«في جلسة المصادقة على مشروع قانون يوافق بموجبه على«سيداو صادق مجلس النواب، في جلسة تشريعية عمومية الثلاثاء الماضي، بإجماع النواب الحاضرين، على مشروع قانون رقم 125.12 يوافق بموجبه على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الموافق عليه بنيويورك في 6 أكتوبر 1999 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتميزت الجلسة بمداخلة فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، استعرضت فيها النائبة نعيمة بوشارب عضوة الفريق، مجمل التحديات التي تعوق بلوغ بيئة تدعم حقوق النساء، ودعت إلى وضع آليات لحماية النساء والفتيات من كل أشكال التمييز والعنف، وضمان المساواة الفعلية بين الجنسين على أرض الواقع، ومحاربة كل ما يمكنه أن يمس بالحقوق الإنسانية للنساء. فيما يلي النص الكامل للمداخلة: السيد الرئيس؛ السيدات والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ يشرفني أن أتناول الكلمة باسم فريق التقدم الديمقراطي، في هذه الجلسة المخصصة للمصادقة على كل من مشروع القانون 12-125 المتعلق بالبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، و مشروع القانون 126.12 المتعلق بالبروتوكول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وتعتبر هذه لحظة تاريخية بحق ومتميزة، نهنئ أنفسنا عليها ، وخطوة أخرى على طريق المساواة . إننا في فريق التقدم الديمقراطي ، نعتبر أن المغرب اليوم بمصادقته على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تعتبر خارطة طريق منذ اعتمادها سنة 1979 فيما يتعلق بإقرار الحقوق الإنسانية للنساء والنهوض بأوضاعهن، قد خطى خطوة أخرى في تأكيد خياره الاستراتيجي نحو بناء دولة الحق والقانون، وذلك وفق إرادة سياسية تؤمن بأن ضمان تكافؤ الفرص لكل المواطنات والمواطنين هو رافعة أساسية لتحقيق التنمية وإقرار السلم الاجتماعي . إن المغرب كثف مجهوداته الرامية إلى ترسيخ حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء بوجه خاص، وبالتالي فالمصادقة هذه ، تأتي في إطار استكمال انخراط بلادنا في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، والوفاء بالتزاماتها من خلال تفعيل مقتضيات دستور 2011 على مستوى الضمانات بالتمتع بالحقوق والحريات، لكننا بقدر ما نعبر عن سعادتنا لهذه اللحظة، فإننا لازلنا نعيش التداعيات السلبية لحادثة فتاتي إنزكان، التي نندد من جديد بما تعرضتا له، حيث تصبح الضحية متهمة بفعل ثقافة التمييز والعنف ضد النساء والفتيات. ونحيي بهذه المناسبة الفتاتين المتهمتين على صمودهما وصمود كل المساندات والمساندين لهما في هذه المحنة المجانية. إنها لحظة تعزيز الاختيار الديمقراطي كأحد الثوابت الأربع التي تستند عليها الدولة في الحياة العامة، وكذا التوجهات الإستراتيجية لحماية منظومة حقوق الإنسان والنهوض بها، والحقوق الإنسانية للنساء كجزء لا يتجزأ منها. إن قرار المصادقة، الذي تم اتخاذه من طرف المجلس الوزاري، المنعقد بتاريخ 9 شتنبر 2009 نص على الآليات الثلاثة التالية: - البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. - البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. - البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما أن الحكومة اعتمدت هناته البروتوكولات منذ سنتين ونصف أي في سنة 2012. إن انضمام المغرب لهذين البروتوكولين يعتبر بالتالي تعبيرا عن التزام سيادي وطوعي للمغرب، ولا يشكل بأي حال من الأحوال خرقا للثوابت الجامعة التي تستند عليها الأمة في حياتها العامة، والمنصوص عليها في الفصل الأول من الدستور، وبالتالي فإن توطيد النظام الوطني لحماية حقوق الإنسان سيمكن من تعزيز وسائل الطعن على المستوى الداخلي بشكل متكامل مع سبل الانتصاف التي جاء بها البروتوكولان الاختياريان. فيما يتعلق بمشروع القانون 125.12 المتعلق بانضمام المغرب للبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فإننا نعتبر هذا اليوم تاريخيا، ونهنئ أنفسنا عليه، بالنظر لمسار هذا البروتوكول، منذ اعتماده في سنة 1999 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودخوله حيز التنفيذ في سنة 2000 ، حيث تم إلى اليوم ، التوقيع عليه من طرف 80 دولة و الانضمام إليه من طرف 106 دولة، حيث سيصبح بلدنا الدولة 107 بعد المصادقة عليه، والدولة الطرف 116 في البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبالنظر إلى أثر هذه المصادقة على مناهضة التمييز والعنف ضد النساء، لأنه فضلا عن بعده الحقوقي والقانوني، فهو ذو بعد بيداغوجي في اتجاه نشر ثقافة المساواة. وهي مناسبة نوجه من خلالها، التحية لكل القوى السياسية الحية، وللمنظمات النسائية والحقوقية التي عملت بشكل متواصل ، على الترافع من أجل الوصول لهذه اللحظة. إن البروتوكول الاختياري هو إحدى آليات تعزيز تفعيل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء (السيداو)، يعتبر آلية مهمة لتفعيل اتفاقية (السيداو) والتصدي للانتهاكات الفردية والجماعية لحقوق النساء ومناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، ولا يتعلق الأمر بمعاهدة معيارية بالنظر لكونها لا تنشئ حقوقا جديدة، وليس مضمونه الذي يحدد الحقوق الإنسانية للنساء، إنه آلية من الآليات الهامة لمراقبة احترام حقوق الإنسان، وآلية من آليات الانتصاف تعطي الحق للنساء والفتيات، اللجوء للجنة (السيداو) في حالة التعرض لانتهاك حق من حقوقهن، بعد استنفاذ كافة سبل الانتصاف الوطنية. إن ما نريده هو ألا تصل امرأة أو فتاة واحدة لوضع شكاية لدى لجنة السيداو. هذا هو المبتغى ، وأن تضمن لهن حقوقهن وكرامتهن وتتم حمايتهن ضد العنف والتمييز في كل المجالات. وبمصادقتنا اليوم، سيتم تعزيز التراكمات التي حققتها بلادنا في هذا المجال على المستوى التشريعي والمؤسساتي من خلال الانضمام لأهم الاتفاقيات والبروتوكولات الملحقة بها ، واستقبال المقررين الخاصين والإجراءات الخاصة، ثم احترام دورية التقارير أمام لجن المعاهدات. ما أريد التأكيد عليه، وباسم فريق التقدم الديمقراطي وحزب التقدم والاشتراكية ، هو ما ورد في الرسالة الملكية الموجهة للمنتدى العالمي الثاني لحقوق الإنسان بمراكش ، الذي انعقد ببلادنا في شهر نونبر الماضي، والذي ما مفاده أن بلادنا لم تعد «مستهلكة « للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان كما أكد عليها جلالة الملك الراعي الأول للمساواة، بل أصبحت مشاركة في بناء هذه الاتفاقيات، انطلاقا من الممارسات الجيدة في مجال العدالة الانتقالية مثلا، اتفاقية محاربة الاختفاء القسري، والتفكير في قضايا صاعدة وجديدة كالمقاولة وحقوق الإنسان، وكذا إعداد مؤشرات لمدى احترام حقوق الإنسان. السيد الرئيس؛ السيدات والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ إن مأسسة المساواة وحقوق النساء والنهوض بأوضاعهن كما تنص عليها اتفاقية «سيداو»، والبروتوكول الاختياري الذي يعتبر تعزيزا لها، يعد قيمة مؤسسة للمشروع المجتمعي الديمقراطي الذي يطمح له المغرب اليوم، خاصة بعد القفزة النوعية التي حققها دستور 2011 في مجال حقوق النساء وقضايا المساواة والمناصفة. ونحن في فريق التقدم الديمقراطي، وحزب التقدم والاشتراكية نعتبر أن انضمام بلادنا إلى البروتوكول الاختياري، يعد خطوة نوعية ، تندرج في صميم التزام المغرب بالخيار الديمقراطي، من خلال استكمال مسار انخراطه في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان، وكذا تنفيذا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، فيما يتعلق بإقرار حقوق الأفراد والمجموعات، وخاصة حقوق النساء. كما نعتبر أن هذه المبادرة تعد قرارا سياسيا ينسجم مع التزامات ومواقف وتصريحات المغرب الدولية، ويستجيب لمطالب القوى السياسية الحية والحركة الحقوقية والنسائية المغربية، من أجل استكمال مبادرة المصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ونعتبر في فريقنا، أنه لا يمكن فصل هذه المبادرة عن جهود الإصلاح التي يعرفها مغرب اليوم، ولا عن النضال الطويل الذي خاضته الأحزاب السياسية الديمقراطية، وفي مقدمتها حزبنا، حزب التقدم والاشتراكية، الذي جعل مسألة المساواة مسألة مبدئية، في صلب معاركه النضالية وتحقيق العدالة الاجتماعية، من أجل ضمان مساواة فعلية بين الجنسين. والمصادقة اليوم على البروتوكول الاختياري الملحق، هي بمثابة التزام علني، من طرف المغرب بالسير قدما على طريق المساواة في اتجاه ما يضمن للنساء تمتعهن بحقوقهن في كافة المجالات. إن التحديات كبيرة ومتعددة، ونحن مطالبون اليوم بإيجاد بيئة تدعم حقوق النساء، من خلال برامج وهياكل وآليات لحماية النساء والفتيات من كل أشكال التمييز والعنف، وضمان المساواة الفعلية بين الجنسين على أرض الواقع، ومحاربة كل ما يمكنه أن يمس بالحقوق الإنسانية للنساء، و نستغل هذه المناسبة لنتوجه بندائنا للحكومة، من أجل التسريع بما يلي: - اعتماد الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان، كإطار استراتيجي مندمج لحماية والنهوض بحقوق الإنسان بصفة عامة، والحقوق الإنسانية للنساء بصفة خاصة. الإسراع بإخراج مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، ومشروع القانون لمناهضة العنف ضد النساء إلى حيز الوجود. مراجعة مسودة القانون الجنائي، على مستوى بنية المسودة وتبويبها ومضامينها باعتبار العنف ضد النساء والفتيات، مسا وانتهاكا لسلامتهن الجسدية والمعنوية وليس انتهاكا للآداب العامة ولنظام الأسرة، وبما يضمن الحقوق الإنسانية وملاءمتها مع مضامين الدستور في مجال الحريات الفردية والجماعية. الشروع في رفع التحفظات المتبقية على اتفاقية السيداو. علما أن ما يطرح اليوم هو ملاءمة التزاماتنا مع مقتضيات الدستور والفصل 19 أساسا. نشر ثقافة المساواة بجعل الخطابات والسلوكيات والممارسات تترجم الالتزامات على مستوى القوانين، وعدم التساهل مع كل من ينصب نفسه بدلا عن القانون والمؤسسات؛ وهذا طبعا يتطلب وباستمرار مرافقة القوانين، من خلال ضمان تفعيلها والتصدي للصور السلبية والنمطية للمرأة، سواء في المناهج الدراسية أو في وسائل الإعلام والإشهار، والتي ما يزال انتشارها يساهم في تعزيز المواقف المتسمة بالتمييز ضد النساء والفتيات. وفي السياق ذاته، لا يفوتنا أن نثمن الإصلاحات التشريعية التي همت صورة المرأة في الإعلام التي صادقنا عليها مؤخرا، ونتطلع إلى المزيد من تحسين صورة المرأة ومحاربة الصورة النمطية التي ارتبطت بها إعلاميا. كما ننوه أيضا بالمكتسبات التي تم تحقيقها على مستوى التمثيلية النسائية في المجالس المنتخبة لتصل إلى نسبة 27% بعد أن كانت هذه النسبة قد بلغت 12.38% أي أن النسبة ارتفعت إلى أكثر من 100 /100 بعد أن كانت لعقود لا تتعدى 0.56 %. إن انضمام بلادنا للبرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء، وكذا البروتوكول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، نعتبره في فريق التقدم الديمقراطي، حافزا لضمان حماية الحقوق والنهوض بها، واحترام كرامة المواطنين والمواطنات، لهذا سنصوت وباعتزاز بالإيجاب على مشروعي القانونين، وندعو إلى فتح نقاش حول الانضمام للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد . ولا يسعنا في نهاية هذه المداخلة إلا أن نتقدم بالشكر للسيدة الوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون ،على الجهود التي بذلتها خلال مسار التصديق على هذه الاتفاقية التي انبثقت لا محالة عن قناعة راسخة لدى السيدة الوزيرة ومن خلالها لدى الحكومة بقيم المساواة والنهوض بأوضاع النساء، وبناء الدولة الديمقراطية التي نسعى جميعا إلى المساهمة في بناء صرحها . وشكرا على حسن إصغائكم