صادق مجلس المستشارين أول أمس في جلسة عمومية على مقترح يقضي بتعديل المادتين 46 و 53 من نظامه الداخلي، والمتعلقتين بعدد أعضاء كل فريق، وأعضاء كل لجنة من اللجن الدائمة، وبموجب ذلك صار الفريق يتشكل من ستة مستشارين كحد أدنى بدل اثني عشر كما كان في النظام الداخلي المعمول به قبل المصادقة على التعديل. لا يهم كثيرا هنا التوقف عند تبدل المواقف وتغير المطالب والسقوف بالنسبة لأحزاب وفرق كانت قبل سنوات قليلة تصر على رفع عتبة تشكيل الفرق في مجلس النواب مثلا، وخاضت كثير حروب كلامية ومزايدات من أجل ذلك، لكن اليوم عند طرح الموضوع نفسه على صعيد الغرفة الثانية صمت كل هؤلاء و"اختلوا إلى شياطينهم"غير آبهين بتورطهم في التناقض... إن تشكيل فريق يتيح لأعضائه إمكانات أكبر للتعبير عن الرأي والمساهمة في أعمال المجلس، ومن ثم يساعد على تجسيد التعددية السياسية والحزبية داخل المؤسسة التشريعية، لكن لوبيات الحسابات الصغيرة عندنا بإمكانها أن تخترق حتى أرقام ومعادلات الحساب، ولهذا لما تقدم حزب التقدم والاشتراكية، من خلال المستشارين عبد اللطيف أوعمو وعدي الشاجري، بمقترح تخفيض العتبة المطلوبة لتشكيل المجموعات من ثلاثة مستشارين إلى اثنين، بدا أن المبادئ لم تكن لدى اللوبيات هي الحافز، وإنما مرة أخرى حسابات الصغار. نقبل بتخفيض عتبة تشكيل الفرق بالنصف لأنها ستمكن الحزب الفلاني والحزب العلاني من التواجد والتمثيل و...الكلام، ولكن نرفض قطعا نقص العدد المطلوب لتكوين مجموعة ولو بعضو واحد لأن ذلك سيحول العضوين التقدميين إلى مجموعة، وسيكون من حقهما... الكلام، وهذا لا نريده هنا والآن. مرة أخرى بعض عقليات التحكم تخسر تمرين الحساب، واكتفت بالاحتكام إلى أنانياتها الباتولوجية، أي أنها بقيت تبحث عن أي ثقب لتسرب منه انتقامها من الحزب التقدمي جراء إصراره على مواقفه وقراراته المستقلة، أو ردا على انتقاداته الموضوعية والصريحة لانتشار المال الحرام في انتخابات مجلس المستشارين، لكنها نسيت أن كل هذا حساب صغير جدا، وأن نضالية المستشارين التقدميين وكفاءتهما لا علاقة لها بالانتظام في مجموعة أو في فريق، تماما كما كان الأمر عليه الحال مع الفقيد علي يعتة لما كان النائب البرلماني الوحيد عن الحزب أو لما أضيف إليه المناضل إسماعيل العلوي في ولاية لاحقة. لقد جرى رفض مقترح التقدم والاشتراكية بلا أي تفكير رصين في دلالته، وتم قبل ذلك استبعاد الحزب ومنتخبيه من كل المشاورات المتعلقة بهيكلة الغرفة الثانية في تركيبتها الجديدة، وخصوصا فيما يرتبط بتكوين الفرق والمجموعات، ولم يجر الانتباه إلى أن الأمر يتعلق قبل كل حساب بصوت سياسي وحزبي هو موجود فعليا وواقعيا في البلاد، وإقصاؤه لا يمكن تفسيره إلا بكونه عداء للسلوك الديمقراطي وللتعددية والانفتاح، أي لأهم قيم ومرتكزات الفكر الحداثي، كما هو متعارف عليه كونيا. التاريخ يسجل ويواصل سيره إلى الأمام، والتقدم والاشتراكية مستمر في الدفاع عن التعددية السياسية والفكرية كما كان دائما، وهو لا يبالي لا بمن يعيش معاناة مع تحولاته الإيديولوجية ولا بمن لا يفهم الحداثة والتعددية والديمقراطية سوى أنها مجرد خطب وشعارات و...كلام الديمقراطية والتعددية هما القول والفعل معا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته