوص، معربا عن اعتقاده في أن الثقة في النفس، والإصرار على تحقيق الأحلام، مفاتيح رئيسية للنجاح وبناء شخصية قيادية قادرة على مجابهة كل التحديات. وسجل في هذا الصدد أن الشباب الأفارقة في حاجة إلى تكوين شبكات من العلاقات فيما بينهم تتيح لهم تقاسم الخبرات والمهارات لإنضاج تجاربهم المهنية والحياتية، مؤكدا أن الشباب الإفريقي لديهم من المميزات والقدرات ما يؤهله لان يكون فاعلا رئيسيا في مسلسل التنمية ليس فقط على المستوى القاري، بل أيضا على الصعيد العالمي وفي ختام الندوة نظم حفل لتوقيع كتاب "ذاكرة متفائل أبدي" لثيون نيانغ، يحكي من خلاله قصة نجاحه، ويستعرض فيه المصاعب والتحديات التي واجهته في حياته الخاصة، وأيضا في مسيرته المهنية، منذ أن وطئت قدماه أرض الولاياتالمتحدةالأمريكية قادما إليها من السنغال من أسرة تضم 20 فردا، إلى أن التحق بالحزب الديمقراطي الأمريكي ليصبح مستشار الرئيس الأمريكي في مجال الهجرة، وما رافق ذلك من نجاحات وإخفاقات أراد تقاسمها مع الشباب من كل أنحاء العالم. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة "غيف وان بروجيت" هي منظمة دولية تضم نحو مائة وعشرين عضوا يمثلون أكثر من عشرين دولة، وتستقطب قيادات شابة في مجالات السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني، من ناشطين سياسيين ورؤساء شركات ومؤسسات دولية. كما تمتلك مكاتب في أكثر من ثلاثين دولة حول العالم.