تحمل المرحوم مسؤوليات متعددة و ظل وفيا ل «الطاس« في ثالث عشر أبريل الجاري حلت الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل الأب العربي الزاولي... نعم في يوم الجمعة كانت الذكرى، ووقفنا على مرور ربع قرن على وفاة المربي والمدرب والفاعل الجمعوي «بالعربي» ومرة أخرى، تحل المناسبة ويظهر الرجل شامخا في فضاءات الحي المحمدي، وفريد زمانه في المجتمع الرياضي المغربي، رجل متميز بصدى العبور. وهكذا بقي الرجل حاضرا في قلب تاريخ كرة القدم الوطنية والمسار الحياتي المحمدي للحي المحمدي - كاريان سانطران. »بالعربي من مواليد 1922 بالشياظمة إقليمالصويرة ظل يتردد على الدارالبيضاء ومنطقة الحي المحمدي عين السبع سائقا لشاحنة نقل الأسماك ولاعبا لنادي «الكوك» الأولمبيك، وهناك في كاريان سانطرال وكغيره من المواطنين الذين حجوا إلى هذه المنطقة محملين بتراكمات وثقافات وإبداعات مشفوعة بطموح كبير، انخرط الرجل في فريق الاتحاد في فترة يواجه فيها المستعمر ويعتمد على مؤسساته التربوية في تأطير الشباب وتحريضه على الدفاع عن الوطن. وكان فريق الطاس في العصبة الحرة رفقة فرق وطنية، العلم، الثبات، الترجي، النيل، الحي الصناعي، الفتح (الرجاء)، نادي الشعب، الوداد، المجد والأطلسي الفلاحي. وكان العربي الزاولي في الأربعينات لاعبا ضمن الرحيل الأول الذي حمل قميص الطاس: بوشعيب ولد الحوات- العربي الكوشي- عبد السلام فريكان- سلام الطوبيس- خماني- محمد سكريني- محمد فادي (العميد). ويعتبر الزاولي من مؤسسي الطاس حيث كان عند توقيع الميلاد لاعبا ومرافقا لثلة من المناضلين والمقاولين من بينهم: امحمد العبدي، عبر الرحمان اليوسفيوعبد السلام بناني. وارتبط إحداث الفريق بهم وطني صرف. ووسط الصفيح الكارياني المحاط بالمعامل وما تنفت من دخان اختار «بالعربي» توقيع ميلاد مدرسة عريقة تحتضن المواهب والطاقات، وتابعنا كيف أبحر الرجل في عوالم كرة القدم مسكونا بعشقها في حياة لم يعرف فيها الهدوء ولا الراحة، وأروع الأمكنة بالنسبة له كان (ملعب الحفرة) ملعب الطاس الذي كلما يغادره يلتحق بملعب آخر، وحتى الحلاق كان يزين رأسه في بيته بالملعب. وفي فصل الصيف عند انتهاء المنافسات الرسمية في الموسم الرياضي يعتكف في الملعب يؤطر دوريات فرق الأحياء والأزقة ليكتشف المبدعين في فجر عمرهم، ومن ملعب الحفرة ينتقل يطوف ملاعب الشانطي - درب مولاي الشريف - ملعب الشابو - ملعب الجيش (إقامة الموحدين) ملعب السيف- الشومينو. وكان الزاولي سابق عصره... مارس التنقيب عن المواهب في منتصف القرن الماضي، وأعد وبرمج التداريب التكوينية المغلقة بأسلوب تقليدي بسيط ورائع في مقر الفريق، كما ساهم في تأهيل اللاعبين ومساعدتهم على الانتقال بحثا عن الأفضل، حيث كانت جل الفرق الكبرى تتغدى من منتوج مدرسته، وأكبر المسيرين يعرفون «ملعب الحفرة» بالحي المحمدي مكان لقائهم بالعربي الزاولي لجلب اللاعبين. وكان الراحل الزاولي يدرك ويؤمن أن الحي المحمدي البقعة الصغيرة، يمكن أن تبرز وطنيا بالرياضة والإبداع، كما فعلت بالنضال الوطني كيف لا، وهي التي أطلق عليها المغفور له جلالة الملك محمد الخامس اسم «الحي المحمدي»، كما أطلق الفرنسيون على جلالته طيب الله تراه إسم «سلطان كاريان سانطران»، وحاول الزاولي تكوين النادي المتعدد الفروع وتعزيز كرة القدم بفروع ألعاب القوى الملاكمة، تنس الطاولة، رفع الأثقال الهوكي، كرة السلة، كرة اليد، الجمباز، وسباق الدراجات، كما انفتح على الفنانين ومختلف المبدعين. ولا أحد ينكر قيمة فريق الطاس في مساره بالقسمين الأول والثاني في الدوري الوطني، وارتباطه باسم العربي الزاولي، الرجل الذي أطر ودرب وربى وكون واختار الاعتناء بأبناء الآخرين على غرار الزهاد والمتصوفة. وتحمل مسؤوليات في الجامعة وعصبة الشاوية وودادية المدربين، كما تلقى تكوينا في تداريب مكثفة في المغرب وخارجه... وظل متميزا بالذكاء والإلتزام وحب «الطاس» وغادرنا في أبريل سنة 1987 في غفلة منا و من الزمن مخلفا رصيدا محترما محملا بالتضحيات والبذل والعطاء، ومخلفا عائلته: رفيقة دربه فاطمة خير وأبنائه بعد أن عاش فقيرا، عفيفا عارفا بشؤون الرياضة، وتحل ذكرى الرحيل اليوم وفريق الطاس يصارع بدعم أبنائه عبد الرحمان موطيب ومن معه بهدف استرجاع أمجاد ضائعة، بالعربي، هل تسمعني؟ فريق الطاس ينافس ويصارع الإستمرار في الحياة بدون موارد قارة، لا عقارات ولا دعم من الإحتضان والإستشهار، وحدهم مسؤولوه يحملون همومه ويسعون لإعادته إلى حظيرة الكبار. ولازال الوفاء والاحترام والتقدير رأس مال الطاس كما كان متجدرا في قلوب محبيه الشرفاء. إنها ذكرى «يا زاولي» والأمل أن يستمر الفريق ويستمر الوفاء الذي اعتمده الأسلاف.