ودعت الأسرة الرياضية عصر الثلاثاء سميرة الزاولي المسيرة والمناضلة والفاعلة الجمعوية.. وفي الفاجعة رحيل أول رئيسة لفريق ذكوري في كرة القدم وطنيا وعربيا وقاريا. سيمرة نجلة الراحل العربي الزاولي وقعت الميلاد في الملعب البلدي للحي المحمدي "ملعب الحفرة".. وهناك سنة 1961 في الملعب حيث أحدث "باعروب" مدرسة في منتضف القرن الماضي وسط دخان المعامل ومحيط دور الصفيح والكاريانات "كاريان سنطرال"، ونشأت وترعرعت حيث الابداع النضال والتميز في مدار أنجب ناس الغيوان، لمشاهب، تكدة، السهام وفناني العيوط والتمثيل محمد مفتاح، محمد عاطر، حسن فولان.. في هذا المناخ في درب الكدية غير بعيد عن بيت باطمة وعشيق ونومير وعبد الخالق وبوشعيب وخليفة والمدني والغزيويني، هناك عرفت سميرة قضايا المحيط. واقتربت أكثر من أغوار الطاس والدور الريادي للأب الزاولي وهي التي تابعت الحياة اليومية للطاس، الاجتماعات في البيت وسفريات الفريق ونفقات الأب المسكون بحب الطاس واهتمامه بأبناء الآخرين أكثر من ذويه. وعند رحيل الوالد العربي الزاولي حملت سميرة المشعل وسارت على الدرب تعانق المعاناة، وأنذرت حياتها لقضية كرة القدم وتردد الصراخ لإنصاف الوالد الزاولي رجل أعطى حتى العضم والنسيان وعانت الكثير لتخليد الذكرى السنوية لرحيله وبدورها تعذبت في المسار وبلغت نفس المصير. خلال ثمانية وعشرين سنة منذ رحيل الوالد كانت سميرة في صراع مع الزمن وبدعم شبه منعدم تركت فريق الطاس في عز الأزمة سنة 2002، وواجهت حربا خفيفة ومعلنة بشراسة وانتقلت في سنة 2014 إلى التسيير في اللجنة النسوية ضمن اللجنة الوطنية الأولمبية مساهمة بالأفكار والمبادرات ومتحملة التنقلات والاجتماعات وحضور التظاهرات بدون أدنى امكانيات. وتغيب هذه المرأة بعد نضال مرير من أجل كرامة لاعبة كرة القدم وفي زمن أحدثت فيه لجنة وطنية لكرة القدم النسوية في حضن الجامعة وفي زمن تنتظر فيه تنزيل الدستور والمرأة تواقة للمناصفة وتنفيذ الفصل 19. هكذا وفي صراع مع الألم والتشبت بالحياة تطوي سميرة ابتسامتها لعذبة صفحات امرأة مغربية استثنائية وتنهي مشوار الانتصار والانكسار مع من يجلدون الذات وتقول لنا وداعا متخمة بالجراح مخلفة مجموعة من الرسائل والاشارات.. رسائل تفرض الوقوف على مسار إمرأة عصامية مظلومة عاشقة لكرة القدم تغادر اليوم جغرافيا الرياضة إلى براري التاريخ بعد مسيرة جمعوية جاهرت فيها بقضايا اليوم والغد وابتعدت بذلك عن اللذين كانوا معها في خندق النضال من أجل المغرب الرياضي الآخر المأمول المعافى من جراح وأعطاب الماضي.